الجمال عدوهم التقليدى. الخيال عفريتهم الدائم، والإبداع قاهرهم الأبدى، وفاضحهم المعتاد. هكذا كان ومازال ديناصورات الاستبداد من النمرود حتى هولاكو. يملأهم القبح ويعريهم الجمال فيطاردونه مشهدا مشهدا، ومبدعا مبدعا.. مثل ابراهيم قاشوش الشاعر السورى الذى قتلوه ثم انتزعوا حنجرته، ومثل الرسام المبدع على فرزات الذى حطموا أصابعه ، قتل لاعقو أحذية السفاح الأسد الاسبوع الماضى فنانا جميلا بعد حفلة من السحل والتعليق والكى هو النحات وائل قسطون. كان وائل قسطون فنانا زاهدا. يرسم الأمل، ويترجم الألم، ويفتح نوافذ السحر بمنحوتات خشبية تصور الشام بجماله وبهجته وشاعريته. من الطين أبهرت منحوتاته الحس الانسانى العالمى، فأصبح علما يليق بشام الحرية التى أنجبت نزار قبانى وأنبتت محمد الماغوط وأدونيس. فى الثورة اختار «لا» للظلم والقهر والقمع. أبى الرجل أن يوقع بيانات مثقفى الرصيف ومبدعى الدولارات، واختار أن يأوى الى «جبلٍ عاصم ٍ يسمونه الشعب» بتعبير أمل دنقل. بالفن قاوم وناطح وناضل وردَّ الطغيان رافعا شعار «الفن حتى الموت». ولأنه صلب وجميل ورقيق لم يحتمل ظهر وائل قسطون سياط جلادى الأسد، الذين التقطوه من بيته بحمص فخر ساجدا للوطن شهيدا لحريته. فسلام على صاحب الخامسة والخمسين عاما الذى لم ينبطح ولم يجبن، واللعنة على خدم الطغاة من المثقفين وأشباههم. عندما استشهد «قسطون» تذكرت مبدعينا المتحذلقين ومثقفينا المتحولين الذين اعتادوا التصفيق والتلفيق . كنت أعجب كيف امتدت كف الدكتور ج.ع المثقف الكبير لتعانق كف طاغية مجنون اسمه القذافى ؟؟ وكنت استغرب كيف رضى أديب وطني مثل ج.ا أن يكتب روايات بالأجر لتمجيد سفاح قومى هو صدام حسين ! كيف قبل إعلاميون وصحفيون وفنانون – كنا يوما من الايام نجلّهم - أن يدافعوا عن مصاص الدماء فى سوريا الضحية! كم أنت قاس أيها الموت! لكن كم أنت جميل فى كشفك وإفاقتك وتفرقتك بين أصحاب المواقف والمتاجرين بها. ما مات شهدى عطية، ولا المهدى بن بركة، ولا على شريعتى. لقد خلدهم استشهادهم، فطوبى للشهداء ولا عزاء للاعقى الاحذية. والله أعلم.