ومن هنا تبدأ الحكاية، بدأ عهد جديد، وعصر جديد، ووجه للحاكم جديد، جاء وفي يمينه «غصن ورد وفل وياسمين» أي جاء ومعه «أمل مصر في غد مشرق مضىء» فيه الأمل وفيه النور وفيه من قبل ومن بعد «دواء لكل أوجاع الأمة» تلك التي ذاقت مرارة الحرمان سنين عدداً.. وكان لابد من بعد ليل طال ظلامه، أشعة نور ربانية تشرق على البلاد من أقصاها الى أدناها.. فرحت أسوان والأقصر وعمت الفرحة بكل مدن الصعيد، حتى وصلت إلى شواطئ البحر الأبيض مرسي مطروح والاسكندرية، ثم عمت الفرحة ضفاف البحر الأحمر ومدن القناة بورسعيد والسويس وبور فؤاد ثم الاسماعيلية خاصة.. كانت الفرحة بعهد جديد.. ومن هنا ليس علينا - الآن - إلا أن نخاطب الرئيس الجديد بعد غمار هذه الفرحة الكبرى حين شعر الشعب المصري بالتغيير، ومن هنا فإن عبء الحكم جاء ثقيلاً.. ثقيلاً لا تحمله إلا الجبال الراسخات، مع عقيدة نحو التغيير، وأن يعوض الشعب المصري عن سنوات القحط والألم الذي ران عليها سنين عدداً. وأول ما يطلب من الرئيس الجديد، هو تحقيق «فلسفة الاتفاق والتوافق» مع الجميع، جماعات وأحزاباً، حتى الذين أعطوا صوتهم إلى منافسه أن يمد يده إلى الجميع حباً وعطاء.. أيضاً لابد أن يعلن المساواة مع اخواننا في الوطن «أقباط مصر» لهم ما لنا وعليهم ما علينا. وأن يعمل بما كان يسمعه وهو طالب على ضفاف بحر مويس: متضامنون على الجهاد فما ترى إلا مسيحياً يؤازر مسلما هش المقدس للمؤذن داعيا وحنى الهلال على الصليب وسلما عليه بإحقاق الحق والعدالة الاجتماعية، العدالة التي تربى عليها في مدرسة عمر بن الخطاب: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر.. وقولة خامس الخلفاء الراشدين حين أجاب والى إحدى المدن طالباً منه «مالاً يحصن به المدينة» قال له: «حصنوا مدينتكم بالعدل». والعدل كما قلنا ذلك في مقال سابق «العدل أساس الملك» أنه صاحب جذور تاريخية لمصر الفرعونية. الحمل ثقيل، ولا يقدر على حمله إلا الرجال، وأنت بجذورك الشرقاوية - وهذا خطاب خاص - تعرف تماماً الحكمة القائلة: «ليست الرجال قيلاً وقال بل أمجاد وفعال». أسجل هذه الخواطر سريعاً بعد اعلان نتيجة انتصارك بدقائق على أمل أن تكون طلبات الأمة وطموحاتها وما هو الدستور الذي ننادي به وننشده كأمل لهذه الأمة، أن تحمل الأمانة، وأن تحقق كل ما وعدت به الأمة إبان عرضك لبرنامجك الانتخابي، وأن تعلم علم اليقين ما قال به رب العزة في الآية الأولى من سورة المائدة: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود».. وأيضاً: «إن العهد كان مسئولا».. أسجل هذه الخواطر السعيدة ومعي أبناء الشعب المصري كله يتمنون لك الخير وأن تحمل الأمانة التي قال عنها رب العزة: «إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان».. وكنت أنت هذا الإنسان. وعليك الآن في خطابك للأمة أن تبرم مع الجميع «عهداً وميثاقاً» وعلى الله فليتوكل المتوكلون.. ومنى إليك أن ترتل دائماً قول الله سبحانه وتعالى: «إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيما، وينصرك الله نصراً عزيزاً». نتوج ذلك كله مع مخاطبتك في يوم تتبوأ فيه حكم البلاد وتقسم أمامه قسم الولاء.. ألا تنسى دماء الشهداء.. إذ إن دماءهم هي التي أنارت لك ولنا الطريق. وإنا على الطريق المستقيم لسائرون.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..