في الولاياتالمتحدةالأمريكية يتم انتخاب نائب الرئيس في نفس وقت انتخاب رئيس الجمهورية، ويتولي النائب قائمة الخلفاء في حال وفاة الرئيس، أو فقد أهليته، أو أقيل من منصبه إثر محاكمته وإدانته، أما في فرنسا فلا يوجد منصب نائب الرئيس، لكن الدستور البرتغالي يعطى نائب الرئيس صلاحيات محددة جدا، اما في مصر فان المنصب لم يتجاوز الديكور. فعلي الرغم من النص بالدستور علي وجود منصب نائب للرئيس المصري في المادة 139 واعتبرته منصبا سياسيا فإن الاعلان الدستورى الصادر في مارس2011 لم يهتم بتحديد سلطات ومهام النائب وتركها مفتوحة في يد الرئيس حتى كاد المنصب ان يكون شرفيا اكثر منه تنفيذيا. لم يكن منصب نائب الرئيس بدعة أدخلها مرشحو الرئاسة الي برامجهم خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة او افرزتها ثورة 25 يناير ولكن منذ ان عرفت مصر طريقها إلي الدولة الجمهورية عقب ثورة يوليو 1952م بدأ منصب النائب في الظهور حتى أصبح لدينا 11 نائبا للرؤساء الأربعة الذين تعاقبوا علي حكم مصر خلال 60 عاما. فشغل كل من عبد اللطيف البغدادى وعبد الحكيم عامر وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم منصب نائب الرئيس لفترة واحدة كنواب للرئيس جمال عبد الناصر وكذلك شغل زكريا محيى الدين وحسين الشافعى وعلي صبرى وانور السادات منصب نائب لعبد الناصر ايضا لفترتين . فبينما كان محمود فوزى، النائب الوحيد الذي لم يكن ذا خلفية عسكرية وخلفه محمد حسنى مبارك نائبين للرئيس الراحل انور السادات فان الرئيس المخلوع مبارك اغفل او ألغي منصب نائب الرئيس من قاموس الحياة السياسية المصرية حتى اجبرته ثورة 25 يناير علي تعيين اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة السابق نائبا له ليكون اول واخر نائب للرئيس المخلوع كما انه اقصر من تولي المنصب في تاريخ مصر حيث لم تتجاوز ولايته سوى 13 يوما فقط . الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي قبل فوزه اعلن انه سيكون هناك فريق عمل رئاسي يضم عددا من النواب علي ان يكون هناك نائب قبطي بالاضافة الي سيدة نائبة وكذلك نوابا اخرون، الفكرة في مضمونها جيدة ان يكون هناك نواب ليعاون وتتوزع فيما بينهم الادور حتى لا تكون السلطة في يد رئيس الجمهورية وحده، لكن كثرة عدد النواب تفتح الباب امام التساؤل هل سيكون هناك صلاحيات حقيقة لنائب الرئيس، ام انها كانت وعودا انتخابيه قطعها علي نفسه ليكسب كتلا تصويتية غير مضمونة له بالاضافة الي تساؤل اخر هل ستتعارض صلاحيات الرئيس مع صلاحيات الوزير المختص فقد يكون هناك نائبا خاصا بملف مياه النيل وهو ما يعنى تعارض اختصاصته مع وزيري الخارجية والري بالاضافة الي نائبا اخر قد يكون مختصا في ملفا داخلي وهو ما قد يتعارض مع وزير التنمية المحلية، بالإضافة إلي من اين سيطلق الرئيس مرسي صلاحيات لنوابه مع ان الاعلان الدستورى المكمل يقتطع من صلاحيات الرئيس لصالح المجلس العسكري . الخبراء يؤكدون أن أهمية المنصب والتى ستتجاوز «ترضية فئات شعبية»، اذ سيكون لنواب الرئيس المقبل دور مهم في التعامل مع «مشاكل داخلية وخارجية ورثها من النظام القديم». الدكتور جمال عبد الجواد ,مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام قال: ليس هناك نص دستوري او قانوني يحدد سلطات نائب الرئيس مشيرا الي انه حتى يتم تحديد سلطاتهم ومهامهم من قبل الرئيس فإن المنصب يظل رمزيا كما اعتدناه في مصر، مضيفا أن تعيين نواب للرئيس الجديد يساعد على تغيير فكرة هيمنة شخص واحد على إدارة شئون