قبل أن تقرأ: لم أكن أتوقع أبداً أننى سيأتى علىَّ يوم وأشعر بمثل هذا الإحساس الذى شعرت به والسيد الرئيس د. محمد مرسى واقفا بكل شموخ فى ميدان الثورة والحرية والشهادة معانقا المجد والسماء وصوته وقسمه (بالله العظيم) يدويان فى الميدان: ثوار.. أحرار.. هنكمل المشوار.. فاضت عيناي بالدموع .. اهتز قلبى.. ولم يعد لسانى ينطق - ولعدة دقائق - سوى بجمله واحدة: ي. ا. س. ب. ح. ا. ن. ا. ل. ل. ه.. يا سبحان الله سبحان الله حقا وصدقا.. الرئيس الجديد الذى سجنه الرئيس «الساقط» يقف وسط شعبه (وجيشه).. والرئيس «الساقط» الذى سجنه «وسجن الوطن كله».. هو اليوم فى السجن.. ينتظر الرحمة.. ينتظر الموت.. لكنهما لا يجيئان!!..تبدلت الماقع.. فالأيام دول.. والسلطة إلى تداول حتمى.. ولكن العبرة بمن يأخذ العظة والعبرة.. وأصدقكم القول إن الثلاثين عاما الأخيرة التى عشناها تحت حكم الرئيس «الساقط» قد أثرت كثيراً على «شخصية المصريين». لقد تغير المجتمع المصرى منذ «الانفتاح السداح المداح» - بتعبير الأستاذ بهاء - وأصابت المصريين مع تغير الأنماط الاستهلاكية.. والتخلى عن السياسات الاشتراكية ومجتمع الكفاية والعدل.. حالة من «التوحش» والاستقواء.. وأصبحت اللغة المعروفة فى التعاملات اليومية هى الاستقواء.. والاستهزاء وحمل الأسلحة النارية والبيضاء والاقتراب من السلطة بأى ثمن.. من أجل حصد المكاسب والامتيازات وتحقيق الثراء.. ومع هذا فلا أحد يعتبر أو يتعظ مما جرى.. وكأنه لا توجد دروس مستفادة من هذا كله؟! .. لوعدنا إلى الوراء قليلا فسنجد أن الانفتاح «فتح» (وفى قول آخر فشخ)عيون المصريين على أنماط مختلفة من الحياة.. لرموز فاسدة تأكل من عرق القوادة.. والسرقة والفساد والمحسوبية والشلليلة.. رأى الناس هؤلاء الرموز يحتلون الصفوف الأولى مع المسئولين وصناع القرار.. رغم فسادهم و«مشيهم البطال» وفضائحهم التى تزكم الأنوف».. فكان هذا أشبه بصدمة هائلة للتركيبة الشخصية اللى تربت على قيم العطاء والمسئولية والتضامن الاجتماعى وأن الوطن أولا وقبل كل شيء.. فإذا بالأفكار الفاسدة تحاصر عقول البسطاء وتحيل الطيبين إلى شرذمة من الأشرار تقتدى بالفاسدين.. فتزور مثلهم.. وتزيف الوعى مثلهم.. وتغتال قيمة الحرية والكرامة الانسانية.. وتجعلها حقا لعلية القوم دون غيرهم.. فهم الذين يحتكرون الحقيقة المطلقة كما يحتكرون السلطة والثروة والنفوذ والأراضى والمناصب والتعيينات والتسهيلات والامتيازات وهكذا تراجع الوطن الى آخر سلم الاهتمامات وصعد مكانه قيم فردية جديدة تقول أنا ومن بعدى الطوفان.. وهكذا طرأت تحولات التوحش والمغالاة والتطرف والتزوير والتزييف والجريمة المنظمة على المجتمع المصرى.. وقد أبرزت الثورة الينايرية العظيمة هذه المساوئ المصرية.. وهذا كلام لا نقوله من باب جلد الذات.. فهذه الثورة كشفت عن بلطجة هؤلاء الأثرياء الجدد الذين كسبوا ثراءهم الفاحش من عرق الشعب والعمال والصنايعية.. وشاركوا فى الاستيلاء على مكتسبات الشعب العامل بقوانين الخصخصة وبيع القلاع الصناعية بأبخس الأسعار.. كل هذا تكشف. كما تكشفت أعمال اللصوصية والسرقات الكبرى ثم أعمال الفوضى والبلطجة التى هى إنجاز خالد للرئيس الساقط.. بما فى ذلك أيضا فساد النخبة وتوحشها أيضا.. لقد أصبحت التعاملات اليومية بين الناس وبعضهم البعض جافة وغليظة.. وقد تنتهى بشجار يفضى الى كارثة.. «محدش طايق حد.. حتى نفسه.. تغيرنا.. حتى» «المجلس العسكرى» عندما سلمه مبارك - الرئيس الساقط - السلطة.. كان مش طايق نفسه.. تحول اللواءات الكبار الى قنابل موقوته قد تنفجر فى أى لحظة..وقد انفجرت قنابل اللواء «بدين» فى الميادين كثيرا وسالت الدماء انهارا على أيدى الشرطة العسكرية.. وأقتيد الشباب الثائر بالمئات وربما بآلاف الى النيابة العسكرية جزاء وفاقا لما كانوا يقومون به من تظاهر وتمرد.. ولايزال آلاف من شباب الثورة الذى ضربوا وسحلوا واعتقلوا فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزرا محبوسون ويحاكمون أمام القضاء العسكرى.. ولهذا فإن على قمة مطالب الثوار بند اطلاق سراح المعتقلين بفرمانات عسكرية؟؟ توحش الكثيرون على نحو مقيت.. وانفلت العيار.. مثلا: حكومة تضيق ببرلمان منتخب وترفض انتقاداته فيهدد رئيسها البرلمان باخراج قرار الحل من الأدراج. وكان واجب البرلمان أن يسبح بحمد الحكومة.. ونواب بعضهم يتصور انه من حقه ان يشرع ما يشاء فيطلب تشريعا لمضاجعة الأموات.؟!! وأمين لجنة انتخابات الرئاسة يهدد الصحفيين عندما يحاولون توجيه الأسئلة فيصرخ عليهم مهددا بالغاء المؤتمر.. وكأنه يمن على الوطن باعلان النتيجة؟!.. توحش مقيت.. تختلف مع مسئول ف «يفرمك».. تتظاهر ضد عسكرى فيسحلك.. تنتقد ناشطة جندى أو عسكرى فيتربص بها ويقبض عليها ثم «.......» فيها بداعى اكتشاف عذريتها.. وكان زميله فى الوحدة بيحبها وطالبها فى الحلال؟؟ المصيبة الأعظم فى النائب العام الذى لم يفكر ولو لمرة من باب تهدئة خواطر الشعب أن يتحدث اليه عن مصير البلاغات المقدمة ضد التوحش.. وضد خطايا العسكر.. والفساد؟ بعد أن قرأت: نريد من الرئيس الجديد.. خلافا لسابقيه.. فتح كل ملفات «التوحش» والعمليات القذرة المسكوت عنها!! نريد عفوا رئاسيا عن المعتقلين لدى القضاء العسكرى.. وشكرا سيدى الرئيس.