جاء الدكتور محمد مرسي رئيسا لمصر بعد ماراثون طويل من الانتخابات الرئاسية. في البداية لم يكن وارداً في خيال الدكتور مرسي أن يرشح نفسه للانتخابات.. ولكن احتمالية عدم قبول ترشح خيرت الشاطر مرشح الإخوان المسلمين جعلهم يتقدمون بمرشح احتياطي وهو مرسي خشية استبعاد الشاطر.. وقد صدق حدسهم فقد استبعدت لجنة الانتخابات الرئاسية خيرت الشاطر لعدم حصوله علي العفو الشامل بحكم من المحكمة عن كل القضايا التي أدين فيها من قبل.. وجاءت الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية بين 13 مرشحاً كانت جولة شرسة لقوة المرشحين وخاصة حمدين صباحي والفريق أحمد شفيق وعبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد مرسي. وكانت الإعادة بين الدكتور مرسي الذي جاء أولا والفريق شفيق.. لتأتي المرحلة الثانية من الانتخابات أكثر سخونة لان الإخوان حشدوا كل أسلحتهم من أجل إنجاح مرشحهم وكذلك حشدت بعض القوي الليبرالية قواها لنصرة الفريق شفيق.. وجاءت الانتخابات في جو من الديمقراطية لم تشوبها إلا بعض الشوائب من الطفل الدوار والورقة الدوارة وتسويد بعض البطاقات في المطابع الأميرية.. وتأخر إعلان النتيجة بسبب الطعون المتبادلة من المرشحين لتعلن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فوز الدكتور محمد مرسي بفارق 900 ألف صوت عن منافسه أحمد شفيق.. ليصبح الدكتور مرسي أول رئيس مدني لمصر منتخبا انتخابا ديمقراطياً حراً بغض النظر عن قناعة البعض أو عدم قناعة البعض الآخر فتعظيم سلام لرأي الشعب وتحية لرأي الصندوق الذي جاء معبراً عن أغلبية لصالح مرسي. وجاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية في ظل أزمة الإعلان الدستوري المكمل الذي رفضه البعض من القوي السياسية وطالبوا بإلغائه .. ولكن الدكتور مرسي كان من الحكمة والفطنة بأن التزم القسم ليصبح رئيساً فعلياً للجمهورية أمام المحكمة الدستورية العليا طبقاً للإعلان المكمل.. ثم أقسم أمام الجماهير في ميدان التحرير وأعاد القسم مرة أخري أمام الاحتفالية التي أقيمت في قاعة الاجتماعات الكبري بجامعة القاهرة.. ومنذ أقسم الرئيس وتوليه الحكم واستقالة حكومة الدكتور كمال الجنزوري والأحداث تمر بطيئة بسبب الإيقاع البطىء جداً الذي يدير به رئيس الجمهورية شئون البلاد.. لقد جاء الرئيس محمد مرسي بخطة عمل خلال المائة يوم الأولي من حكمه ومر أكثر من 6 أسابيع ولم يبدأ تنفيذ خطته إلا من خلال مناشدات للشعب بالتعاون وكلام لا يسمن ولا يغني من جوع.. خطة الرئيس تمثلت في تحقيق الأمن وحالته الآن لا تسر عدوا ولا حبيبا بسبب سطوة البلطجية والباعة الجائلين في الشارع والمشاجرات العنيفة بين العائلات والأسر.. والوقود الذي وعد بحله مشاكله لم يتم ذلك وطوابير البوتاجاز والبنزين والسولار خير دليل علي ذلك.. حالة رغيف الخبز مازالت سيئة ولم يطرأ عليه تغيير لا في نوعية أو جودته رغم أن هناك حلا بسيطا وهو رفع سعر رغيف الخبز إلي عشرة قروش وتحسين جودته ساعتها سيكون أكثر إفادة للمواطن والدولة.. ولكن هل يجرؤ أي مسئول علي هذه الخطوة لتوفير مليارات الجنيهات التي تقدم علفاً