جاء البيان الصادر عن مؤسسة الرئاسة والذي أكد خلاله الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية علي احترام أحكام القضاء بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بوقف قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب ليحدث حالة من التكهنات والسيناريوهات المتوقعة خلال الفترة القادمة، خاصة بعد مجيء عبارة «أن الرئيس سيتشاور مع ممثلي القوي الوطنية والسياسية لبحث الخروج من الأزمة». واعتبر قضاة وسياسيون أن هذه العبارة تفتح باب الجدل وتضع عدة سيناريوهات من المحتمل حدوثها مشيرين إلي أن البيان واضح قبل هذه العبارة التي جاءت لتفرغ البيان من مضمونه، مؤكدين أنه كان من الأفضل عدم ذكرها نهائياً. ويري الدكتور ضياء رشوان خبير مركز القاهرة للدراسات السياسية والإستراتيجية أن البيان يؤكد احترام الرئيس لأحكام القانون والأحكام القضائية وهو علي عكس ما يريده مستشاروه وناصحوه الذين هم ملكيون أكثر من الملك نفسه-علي حد وصفه. وانتقد رشوان حضور محامي جماعة الإخوان المسلمين في المحكمة الدستورية العليا وقيامهم برفع الدعاوي القضائية ضد حكم المحكمة قائلاً «كان غريباً للغاية أن من حضر هم محامو الإخوان وهم ليسوا ذا صفة رسمية لأن هيئة قضايا الدولة هي المعنية بالحضور ممثلة عن رئيس الجمهورية بصفة شخصية لأن هذه القضية لم تكن محل خلاف بين أحزاب أو جماعات» مطالباً الإخوان بالإبتعاد عن الدكتور مرسي لكونه رئيساً لكل المصريين وليس لفصيل معين. وأضاف خبير مركز الأهرام أن العبارة الأخيرة في البيان بشأن تشاور الرئيس مع القوي السياسية لبحث الخروج من الأزمة كان لايجب أن تصدر في ظل وجود حكم قضائي نهائي معتبراً ذلك بداية لدعوة المواطنين علي عدم إحترام القضاء والدعوة للتشاور في الأحكام القضائية. وأكد رشوان أنه لاتشاور في حكم قضائي محذراً من فتح باب الفوضي للمواطنين في جميع أنحاء الجمهورية مستغلين ما سبق في تبرير مواقفهم مؤكداً أن الرئيس مرسي لم يعد أمامه سوي الإمتثال للواقع واحترام حكم القضاء بحل المجلس دون أي تكهنات أو إلتفاف علي الحكم. أما الدكتور عبد المنعم زمزم أستاذ القانون بجامعة القاهرة فيضع ثلاثة سيناريوهات قد تحتمل التنفيذ وفقاً للعبارة الأخيرة في البيان أولها هو امتثال رئيس الجمهورية للوضع الراهن علي أن يتم وضع الدستور الجديد وعمل استفتاء شعبي عليه، وينص هذا الدستور علي إجراء انتخابات برلمانية جديدة وبالتالي يتواجد المجلس مرة أخري إلا أن ذلك يعني بقاء السلطة التشريعية هذه المدة في يد المجلس الأعلي للقوات المسلحة وهو ما يصعب علي رئيس الجمهورية ذلك-علي حد رؤيته. والسيناريو الثاني كما يقول أستاذ القانون بجامعة القاهرة يتمثل في إصرار مستشاري السوء المحيطين بالرئيس علي عمل استفتاء شعبي علي حل مجلس الشعب مؤكداً أن ذلك يندرج تحت القواعد العامة التي تعطي الحق للرئيس في إستفتاء الشعب، علي أي مسألة من المسائل يراها ضرورية حتي لو لم يكن هناك نص في الإعلانات الدستورية القائمة تعطيه الحق في ذلك طالما لم يكن هناك نص بالتحريم لأن الأصل في الأشياء الإباحة والمسكوت عنه مباح-بحسب قوله. ويضيف زمزم : المخرج الثالث للخروج من الأزمة سيكون هو إصدار رئيس الجمهورية إعلاناً دستورياً جديداً يلغي به الإعلان المكمل ويسترد فيه السلطة التشريعية لنفسه وهذا كان موجوداً في دستور عام 1971، ومعظم دول العالم تنفذ ذلك وتعطي سلطة التشريع للرئيس في حالة غياب المجلس المشرع علي أن تعرض كل التشريعات بعد ذلك علي المجلس الجديد ليبقي استمرارها أو يشرع غيرها وهنا سيجد الرئيس نفسه أمام صدام قوي وحاد مع المجلس العسكري. ويري زمزم أن هناك خلاف قائم بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري وتنفيذ السيناريو الثالث قد ينقل الصراع من دائرة الرئيس والقضاة كما ظهر جزء منه فور إصدار قراره بعودة المجلس إلي صراع الرئيس والمجلس العسكري. وأكد زمزم أن السيناريو الأول هو الأفضل لتفادي الصدام من ناحية وليؤكد الرئيس فيه إحترامه للأحكام القضائية دون التفاف عليها من ناحية أو لتجنب الصدام مع أي قوي سياسية أو فئات مجتمعية من ناحية أخري. وقال المستشار أشرف زهران القيادي بتيار الاستقلال القضائي إن الرئيس من حقه التشاور مع من يريد في أي أزمة يتعرض لها وهو الآن يمر بأزمة سياسية لاتخفي علي الجميع لكن قضاة مصر يؤكدون إحترام حجية الأحكام رافضين فكرة استباق الأحداث قبل حدوثها، مشيراً إلي ثقة القضاة في أن الدكتور مرسي سيكون علي فطنة واحترامه للقضاء وعدم الزج به مرة أخري في أزمات سياسية قد تنال من القضاء لدي الشعب. وعن قرار إحالة مجلس الشعب قضية لحكم المحكمة الدستورية العليا بحل المجلس أو الفصل في صحة النواب،أكد زهران عدم صحة قرار الإحالة قائلاً «لا يجوز الإحالة لأن محكمة النقض تختص بالفصل في الطعون المقدمة ولابد أن يكون أمامها طعن تفصل فيه بعد أن يستكمل كافة أشكاله وإجراءاته القانونية». ووصف زهران قرار الإحالة الذي أصدره الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل بأنه لا يمثل طعناً وفقاً لقانوني مجلس الشعب وإجراءات فحص الطعون وصحة عضوية النواب ومن ثم فإن المحكمة لاتختص بذلك.