المصريون يشعرون بأن حقوقهم مهدرة من أيام النظام السابق، ويأملون فى نظام ما بعد الثورة لإيجاد الحلول لمشاكلهم المتراكمة، وصدق المصريون كلام الرئيس محمد مرسى بأن أبوابه مفتوحة أمام الجميع، ولم يخلف الرئيس وعده، واستقبل قصر العروبة آلاف المواطنين الباحثين عن حقوقهم الضائعة، ومازال المواطنون يحجون إليه فى رحلات يومية، وقرر بعضهم الإقامة الدائمة أمام القصر فى الوقت الذى كان الاقتراب منه فى السابق مغامرة غير مأمونة العواقب! حصار أصحاب المطالب الفئوية للقصر الرئاسى وإصرارهم على مقابلة الرئيس شخصياً لعرض مطالبهم عليه شغل الرئيس عن تنفيذ برنامج المائة يوم الذى تعهد به لإعادة الأمن، وحل مشاكل الوقود، والخبز، والقمامة والمرور، وتوقفت مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، وتعيين مساعدى ونواب الرئيس، وما يستجد من أعمال على برنامج الرئيس اليومى، وأخصه ملف العلاقات الخارجية. حق التظاهر السلمى مشروع، وسمح به الرئيس أمام القصر الرئاسى، لكن ما يحدث أمام قصر العروبة يوحى بأنه مؤامرة تهدف إلى إحراج الرئيس، أو دفعه لإصدار أوامر بطرد المتظاهرين بالقوة لإخراجه من حالة عمر بن الخطاب الذى قال لو عثرت بغلة فى العراق لسألنى الله لما لم تصلح لها الطريق ياعمر ، إلى ديكتاتور يعامل الشعب بالعصا والكرباج!! ساحة القصر الخارجية تحولت إلى سيرك، ناس تسب وتشتم، تتسلق الأسوار وتشتبك مع الحراس، وناس تبيع المأكولات والمثلجات، وناس تفكر فى نصب مراجيح! الوضع أمام القصر لو استمر بهذا الشكل يقلل من منصب الرئيس، هل يعقل أن تطلب سيدة من الرئيس البحث عن ابنتها الغائبة عن المنزل، قالت هذه السيدة للحرس: ابنتى تاهت منى وعاوزة الرئيس يتدخل لإعادتها، ورفعت السيدة صوتها قائلة: هو الرئيس قليل، يرفع سماعة التليفون ويصدر تعليمات بالبحث عنها، وطلب مواطن من الرئيس أن يلغى موالد الحسين والدسوقى والسيدة زينب، وسيدة قذفت الحرس بالطوب عندما أخبروها بأن الرئيس مش موجود فى القصر، وبدأت فى خلع بعض ملابسها احتجاجاً على عدم السماح لها بمقابلة الرئيس، رئيس الجمهورية لن يستطيع حل المشاكل الفردية، لن يستطيع مقابلة 90 مليون مواطن للاستماع إلى مشكلة كل واحد منهم، لا يجب ترحيل المشاكل الفئوية إلى القصر الجمهورى، هل هذا مناخ مناسب يساعد على إنجاز ما وعد به الرئيس؟ وعلى طريقة من حضر عفريت المظاهرات الفئوية أمام القصر الرئاسى يصرفه، فقد قرر الرئيس مرسى إنشاء مكتبين فى قصرى عابدين والقبة ويدرس إنشاء مكتب ثالث فى التجمع الخامس لتلقى شكاوى وتظلمات المواطنين وبحثها، كما قرر تشكيل لجنة لجمع المعلومات والأدلة عن قتل وإصابة المتظاهرين فى أحداث ثورة 25 يناير للوصول إلى الحقيقة والفاعلين والشركاء، والمطلوب من الرئيس منح لجان تلقى شكاوى المواطنين صلاحيات وضع الحلول، وتنفيذها حتى يتحقق الغرض منها، وعدم قصر دورها على مجرد جمع الشكاوى وحفظها، وتبقى مشاكل المواطنين بدون حل، إن فك الحصار عن قصر الرئاسة بعد أن وجد المواطنون خيطاً يقربهم من صانع القرار لن يكون إلا بمنح سلطات حقيقية للجان تلقى الشكاوى فى اتخاذ القرار أو على الأقل اقتراح الحلول. الرئيس ورث تركة ثقيلة، ولا يملك مفتاحاً سحرياً لحل المشاكل فى يوم وليلة ولا فى مائة يوم، لكن هناك أولويات حددها الرئيس للبدء فى حلها، وأرجوه أن يبدأ وفوراً بالملف الأمنى، لأن الأمن هو القاطرة التى تجر الاستقرار وحل مشكلة الأمن يؤدى إلى حل باقى المشاكل كالوقود والقمامة والخبز والمرور وغيرها من المشاكل التى يعانى منها المواطنون، بعد أن وصل الانفلات الأمنى إلى الجهات المسئولة عن الأمن وتنفيذ القانون، والدفاع عن الحقوق والحريات مثل الشرطة والمحامين. إن موقعة «مدينة نصر» بين ضباط قسم شرطة المدينة وبعض المحامين نموذج صارخ للانفلات الأمنى، وموقف مؤسف ومحزن، أن يلجأ رجال القانون والعدالة والضبط والربط إلى أخذ حقوقهم بأيديهم، إنهم صورة سيئة يجب أن يتخذ إجراء عاجل فيها حتى يكونوا قدوة لباقى أفراد المجتمع الذين يلجأون إليهم لقضاء حقوقهم.