أكتب هذا الرأي والمؤشرات تشير إلي تقدم محمد مرسي علي منافسه احمد شفيق في الانتخابات من خلال فرز الاصوات في 27 محافظة باستثناء نصف محافظة القاهرة. رئيس مصر الجديد يواجه معارضة من ثلاثة ارباع الشعب المصري، فالرئيس الفائز حصل علي ربع أصوات الناخبين في الانتخابات المصرية.. بمعني ان الرئيس الجديد لا يوافق عليه 75٪ من المصريين، وهؤلاء يمثلون الغالبية العظمي التي قاطعت العملية الانتخابية سواء كانت متعمدة أو غير متعمدة.. وبما أن الانتخابات قد تمت لا يملك المرء إلا التسليم بنتائجها واحترام إرادة الناخبين التي اختارت.. لكن لا يعني ذلك أن الرئيس الجديد حصل علي ربع الاصوات لشخصه أو إلي التيار السياسي الذي ينتمي إليه، إنما لأن الذين منحوه أصواتهم كان عنداً في المرشح المنافس له وليس حباً فيه أو ايماناً به وانما لانه لم يكن هناك خيار أمام الناخب إلا هذا. الرئيس الجديد لمصر في الجمهورية الثانية تأكد لديه بما لا يدع أدني مجال للشك أنه جاء رئيساً للبلاد بربع الأصوات، ولديه قناعة كبيرة أن غالبية المصريين والبالغ عددهم نسبة 75٪ لا يؤمنون به أو يدينون له بالولاء، لكن في اطار الشرعية للصندوق هو الفائز ولا جدال في ذلك، رغم ان غالبية ربع الاصوات التي حصل عليها من البسطاء والذين يعدون لقمة سائغة لأي مرشح في توجيههم لصالحه.. وهذا كان واضحاً وجلياً في الانتخابات الرئاسية.. وهذا شيء مخز ومزعج للرئيس الجديد انه جاء ليعتلي عرش مصر وهناك 75٪ من المصريين يعارضونه ولا يوافقون عليه!! ولذلك لا أستبشر خيراً في المرحلة القادمة، طالما أن «الرئيس الربع» إن صح التعبير، لديه مرارة بوصوله إلي العرش بهذه النسبة الضئيلة، ولديه غالبية المصريين الذين يعارضونه ويرفضونه.. وهل هذا «الرئيس الربع» يستطيع بمفرده أن ينهض بالبلاد نحو تأسيس الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية بمفرده أو التيار الذي ينتمي إليه؟! .. وهل يقوم بإقصاء ثلاثة ارباع المصريين من المشهد كاملاً؟!.. الوضع بصراحة شديدة لا ينبئ بخير، لو تم اتباع سياسة اقصاء القوي الوطنية، وابعادها عن المشاركة في بناء الدولة المدنية الحديثة التي يحلم بها كل المصريين ولا خلاف بينهم علي ذلك. في المقابل أمام «الرئيس الربع» نجد إجماعاً مصرياً علي وطنية القوات المسلحة المصرية ومجلسها الأعلي، فالشرف العسكري المصري، هو تاج علي رؤوس كل المصريين، وسيظل الشرف العسكري المصري ناصع البياض وهو الشيء الوحيد الذي مازال يبعث في النفس الأمل أمام كل المهاترات السياسية التي تشهد ساحة البلاد.. ولا اعتقد أبداً أن هناك خلافاً علي ذلك بين المصريين.. وقد ثبت ذلك تماماً من وقوف المجلس العسكري من مسافة واحدة من المرشحين الرئاسيين في الانتخابات، ولم ينحز لآخر علي حساب الثاني.. وقام بعملية تأمين أكثر من رائعة للعملية الانتخابية والتي مرت علي خير. نعود مرة أخري للرئيس الربع، هل يبدأ علي الفور في بناء الدولة المدنية الحديثة، رغم أن توجهه السياسي بخلاف ذلك؟!.. وهل سيشرك القوي الوطنية معه لعبور البلاد إلي بر الأمان؟!.. أم أنه سيأخذ ثأره من الذين هاجموه بشدة؟!.. وهل سياسة الثأر والانتقام تجوز لرئيس؟!.. إذا فعل ذلك فإنما يعني أنه سينتقم من 75٪ من المصريين الذين يعارضونه طبقاً لمؤشر النتائج الانتخابية؟!.. وهل سيتخلي الرئيس الربع عن لغة التهديد والوعيد التي كان يمارسها قبل أن يصبح رئيساً أم انه سيزيد عليها عنفاً وأذي؟!.. وهل عقدة الانتقام ستزول؟!.. أم ستزداد وهذا علي الأرجح؟! هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة، وإن كانت تجربة جماعة الاخوان في البرلمان قد صدمت الجميع، وطريقة تعاملهم في اختلاق الأزمات كانت واضحة جداً ومازالت بشأن رفض الاحكام القضائية، واهمها علي الاطلاق الأحكام الصادرة بشأن الرئيس السابق ووزير داخليته وبراءة مساعديه، بالاضافة إلي التحدي الشديد لحكم المحكمة الدستورية العليا الذي قضي ببطلان مجلس الشعب والذي يصبح بقوة القانون منحلاً، وكذلك بطلان تأسيسية الدستور الثانية التي غلب علي تشكيلها التيار الديني المؤيد للإخوان.. ولذلك لا يملك المرء أمام هذه المهاترات إلا القول «يسقط الرئيس الربع»..