وداعاً الباجى قايد السبسى «رفيق بورقيبة».. ومحطم أحلام الإخوان رئيس مجلس النواب يتولى الرئاسة مؤقتاً حتى إجراء الانتخابات الرئاسية أعلنت رئاسة الجمهورية فى تونس، أمس الخميس، وفاة الرئيس الباجى قايد السبسى فى المستشفى العسكرى بالعاصمة تونس، عن عمر ناهز 93 عاماً، بعد تعرضه لوعكة صحية، تزامنت وفاة السبسى مع الذكرى «62» لعيد الجمهورية. ونُقل السبسى إلى العناية المركزة فى المستشفى العسكرى فى ساعة مبكرة من صباح أمس الخميس، بعد وعكة صحية شديدة ألمت به، وكان قد تعرض لأزمة صحية مماثلة فى نهاية يونيو الماضى، دخل على إثرها نفس المستشفى. وقال نجله، حافظ قايد السبسى، إن والده نقل للمستشفى العسكرى إثر وعكة صحية طارئة، ناتجة عن مخلفات التسمم الغذائى الذى تعرض له خلال الفترة الماضية. الدستور التونسي بعد وفاة الرئيس التونسى سيتولى محمد الناصر، رئيس مجلس النواب، وفق الدستور، منصب رئيس البلاد مؤقتا لفترة لا تزيد على 3 أشهر. وينص الدستور التونسى على أنه إذا تجاوز شغور منصب الرئيس مدة 60 يوماً، ويتمثل ذلك فى حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابيا إلى رئيس المحكمة الدستورية، أو فى حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأسباب أخرى تجعل شغور المنصب دائما، ففى هذه الحالة يتولى رئيس مجلس النواب رئاسة البلاد لمدة لا تتجاوز 90 يوماً، حتى إجراء انتخابات رئاسية جديدة. حياة الراحل السبسي ولد السبسى بسيدى بوسعيد فى نوفمبر 1926، تلقى تعليمه بالمعهد الصادقى، وانخرط فى الحزب الدستورى الجديد، وعمره 15 عاماً، بعد حصوله على شهادة البكالوريا، أكمل دراسته فى القانون بجامعة السوربون بباريس. عاد السبسى إلى تونس فى يوليو 1952 والتحق بمكتب المحامى فتحى زهير، تم تكليفه بالدفاع عن الوطنيين الذين مثلوا أمام المحكمة العسكرية. وقد صحبه فى هذا الدفاع مجموعة من المحامين من الحزب على رأسهم توفيق بن براهم وعبدالرحمن عبدالنبى، وبعد نفى فتحى زهير فى مارس 1954، واصل السبسى العمل بمفرده فى مكتب المحاماة. تمت دعوته غداة الاستقلال، بتاريخ 28 أبريل 1956، من قبل الوزير الأول الحبيب بورقيبة إلى ديوانه وتم تكليفه بمتابعة ملف الشئون الاجتماعية، فى يوليو 1956، التحق بديوان كاتب الدولة للداخلية الطيب المهيرى وعين مديرا للإدارة المحلية والبلدية، فى أغسطس 1962 تم تكليفه من قبل الرئيس الحبيب بورقيبة بمهمة تتعلق بالتنظيم المستقبلى للسياحة والصناعات التقليدية فأصبح مديرا للسياحة. أصول الراحل السبسي ترجع أصول الباجى قايد السبسى إلى جزيرة سردينيا الإيطالية جُلب إلى تونس فى عهد البايات. نشأ فى كنف عائلة قريبة من «البايات الحسينيين»، ودرس فى كلية الحقوق فى باريس التى تخرج فيها عام 1950 ليمتهن المحاماة ابتداء من 1952. سياسيا، ناضل الباجى قايد السبسى فى الحزب الحر الدستورى الجديد منذ شبابه وبعد الاستقلال عمل كمستشار للزعيم الحبيب بورقيبة، ثم كمدير إدارة جهوية فى وزارة الداخلية. وفى 1963 عين على رأس إدارة الأمن الوطنى بعد إقالة إدريس قيقة على خلفية المحاولة الانقلابية التى كشف عنها فى ديسمبر 1962. عام 1965 عين وزيرا للداخلية بعد وفاة الطيب المهيرى، وقد ساند من منصبه التجربة التعاضدية التى قادها الوزير أحمد بن صالح. تولى السبسى وزارة الدفاع بعد إقالة أحمد بن صالح فى 7 نوفمبر 1969 وبقى فى منصبه لغاية 12 يونيو 1970 ليعين سفيرا لدى باريس، جمد نشاطه فى الحزب الاشتراكى الدستورى عام 1971 على خلفية تأييده إصلاح النظام السياسى وعام 1974 استقال من الحزب، وانضم للمجموعة التى شكّلت عام 1978 حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أحمد المستيري. تولى منصب رئيس الوزراء التونسى منذ 27 فبراير 2011 حتى 13 ديسمبر 2011، وتولى عدة مسئوليات مهمة فى الدولة التونسية بين 1963 و1991. الوصول إلى حكم تونس فى يوليو 2012 أسس حركة «نداء تونس»، وحصل حزب نداء تونس على الأغلبية النسبية فى الانتخابات التشريعية فى 26 أكتوبر 2014 وفاز ب86 مقعدا من مجموع 217، حصل الباجى قايد السبسى فى الانتخابات الرئاسية فى 23 نوفمبر 2014 على المرتبة الأولى بنسبة 39.46% من الأصوات المصرح بها، وحصل فى الجولة الثانية من الانتخابات على 55.68% من الأصوات متفوقاً على الرئيس الأسبق منصف المرزوقى، ليصبح رئيسا للجمهورية التونسية. وفاز السبسى على منافسه المرزوقى، المعارض لحكم الرئيس المعزول زين العابدين بن على بن على، لفترة طويلة والشخصية المدافعة عن حقوق الإنسان، فى انتخابات شهدت استقطاباً حاداً بين الجماعات الإسلامية، ومعارضيهم من مختلف التيارات، ونجح فى إسقاط المشروع الإخوانى فى تونس، وذلك بعد فترة قصيرة من سقوط حكمهم الغاشم فى مصر بعد ثورة 30 يونيو. وأصبح السبسى أكبر قائد لدولة فى العالم، بعد ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية. وحدة تونس كما حصل حزب السبسى، نداء تونس، الذى تشكل منذ فترة قريبة على أغلبية مقاعد البرلمان وقتها ليتجاوز حركة النهضة الإخوانية بزعامة راشد الغنوشي. وأكد السبسى فى خطاب الفوز فى أعقاب حملة انتخابية شرسة على أهمية المصالحة الوطنية متعهداً بأن يكون رئيساً لكل «التونسيين رجالا ونساء». لعب السبسى دوراً مهماً فى مرحلة الانتقال الديمقراطى فى تونس، إثر الأزمة السياسية التى عرفتها البلاد فى 2013 حتى وفاته أمس. وعُرف عن السبسى اقتناعه بأهمية صون كيان الدولة وضرورة احترام المؤسسات، الأمر الذى لم يتناف مع إيمانه بضرورة انفتاح النظام ودمقرطة الحياة السياسية. وحرص السبسى منذ توليه مقاليد الحكم على ترسيخ المسار الديمقراطى وتكريس روح التوافق الوطنى والدفاع عن هيبة الدولة وإعادة تونس إلى وضعها الطبيعى، وتعزيز حضورها على المستويين الإقليمى والدولي.