سالت دموع الأبوين دمًا حزنًا على فقدان فلذة كبدهما، التى قَتلت بأيدٍ ملئت بالخيانة وأصبحت ملوثة بالدماء البريئة بعدما خيمت شهوة الانتقام على عقل زوجة أخ الأم لوجود خلافات مسبقة بينها وبين الأم وظنت أنها السبب فى هجر زوجها لها وباتت تخطط للانتقام، وكان الشيطان حليفها فأعمى قلبها وعينيها فلم تجد غير مريم لتدفع ثمن تلك كل الخلافات. منذ 4 أعوام ماضية تزوجت كريمة من محمد وأنجبا طفلتهما «دولت» الشهيرة باسم «مريم» واستمرت حياتهما ممتلئة بالسعادة، ولكن أراد الحزن أن يصاحبهما طويلاً.. فمرت الأيام سريعًا وكان ل«كريمة» شقيق يدعى عاشور متزوج من شيماء منذ فترة طويلة وأنجبا 7 أولاد، وبدأت المشاجرات تسيطر على حياتهما بسبب الخلافات المعيشية بينهما، فلم يجد عاشور ما يفعله غير أنه يهجر زوجته التى جعلت حياته كسواد الليل الدامس، وبالفعل تركها وأخذ اثنين من أولاده وترك لزوجته ال 5 الباقين. ذهب عاشور إلى شقيقته كريمة وبصحبته طفلاه فلم تتوان كريمة وزوجها ولو للحظة فى تربية ابنىّ أخيها عصام وأبوزيد، مر عامان على هذا الخلاف، وابنا المتهمة فى أحضان عمتهما وكانت لهما بمثابة الأم التى تركتهما بعدما وجدا فى قلبها حنانًا لم يجداه لدى أمهما الحقيقية. وسوس الشيطان للمتهمة أن عمة الأولاد هى السبب فى هذا الخلاف بينها وبين زوجها فأوجست فى قلبها غلًا وحقدًا بسبب تربيتها لابنيها وظلت تخطط للانتقام طيلة العامين الماضيين بعدما انساقت وراء الشيطان إلى أن جاء اليوم الموعود. الساعة تشير إلى الحادية عشرة والنصف، ومريم صاحبة ال3 أعوام ونصف تلعب مع ابن خالها الذى هو بمثابة شقيقها، وكانت شيماء قد بيتت النية وعزمت على قتل مريم، وبالفعل استدرجتها بعد أن أعطت الأطفال الآخرين نقودًا لكى يأتوا بالحلوى، وقامت بأخذ مريم فوق سطح منزل العائلة الذى كانت تسكن به وآخرون وانهالت عليها كالذئب الذى وجد فريسته بعد عامين من الجوع. آهات الطفلة البريئة وصلت إلى ربها بأى ذنب قتلونى هؤلاء، بعدما اغتسل وجهها بالدموع، وبقلب ملأته القسوة والحقد قامت المتهمة بخنق الطفلة بمساعدة مروة زوجة شقيق زوجها، وفجأة عم الصمت على الجميع... صعدت روح الطفلة لخالقها، لم تكتف المتهمة بالعذاب الذى أذاقته الطفلة، وهمت فى استكمال مخططها الشيطانى، وأرادت أن تتلذذ صاحبة القلب القاسى بمقتل الطفلة. فأحضرت سكينا وقامت بطعن مريم ثلاث طعنات بمؤخرة رأسها، ليكتمل انتقامها من الأم... سالت الدماء واختلطت بدموع الطفلة على أيدى المتهمة ولم تدر ماذا تفعل بجثة الطفلة فقامت بخلع الحلق من أذنيها والإيشارب الذى كانت ترتديه وتركت جثة مريم أعلى السطح لحين التخلص منها دون علم أحد. مرت الدقائق والساعات ولم ترجع مريم إلى المنزل قلب الأم يخفق بشدة قلقًا على ابنتها وأخبرت والدها... الجميع يبحث هنا وهناك ولكن لا أحد يعلم، مر يومان على فقدان مريم ولم يذق والداها للنوم طعمًا. وجاء اليوم الثالث وأرادت المتهمة أن تنهى جريمتها بعدما أحست بالمخاطر التى تحيطها فعزمت على إلقاء الجثة بنهر النيل فقامت بنقلها من على السطح إلى الدور الأرضى ووضعتها أسفل «كنبة» لحين إيجاد الوقت المناسب وإلقائها بنهر النيل.. ولكن كانت للعدالة الإلهية كلمتها. دخل شقيق المتهمة الغرفة التى كانت بداخلها الجثة، بعدما ساقه القدر ليكشف حقيقة الجريمة البشعة وأثناء جلوسه على الكنبة نظر إلى أسفل فرأى طرف الكيس الذى كان بداخله الجثة وقام بفتحه فوجد مريم، غارقة فى دمائها، اعتقد أنها ما زالت على قيد الحياة أو أنه تمنى ذلك فأسرع بها إلى الوحدة الصحية ليستطيع إنقاذها ولكن اكتشف أنها فارقت الحياة منذ أيام. ويوضح العميد أيمن محمد على مأمور قسم شرطة أبوتيج أنه تلقى بلاغًا من والد الطفلة محمد عارف باختفاء ابنته وتم عمل التحريات اللازمة، وتبين أنه لا يوجد أى أعداء أو خصومات لوالد الطفلة وأقاربها، وبعد يومين تلقى إخطارًا من مستشفى أبوتيج المركزى بوصول مريم محمد جثة هامدة وتوجد آثار تعدٍ عليها وطعنات سكين. ويكشف الرائد بركات أحمد رئيس مباحث القسم رحلة فك لغز الجريمة، حيث إنه لم يكمل غير ساعات قليلة بقسم شرطة أبوتيج لنقله رئيسًا للمباحث بالقسم، وجاءه بلاغ العثور على جثة مريم، انتفض قلبه لبشاعة الحادثة ولبراءة تلك الملاك التى لم يكن لها أى ذنب لتدخل دائرة الانتقام، فلم تمر 48 ساعة من العثور على الجثة إلا وكانت المتهمتان تمثلان الجريمة بعد اعترافهما بالجريمة كاملة بعد تضييق الخناق عليهما بسبب خلافات بين والدة الضحية والمتهمة منذ عامين سابقين، وتبين أنها أرادت الانتقام من والدة الضحية لتحرق قلبها لأنها اعتقدت أنها السبب وراء هجر زوجها لها، هو الدافع الأساسى. وتظل الكلمة التى هزت أرجاء المدينة كلها حزنًا على مريم... بأى ذنب قتلت وبصوت يملأه الحزن قال والد الضحية إنه لا يريد غير القصاص لابنته التى ليس لها أى ذنب سوى أن أمها عطفت على أطفال شقيقها وأرادت مساعدته فى تربيتهما بعد أن يئس من إصلاح زوجته فكانت مريم هى ضحية الحقد والانتقام الأعمى.