البلاد. ويضيف قد تكون آراؤهم استشارية يعتمد عليها الرئيس عند اتخاذ القرار، مطالبا بأن يكون اختيار مَن يشغلون هذا المنصب اعتمادا على الكفاءة، بعيدا عن اعتبارات النوع أو الفكر أو الاعتبارات الطائفية. ويري عبد الجواد انه من الممكن أن تكون صلاحيات نائب الرئيس ذات قيمة وتكون له اختصاصات فعلية وليس مجرد «نائب على الورق» وهذا يتوقف على ما سينص عليه الدستور الذي سيتم وضعه خلال عدة شهور والذي سيحدد أيضا صلاحيات وسلطات الرئيس وعلاقته بالسلطتين التشريعية والقضائية، موضحا ان اطلاق فكرة عدد من النواب كانت من البداية لكسب تأييد كتل تصويتية غير مضمونة له مثل الاقباط والمرأة لكن هذين المنصبين يبدو فيهما قيمة مهمة ليعبرا عن قضايا المرأة والاقباط تعبيرا حقيقيا . ويضيف عبد الجواد ان مرسي سيميل في اختيار نوابه الي المدنيين، لأن الفكرة التي كان يروج لها خلال حملته الانتخابية ركزت على أهمية نقل السلطة من العسكر إلى المدنيين»، مشيرا إلى السلطات الواسعة التي يتمتع بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة. بينما قال الدكتور وحيد عبد المجيد عضو الجمعية التأسيسية للدستور، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ان مهام وصلاحيات نائب الرئيس تتوقف علي طريقة ادارة السلطة التنفيذية ومؤسسة الرئاسة فإذا كانت تدار بشكل تقليدى فإن مهام النواب ستكون رمزية، موضحا لو كانت تدار بمشاركة وطنية فإن نواب الرئيس سيكون لهم دور تنفيذي وملفات حقيقية يستطيع الرئيس محاسبتهم إذ ما قصروا في اداء مهامهم. واشار عبد المجيد الي ضرورة وجود تنسيق كامل وتعاون ما بين النائب ورئيس الوزراء والوزراء المختصين حتى لا تتعارض مهامهم لأنهم في النهاية يعملون لصالح الوطن فسيكون النائب مسئولا عن قطاع معين يحدد ملامح وخطة العمل حتى لا يحدث التعارض، مشيرا الي ان التركة ثقيلة علي الجميع والاعباء تمزق الوطن فيجب التكامل والتناغم في المنظومة. «لن يكون منصبا شرفيا ويجب ان يكونوا اذرع الرئيس توزع عليهم المهام والأدوار « هو قاله الدكتور عبد الله الاشعل المرشح الرئاسي الخاسر، مشددا علي ضرورة ان يكون هناك نواب للرئيس حتى لا يحتكر الرئيس كل السلطات والقرارات والصلاحيات». ويشير الاشعل الي اختلاف مهام وصلاحيات الرئيس من دولة الى اخرى، موضحا ان الدستور هو المحدد لمهام النائب، ففي امريكا ينتخب النائب مع الرئيس ويكمل ولايته اذ ما حدث مانع يقصي الرئيس عن أداء مهامه الرئاسية، اما في فرنسا فلا يوجد منصب نائب الرئيس اما الدول النامية فان منصب النائب لا يتجاوز ان يكون ديكوراً. وفي تقدير الاشعل أن مرسي لن يعين نائبا ذا خلفية عسكرية لأن الإخوان المسلمين لم يكونوا على وفاق مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال الفترة الأخيرة قبل انتخابات الرئاسة، كما أنه يعلم أن جزءا من الشعب المصري خاصة الذين في ميدان التحرير أو بعض الميادين المصرية لن يرحبوا بوجود نائب للرئيس ذي خلفية عسكرية. ويرى المفكر القبطي جمال أسعد ان تعدد نواب الرئيس يمثل شيئا إيجابيا، حيث إنه يمكن مختلف التيارات السياسية من المشاركة في الحكم دون سيطرة تيار بعينه. ويؤكد على أن الفترة التي يتولى فيها مرسي منصب الرئيس تفرض عليه أن يتوافق مع جميع التيارات في المجتمع المصري، لا سيما بعدما شهدته الفترة السابقة من تنازع بين تيارات مختلفة. لكن لا يستبعد جمال أسعد اختيار نائب ذي خلفية عسكرية، بل يعتقد أنه سيعتمد على التفاهمات بين الرئيس المنتخب والمجلس العسكري خلال الفترة الحالية.