أيام ترحل وماضٍ يبتعد.. وتظل الذكريات قصصًا صامتة.. وأحداثًا تنطوى.. وحوادث تمضى.. إلا أنها تترك فينا أثرًا لا يزول.. ففى حياتنا ذكريات لا تُنسى مهما مر عليها الزمان. تبحث «الوفد» فى ذكريات رجال القضاء والشرطة جرائم تركت بصمات بارزة فى سجل الماضى.. وفى كل أسبوع نسرد جريمة من ذكرياتهم (القتيل المجهول) العميد أشرف قريشى رئيس قسم تصاريح العمل بجرجا، يحكى لنا جريمة فى ذاكرته وقعت أحداثها منذ عشرين عاماً، وما زالت عالقة فى ذاكرته، لأنه راح ضحيتها رجل مجهول، عندما قتله مزارع بسبب قيامه بقطف قناديل الذرة الشامية من زراعته، ولقد توافقت هذه الواقعة مع المقولة الشهيرة بأن «الجريمة لا تفيد»، وتطابقت نهايتها مع قول الله عز وجل «إن ربك لبالمرصاد». يقول العميد أشرف قريشى: فى عام 1997م عندما كنت أعمل معاونا لوحدة مباحث مركز سوهاج، ورد لنا بلاغ من أهالى قرية جزيرة شندويل بعثورهم على جثة رجل فى العقد السادس من العمر وبها إصابات متفرقة بالرأس والوجه، فأخطرنا النيابة العامة التى أمرت بتشريح الجثة لبيان سبب الوفاة وكلفتنا بالتحرى عن الواقعة وكشف هوية القتيل والقبض على القاتل وتولت التحقيق. تم تشكيل فريق بحث برئاسة اللواء عصام الحملى مدير أمن الأقصر – مفتش مباحث سوهاج آنذاك – وبدأنا العمل فى البداية عن كشف هوية القتيل لمدة أسبوعين لكننا لم نتوصل إلى أى شىء نظراً لأنه كان لا يحمل أى أوراق ثبوتية كما أن كان يرتدى ثياباً بالية ويبدو فى صورة الرجال «المجذوبين» الذين يقومون بالذهاب إلى المساجد والأضرحة، كما قمنا بإحضار كل الذين قاموا بتحرير محاضر غياب لذويهم ولكنهم لم يتعرفوا عليه، وكادت القضية أن تقيد ضد مجهول لولا عناية الله تعالى التى شاءت ألا تضيع دماء ذلك الرجل هدراً وأن ينال المجرم عقابه على أيدى العدالة. فقد وردت لنا معلومة من مصادرنا السرية بأن القتيل المجذوب كان يتردد على مسجد سيدى العارف بالله بسوهاج، وأنه كان يمشى فى الطريق الزراعى المجاور لترعة نجع حمادى، ثم ينام فى زراعات الذرة الشامى المملوكة للمدعو محمد حسين، 45 سنة، فقمنا باستئذان النيابة العامة والقبض على المزارع، وبمواجهته بالتحريات اعترف بأنه قام بقتله دفاعاً عن نفسه، بعدما حدثت مشاجرة بينهما بسبب قيام المجذوب بقطع ثمار الذرة الشامية، وتمت إحالته إلى النيابة العامة فأمرت بحبسه بتهمة ضرب أفضى إلى موت، وأمرت بدفن جثة القتيل فى مقابر الصدقة، وبإحالة المزارع المتهم إلى محكمة جنايات سوهاج فعاقبته بالسجن المشدد ثلاث سنوات، بعد أن استعملت معه الرأفة.