قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالإعلان الدستورى «المكمل» عودة السلطة التشريعية إلى هذا المجلس، كأثر من آثار صدور الحكم النهائى البائن من المحكمة الدستورية العليا ببطلان المواد الخاصة بالانتخاب بالقوائم الحزبية والفردية مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها كما ورد فى حيثيات الحكم بطلان مجلس الشعب بأكمله!!، ومن ثم كان لا يجوز أن يصدر الرئيس وحده مشروع القانون الذى أوقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة اعتماده ونشره بالجريدة الرسمية، لأنه كان يتعين أن يعرض هذا المشروع بواسطة الرئيس على المجلس المذكورة، وذلك بصفته الذى يتولى السلطة التشريعية، فإذا أقره يعاد إلى الرئيس لإصداره، ولكن هذا الإجراء الحتمى، لم يحدث، وبالطبع لا يصحح بطلان وعدم دستورية هذا المشروع، أن يوقعه وينشره رئيس الجمهورية وحده لأن هذا المشروع يتضمن اغتصاباً لسلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة «المؤسسية» فى تعديل أحكام المادة 60 وغيرها من الدستور المؤقت الصادر فى مارس سنة 2011، وذلك بإعلان دستورى كما فعل المجلس المذكور بأحكام الإعلان الدستورى «المكمل»، وبداهة لأن هذا المجلس قد أصبح بديلاً دستورياً لمجلس الشعب فى مباشرة السلطة التشريعية وذلك بمقتضى الإعلان الدستورى «المكمل»، الذى قضت محكمة القضاء الإدارى منذ أيام بأن هذا الإعلان الدستورى من أعمال السيادة، وليس قراراً إدارياً مما يختص القضاء الإدارى بوقفه أو إلغائه!! ويضاف إليها شعبة من الغرائب صدور القرار رقم 11 لسنة 2012 من رئيس الجمهورية الذى قرر بصورة ملتوية إلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان وعدم دستورية مواد الانتخاب الخاصة بالقوائم فى قانون مجلس الشعب مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها بطلان مجلس الشعب بأكمله وهذا القرار الصادر من الرئيس «باطل ومنعدم الأثر»، رغم أنه للتحايل على الصياغة يبدو وكأنه سحب لقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى نص على أنه تنفيذ لحكم المحكمة الدستورية العليا سالفة الذكر، يعتبر منحلاً مجلس الشعب، وأن هذا القرار ليس قراراً إدارياً منشئاً أو ملغياً أو معدلاً لمراكز قانونية، وإنما هو قرار تنفيذى وإعلامى لأن الحكم المذكور نافذ، ونهائى وقطعى وبات وحجة على الكافة!! وهو الذى أبطل بقوة القانون مجلس الشعب، ويضاف إلى ذلك أن قرار رئيس الجمهورية المذكور يعدل دون سند فى أحكام الإعلان الدستورى «المكمل» ويتناقض معه ومع حكم المحكمة الدستورية العليا المذكور آنفاً أو قضى بإعادة مجلس الشعب إلى الاجتماع وممارسة اختصاصاته، كما نص فى الوقت ذاته على إعادة انتخابه بعد حله فى الموعد الذى حدده وهذا يعد إهداراً لكل ما ورد بالإعلان الدستورى المكمل بهذا الشأن والذى سبق القول إن محكمة القضاء الإدارى قد قضت بأنه «إجراء دستورى سيادى» يختص به المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحده!! كذلك أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر، لانعدامه دستورياً وقانونياً، باعتباره «عقبة مادية» فى تنفيذ حكم المحكمة ببطلان مجلس الشعب!! ورغم ذلك فقد أحال «الكتاتنى» رئيس مجلس الشعب الباطل أمر تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان المجلس إلى محكمة النقض، التى ليس لها اختصاص أو ولاية بشأن هذا البطلان، ويقتصر اختصاصها على الفصل فى مدى صحة عضوية أعضاء البرلمان بصفة فردية، وهو ما دعا المحكمة المذكورة بحق إلى الحكم بعدم ولايتها بما أحاله إليها رئيس مجلس الشعب الباطل!! وقد قضت بحكم القضاء الإدارى منذ أيام بإ[الة المنازعة فى قرار رئيس الجمهورية بإعادة مجلس الشعب، إلى المحكمة الدستورية العليا لاختصاصها بشأنه!! ومن المؤكد أنها سوف تقضى ببطلانه!! ويعتبر ملف القرارات الصادرة عن الرئيس والكتاتنى عن صراع على الاستحواذ والسيطرة الإخوانية السلفية على السلطة، وبصفة عامة فى الدولة وبصفة خاصة على تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد!! ويستخدم هذا «التحالف الإسلامى» التشريع والذرائع القانونية الباطلة والتى ليس لها سند كوسيلة فى اغتصاب الاختصاصات الدستورية والقانونية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خاصة السلطة الدستورية «الثورية الشرعية» التى يتمتع بها هذا المجلس منذ انضمامه وحمايته لثورة 25 يناير، وهذه السلطة يتعين احترام شرعيتها لحين الانتهاء من الاستفتاء على الدستور وتشكيل البرلمان بالانتخاب، وتحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا قائمة لابد أن تتوقف محاولات استغلال وحشد الجماهير فى الميدان، وترديد الهتافات بعزل المجلس الأعلى للقوات المسلحة من المشهدين الدستورى والسياسى متذرعين بوجود رئيس منتخب، مما يقتضى إسقاط «حكم العسكر» وذلك لعدم دستورية أو جدوى أو شرعية هذا الأسلوب سياسياً، والحقيقة أن هذا المسلك يهدد سلامة وأمن ووحدة البلاد قبل أن تنتهى الفترة الانتقالية الحالية. رئيس مجلس الدولة الأسبق