للماشية أو ترمي في صناديق القمامة .. حالة النظافة في غاية السوء وخاصة في المناطق الشعبية والعشوائية رغم المبادرات الشعبية من المواطنين للتنظيف ولكن الأصل في الموضوع ان الحكومة شرعت قانوناً لتحصيل رسوم القمامة مع فواتير الكهرباء.. لذلك يجد المواطن من حقه الحصول علي الخدمة التي يدفع رسومها ولا يحصل عليها لذلك من باب العند يقوم بإلقاء قمامته في أي مكان لعدم وجود صناديق لها وقيام الشركات بالنصب عليه حين امتنعت عن جمعها من المنازل والشوارع.. وآخر وعود الدكتور مرسي في برنامجه قصير الأجل هو حل مشكلة المرور التي لم ولن تحل إلا بتطبيق حازم للقانون علي الجميع وعدم التجاوز عن المخالفات تحت ضغط الوساطة والمحسوبية أو الرشوة فهل ينجح الدكتور مرسي في فرض النظام في الشارع؟ ولأن رئيس الجمهورية وعد بتحقيق هذه المنظومة الرائعة في مائة يوم ولم يتحقق منها شىء حتي الآن.. جاء المحللون من جماعة الإخوان ليزفوا إلينا ان برنامج الرئيس يبدأ بتطبيقه بعد تشكيل الحكومة الجديدة وربنا يدينا العمر فلماذا الاستعجال؟ لأنهم يعايروننا أننا انتظرنا 30عاما في ظل حكم مبارك وبالتالي ليس هناك مشكلة لو انتظرنا 30 شهراً أو انتظرنا 4 سنوات هي مدة حكم الرئيس مرسي ثم نحاسبه!!.. هكذا بدأوا يتملصون من وعودهم فكيف سيحققون برنامج النهضة الذي وعدوا فيه بنقل مصر نقلة بنقل مصر نقلة حضارية.. فكم في الوقت سيستغرقون في التنفيذ إذا كانوا لم يبدأوا أصلا في تنفيذ برنامج المائة يوم.. وخاصة ان الرئيس مرسي تعامل ببطء في أمر تشكيل الحكومة التي كان الإخوان يضعونها كل تحت البلاطة وجاهزين للخروج بها منذ أربعة شهور رفضت حكومة الدكتور الجنزوري وطالب مجلس الشعب بسحب الثقة منها.. فكيف يكون الإخوان والحرية والعدالة جاهزين منذ شهور بحكومة بديلة لحكومة الجنزوري.. وحين يأتي الجد ويقوم الدكتور مرسي بتشكيل حكومة يأخذ كل هذا الوقت الطويل فأين حكومة تحت البلاطة التي أعدوها مسبقاً هل تبخرت أم أنها نظريات للاستهلاك المحلي ودغدغة أحلام المواطنين؟ لا أحد ينكر أن الدكتور مرسي رجل طيب وهادئ وجاءت الرئاسة له ابتلاء من الله.. ولكن هناك فرقا بين أن عضواً في جماعة الإخوان المسلمين أو رئيساً بحزب الحرية والعدالة ذراعها اليمني وأن يصبح رئيسا للجمهورية.. الإيقاع البطىء لا يصلح لإدارة شئون البلاد.. وخاصة ان الحالة الأمنية مطلوب ان ترتفع حتي يتحسن الأداء الاقتصادي المتدهور.. حتي تعود السياحة وحتي يعود الاستثمار وحتي تعود المصانع المتوقفة عن العمل.. الشعب ينتظر قرارات عاجلة للرئيس مرسي لتدور عجلة الإنتاج ويتحسن الأداء الاقتصادي بعد ان أصبحنا علي حافة الإفلاس.. لابد من تشجيع الجميع علي العمل وإزالة كل المعوقات أمام المستثمرين.. ليس مطلوبا من المستثمر ان يدوخ السبع دوخات لكي يخرج مشروعه إلي النور.. لابد من السرعة والحسم في فترة زمنية لا تزيد علي أسبوع واحد حتي يحصل المستثمر علي التراخيص اللازمة لمشروعه.. انسفوا الروتين فالوقت لم يعد في صالحنا ولا تراهنوا علي ان الرئيس أمامه 4 سنوات في الحكم فقد تنقلب الأمور بين لحظة وأخري لان الشعب لن يصبر طويلا.