يعتبر الموسم الدرامى هذا العام استثنائياً، فهناك ما يقرب من سبعين مسلسلاً يعرض على شاشات التليفزيون، نصفها تقريباً لنجوم سوبر ستار، سواء من الكبار أو الشباب، وهو أمر غير مسبوق، سواء فى عدد من المسلسلات أو نجومها والتى تعرض فى موسم واحد. ولعل السبب فى أن كثيراً من هذه الأعمال كانت مؤجلة من الموسم الماضى، بسبب ضعف التسويق وسوء الحالة الاقتصادية، وكنت أظن أن بعض المنتجين من الذكاء بحيث لا ينتجون كل هذه الأعمال هذا الموسم، لأن العرض إذا زاد على الطلب رخصت قيمة السلعة، وهى قاعدة اقتصادية لم ينتبه لها الكثيرون من صناع الدراما، فكانت النتيجة أن هناك مسلسلات بيعت بأثمان قليلة وأشك أنها ستستعيد تكلفتها، فقد تبغددت المحطات وفرضت شروطها وأسعارها ولم يكن أمام المنتجين إلا الإذعان، وهو الأمر الذى دفع بعض المنتجين إلى عدم استكمال أعمالهم، وفضلوا عرضها الموسم المقبل، عسى أن يكون أقل زحاماً وأفضل حظاً فى البيع من هذا الموسم. وما أحزننى هو أن بعض القطاعات الحكومية فى الإنتاج الدرامى قد اجتهدت من أجل إنتاج العديد من الأعمال مثل قطاع الإنتاج وشركة صوت القاهرة التى أنتجت وحدها اثنى عشر مسلسلاً بفضل جرأة رئيس الشركة سعد عباس، رغم عدم توفر سيولة مالية ولكنه غامر وأنتج هذه الأعمال حتى لا تختفى الأعمال الحكومية من على شاشة التليفزيون المصرى، وكنت أنتظر تقديراً واحتفاء بهذه الأعمال. .لا أن يتم عرضها على القنوات الإقليمية حيث لا يراها أحد، فى حين قام التليفزيون المصرى بشراء العديد من أعمال النجوم بالملايين ليعرضها على شاشات القناة الأولى والثانية والدراما. فى حين كان محرماً على صوت القاهرة وقطاع الإنتاج الاستعانة بالنجوم فى أعمالهما بحجة أنهم يتقاضون الملايين!! وكنت أظن وبعض الظن إثم أن التليفزيون المصرى سيحتفى بمسلسل ويأتى النهار وهو من تأليفى وإخراج الأستاذ محمد فاضل، لأنه أول مسلسل حقيقى عن ثورة يناير، يكشف عن الأسباب التى أدت إلى قيام الثورة حتى لحظة التنحى، ناهيك عن أنه تكلف ما يقرب من عشرين مليون جنيه من المال العام، ولكنى وجدت أن المسئولين عن العرض فى التليفزيون المصرى قد وضعوا المسلسل على خريطة قناة لا يراها أحد، وفى ميعاد ميت، مما اضطر مخرج العمل لسحب المسلسل وعدم عرضه، واضطرنى لإرسال فاكس لوزير الإعلام لعدم عرض المسلسل فى رمضان، وعرضه بعدها فى مكان يليق به، وبما بذل من مجهود فيه، ولأنه يكاد يكون المسلسل الوحيد الذى يحوى رسالة وطنية ووثيقة للأجيال القادمة عن ثورة يناير. وقد تكرر ذلك الأمر معى قبل سنوات فى مسلسل «الفنار» وهو دراما وطنية تستعيد أمجاد الكفاح الشعبى المصرى فى حرب 56 وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، ولكن المسلسل لم يعرض وقتها إلا على قناة الدراما، ويبدو أن التليفزيون المصرى يرى فى الأعمال الوطنية أنها من المحرمات التى لا يجوز عرضها فى شهر رمضان المبارك! وإذا كان ذلك الأمر مفهوماً قبل الثورة.. فكيف تظل نفس السياسة بعدها؟ ومن متابعتى بعد أسبوع من العرض الرمضانى المزدحم بعشرات الأعمال يمكننى رصد بعض الظواهر العامة لهذه الأعمال أو لبعضها، فمتابعة حتى نصف هذه الأعمال من المستحيلات. وأولى تلك الملاحظات أن اللغة السوقية وبعض العبارات المتدنية بل والخارجة عن الأدب، نسمعها على لسان أبطال بعض هذه الأعمال ناهيك عن التلميحات الجنسية الفجة التى لا أدرى كيف سمحت بها الرقابة.. وهناك أعمال أخرى مستنسخة من أعمال شهيرة سابقة، والكثير من الأخطاء التاريخية، التى لم ينتبه لها أصحابها، إضافة إلى مط وتطويل فى بعض أعمال نجوم كبار.. أفقدت هذه الأعمال متعة تدفق الأحداث وشابتها بالملل. على الجانب الآخر، يثبت أن الدهن فى العتاقى فنور الشريف ويحيى الفخرانى وجمال سليمان ويسرا وإلهام شاهين، يقدمون أعمالاً متميزة بها أداء راق وإخراج متميز وصور ناطقة وكذلك مسلسل الأخت تريز يكسر تابوت المحرمات فى الدين ويناقش العلاقة بين المسلمين والأقباط دون أن يضع خطوطاً حمراء فى تناوله للموضوع، ولنا لقاء آخر فى نهاية الشهر الكريم بإذن الله. بقلم: مجدى صابر