يندى الجبين حزنا ووجعا عندما يتم إقتحام المستشفيات والتعدى السافرعلى الأطباء والممرضات ، ثم تكسيركل ماتطاله يد البلطجة والإجرام الذين ينتشرون فى كل شبر من أرض مصر والذين باتوا يروعون الآمنين ويهددون مرضاهم ، المجرمون المدججون بالخرطوش والأسلحة البيضاء حولوا أقسام الطوارئ والإستقبال الى معارك كر وفر ، ولامانع من حبس الأطباء حتى يمتثلون لأوامر البلطجية ، لم يسلم من شرهم مرضى الحالات الحرجة فيتعدون عليهم بالضرب رجالا ونساء يحطمون الأجهزة الباهظة الثمن التى تكلف الدولة الملايين ، وكم من مريض ربما فقد حياته لعدم توافر تلك الأجهزة فى بعض المستشفيات ، الرضع والصغار عرضة للخطف من المسترين بالنقاب والذين يدخلون ويخرجون دون الإستعلام عن هويتهم ، يفرض البلطجية سطوتهم على المرضى بفرض الإتاوات وأصبحت لتجارة المخدرات سوقا رائجة داخل العنابر ، الباعة الجائلين يبحثون عن لقمة عيشهم أمام غرف العمليات ،المتسولون يمدون الأكف للمواطنين بعدما احتلوا السلالم والممرات ، إلى متى تتكرر تلك المأساة فلا أمن ولا أمان بالمستشفيات الحكومية والجامعية ؟ إقتحام مستشفى المنصورة الدولى فى الفجر وإطلاق أكثر من خمسين بلطجى الأعيرة النارية وتحطيم أرجاء المستشفى وإرهاب المرضى وطاقم العاملين به ، أمر لم يعد يفيد السكوت عنه ، ومنذ أيام تكرر نفس السيناريو بمستشفى القصر العينى ، وفى الإسماعيلية تم إغتصاب مريضة كانت تنزف من جراء تعرضها لحادث أليم ، وتقول إدارات المستشفيات أن الشرطة كعادتها تصل متأخرة مما يعطى الفرصة للخارجين عن القانون أن يهربوا بجرائمهم دون عقاب رادع لكننا لانستطيع أن نتهم الشرطة بالتقاعس عن آداء الواجب ، ونحن ندفن كل يوم شهداء الشرطة الأوفياء من أجل الواجب الوطنى ، فى ذات الوقت التى يروى شهود عيان أن الشرطة لاتستجيب وتقصر فى الحفاظ على الأمن عامدة متعمدة ، فعلى سبيل المثال عندما حدثت مجزرة المنوفية وقام مجموعة من البلطجية بقتل ستة بلطجية آخرين شهد أحد المواطنين أن رد الشرطة كان الآتى : إما أن تجهزوا عليهم أو يجهزون عليكم ، فهل هناك خلل فى المنظومة الأمنية لاندرى عنه ، هل مازال تأمين المستشفيات والمرافق تأمينا هزيلا ؟ هل المطلوب هو وضع شرطى مرافق لكل مريض وكل طبيب وممرض ؟ هذا مستحيل ، هل إضراب الأطباء والتلويح بالتوقف عن العمل لحين تأمينهم وحمايتهم من التعدى بالضرب والسب والعمل فى جو خانق لايسوده الأمان هو الحل ؟ فى هذه الحالة الخاسر الوحيد هو المريض أو المصاب الذى يكون عامل الزمن ضده إن لم يتم إسعافه وتضميد جراحه ، ، لن يجدى نفعا أيضا تحرير محاضر بتلك المهازل طالما لم تكن هناك استجابة فعلية وسريعة لإنقاذ الأطباء والممرضات من براثن المجرمين ، كنا نلوم على الفوضى التى عمت البلاد بعد الثورة من سرقات وخطف وقتل وثأر بشكل بات ينبئ بالخطر لكننا إستبشرنا خيرا بعد إنتخاب رئيس للبلاد ووضعنا فيه الأمل خاصة بعدما وعدنا أن الملف الأمنى من أولوياته وأنه بمجرد جلوسه على سدة الحكم ربما من اليوم الثانى سوف نلمس هذا التغيير على الأقل تدريجيا والذى يبدأ بالمرور أولا أى سنشعر بالنظام ونطبق الشعار( القيادة فن وذوق وأخلاق ) نتعود على الإلتزام بالقواعد يعم الهدوء كل الربوع ، فننام وقد قرت أعيننا ، فالأمان أهم من الخبز دائما ، إلا أننا لم نشهد حتى الآن أى تغير يلوح فى الأفق ، بل باتت الجرائم أشد عنفا وهذا أمر طبيعى طالما سمح بتسلق أسوار قصر الرئاسة والإلتفاف حوله للمطالبه بالإستحقاقات ، طالما نردد كل لحظة أن التظاهر حق مكفول للجميع ، طالما تلاشى دور المثقفين والنخبة وتفرغوا للملاسنات ليفقدوا إحترام الجماهير التى أولتهم ثقتها ووضعتهم فى مراتب متقدمة وهم ليسوا أهلا لها ، ولم نعد نفهم ماذا قدمت النخبة للمجتمع المنهك ماديا ومعنويا فى أمس الحاجة لمن يأخذ بيده ويعطيه جرعة من الأمل ،النخبة لاتملك سوى الجمل الرنانة التى لايفهمها المواطن البسيط فأصبح يرددها خلفه دون وعى ، والحل لكل كوارثنا التى لاتنتهى تطبيق القانون بشدة وحزم والضرب بيد من فولاذ على كل من تسول له نفسه إشاعة جو الخوف والقلق حتى لاترى مصر إستقرارا ونظل ندور حول مشاكلنا التى لاتلوح نهاياتها ، من يسعى لإجهاض ثورتنا العظيمة ، هناك فرق شاسع بين الحرية ونشر الفوضى ، بين التظاهر برفع لافتة لها مايبررها وفى مكان محدد ومسموح فيه بالتظاهر وأن تكون المطالب مشروعة وبين قطع الطرق وتدمير المنشآت والتطاول على الرموز بالعبارات الخادشة للحياء على اسوار المنشآت والمرافق ، نعيش الآن دون ضوابط تحكمنا ، الكل يسير حسبما يتراءى له ، الكل يفتى ويخطط وينفذ فغابت دولة القانون ، أصبحت الجثث تلقى فى القمامة كالمخلفات ، نشعر بأن البيت الذى تهدم نقسمه ومازال أشلاء بعدما فقدنا الصبر فى إعادة البناء