تصل وزيرة الخارجية الأمريكية إلى القاهرة السبت في أرفع زيارة لمسؤول أمريكي إلى مصر بعد وصول الرئيس المصري الجديد إلى الحكم، والتي قال محللون إنها تهدف إلى التعرف على توجهات الساسة الجدد في القاهرة. وفيما ذهب مراقبون إلى البعض إلى أن الزيارة تأتي في وقت مبكر ألمح محللون إلى أن هيلاري كلينتون جاءت لتظهر دعم الولاياتالمتحدة للتحول الديمقراطي في مصر، وليس لدعم الرئيس محمد مرسي الذي تقلد السلطة نهاية الشهر الماضي. واستبقت الخارجية الأمريكية الزيارة بالتأكيد الخميس على حرص واشنطن على نجاح التحول الديمقراطي في مصر على نحو يلبي تطلعات المصريين ويفي بوعود الثورة. وقال خبراء للأناضول "هذه الزيارة مختلفة عن عشرات الزيارات التي قام بها المسؤولون الأمريكيون إلى مصر خلال العقود الماضية". وتأتي الزيارة وسط أجواء من الانقسام والصراع بين أجنحة السلطة ومراكز القوى في مصر، ووسط تجاذبات بين مؤسسة الرئاسة والسلطة القضائية والمجلس العسكري الذي حكم البلاد منذ الإطاحة بمبارك في فبراير/شباط 2011 وحتى تسليم السلطة للرئيس الجديد. وتصل كلينتون القاهرة في ظل تحول يفرض على واشنطن إعادة ترسيم سياستها في مصر، حيث تلتقي بأول رئيس يأتي في انتخابات حرة للمرة الأولى خلال عقود، وهو أول رئيس مدني بعد ستة عقود من سيطرة العسكريين على السلطة في هذا البلد المحوري بالنسبة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية في المنطقة بعد إسرائيل. وشدد باتريك فينتريل، وهو متحدث باسم الخارجية الأمريكية، في مؤتمر صحفي الخميس أن الولاياتالمتحدة لا تأخذ جانب أي طرف من الأطراف في مصر، وأنها تتعامل مع مصر على كافة المستويات، وأن واشنطن ترغب في أن تواصل الأطراف الحوار المناسب فيما بينها. ويثور جدل في واشنطن بشأن توقيت الزيارة الذي بدا مبكرا للبعض؛ حيث يأتي بعد أسبوعين فقط من تسلم مرسي للرئاسة رسميا. لكن مراقبين يرون أن الزيارة مهمة في هذا التوقيت لإظهار دعم واشنطن للتحول الديمقراطي في أكبر في المنطقة من حيث عدد السكان، ولإعلان استعداد واشنطن لدعم الاقتصاد المصري الذي تدهور خلال المرحلة الانتقالية التي استمرت أكثر من 16 شهرا. ويتوقع أن تحرص كلينتون خلال لقائها بالرئيس المصري على الحصول على تطمينات بشأن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والعلاقات مع إسرائيل، الحليف الأول للولايات المتحدة في المنطقة. وفيما يتعلق بما يمكن أن تسفر عنه الزيارة قال الناشط الحقوقي والناشر المصري هشام قاسم إن الزيارة ستكون بمثابة زيارة تعارف وجس نبض الساسة الجدد في مصر. لكن قاسم توقع، في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول، ألا يحدث تغير كبير في السياسة الأمريكية مع مصر خلال المرحلة الحالية. وقال: "أمريكا ستنتظر حتى ترى توجهات السياسة المصرية وما يسفر عنه الخلاف بين مؤسسة الرئاسة والمجلس العسكري، وستتصرف بناء على ما ستؤول إليه الأوضاع". وأضاف قاسم أنه لا يتوقع على الإطلاق أن تتدخل واشنطن لصالح أي من القوى في مصر، لأن هذا سيكون "مستنقعا" بالنسبة لها، وسيهدد المصالح الأمريكية مع مصر. وفيما يتعلق بالمساعدات الأمريكية لمصر قال قاسم إنه لا يتوقع أي تغير بشأنها، موضحا أن المساعدات تضمن استقرار الأوضاع في المنطقة وتحافظ على المصالح الأمريكية. وأوضح قائلا: "إذا أوقفت واشنطن مساعداتها لمصر فإن هذا يعني أن القاهرة ستتجه إلى مصادر أخرى للتسلح، وهو أمر من شأنه أن يطلق سباق تسلح في المنطقة، فضلا عن أنه يمثل خطرا على إسرائيل. ولهذا فإن المساعدات تضمن اطلاع واشنطن على مصادر وحجم التسلح المصري". من جانبه قال النائب بمجلس الشعب المعطل حازم فاروق إن الولاياتالمتحدة والدول الغربية "أصبح لزاما عليها دعم الأنظمة المنتخبة ديمقراطيا بعدما دعمت طويلا الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة". وقال فاروق، وهو وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس: "يجب أن يكون هناك تغير في السياسة الأمريكية في المنطقة، وفي القلب منها مصر، لأن أطراف المعادلة تغيرت". لكن فاروق، وهو قيادي بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، قال: "أعتقد أن الساسة الجدد في مصر ليسوا متلهفين أو متعجلين على علاقات ليست على مستوى من الندية والاحترام يليق بمكانة مصر". وتابع قائلا إن "الدوائر العربية والإقليمية أصبحت الآن على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لصناع القرار في مصر بعدما تم إهمالها خلال حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك لصالح الدوائر الأمريكيةوالغربية".