من الأصول الدستورية في أنظمة الدول الديمقراطية ما يعرف بمبدأ احترام القانون أو سيادة القانون وهو ما يعني التزام كل من الحاكم والمحكوم بالقواعد القانونية والأحكام التي تصدرها السلطات المختصة وهو ما تتمايز به الدولة القانونية عن الدولة البوليسية أو الديكتاتورية وفي ظل هذه الأخيرة يسود الظلم وتهدر الحريات. السيد الرئيس.. كنت قد صرحت في خضم حملتك الدعائية إبان ترشحك للرئاسة أنك تتعهد حال وصولك الحكم بأنك ستبقي علي الرئيس السابق محبوساً مقيد الحرية طيلة الحياة ولم أعرف حتي الآن عما إذا كنت تقصد طيلة حياته هو أم طيلة حياتك أنت، ثم عاودت وصرحت عقب صدور الحكم عليه بالسجن المؤبد ووزير داخليته السابق أنك ستتعهد بإعادة المحاكمة مرة أخري، وهذا الحديث في قاموسي يحمل اغتصاباً للسلطة القضائية وتدخلاً سافراً في شئونها وهو ما يتجافي مع الأعراف الدستورية من أن السلطة القضائية مستقلة ولا سلطان عليها وهو ما خصت به المادة 166 من الدستور، فوق أن هذا التصريح يعيد للأذهان إفراز الأنظمة الفاشية التي من أجلها تقوم الثورات ويهدم مبدأ الفصل بين السلطات أولي أسس البنيان الديمقراطي.. وها أنت قد تبوأت عرش مصر فهلا ما زلت عازماً علي وعدك؟.. أم أنك اعتبرته تصريحاً دعائياً - مثلما اعتبرناه نحن كذلك - لترضية الشارع من أسر ضحايا ومصابي غضبة يناير الذين منحوك أصواتهم نزولاً علي هذا الوعد. السيد الرئيس.. هذا الأمر في قناعتي بالغ الأهمية لأنه يتعلق بذمة ومصداقية رئيس الدولة في أول ولايته ويهم طمأنة طائفتين من رعاياك الآن هؤلاء المغلولون خلف القضبان الذين ينتظرون وعيدك وقلوبهم وجلة والطائفة الأخري المكلومة في مصابها تنتظر وعدك بالقصاص دون الاعتداد بالشرعية أو الالتزام بأحكام القانون، فماذا أنت فاعل ما بين الالتزام بحدود الشرعية بوصفكم راعياً للديمقراطية والوفاء بالوعود؟ السيد الرئيس.. أنا لا أزعم أنني طبيب نفسي أو عراف يرجم بالغيب ولست من هواة الاستباق أو القفز علي المجهول ولكني أراك حينما تخلد إلي فراشك وقت السحر يسكنك صراع ما بين الولاء المطلق لجماعة الإخوان بتبعاته الثقيلة وحرصك قدر جهدك ألا يتحول هذا الولاء إلي فرض وصاية.. لذا أهيب بكم في هذا الموقف الجلل الذي أراك فيه محيراً قل للأوصياء يمتنعون.. وليكن شعارك في الاختيار الكفاءة والحيدة، فأنت وحدك المسئول أمام ربك فلن يغني عنك أحدهم من الله شيئاً، فهذا رسولنا صلي الله عليه وسلم يقول لعمته «صفية»: يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً.. ويا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً». وفي الخاتمة لا يسعني إلا أن أقول لك مثلما قال أبومسلم الخرساني لمعاوية بن أبي سفيان: إن أنت إلا أجير استأجرك رب هذه الغنم فإن أنت داويت مرضاها ورددت أولادها علي أخراها وفاك سيدك أجرك وإن أنت لم تفعل عاقبك سيدك. ولا شك أن الأحداث المتلاحقة ستجعل للحديث بقية. عاطف الجلالي - المحامي