ضرب الزعيم مصطفى النحاس، المولود بريف مصر متحلياً بجميل عاداته وحسن تقاليده، أروع الأمثلة بين أقرانه كرجل من رجال القانون، وسياسي شارك فى صحية حزب الوفد الأولى وكفاح الشعب المصرى ضد الاحتلال الإنجليزى رافعاً لواء استقلال الشعب وحريته، فضلاً عن نضاله في إقامة حياة دستورية سليمة دون أن يأبه بما لاقاه من محن مبتغياً المصلحة العامة دون سواها، فاختاره الشعب المصري مع الحزب الذي انتمى إليه (الوفد) زعيماً مصرياً قومياً لدوره البارز فى إنشاء أول تجمع عربي قومي (الجامعة العربية) كل ذلك وغيره مما سطرته كتب التاريخ وروايات المعاصرين وما كشف عن تاريخ الزعيم مصطفى النحاس السياسي الذي انتهى بوفاته «معدوم المال - معلوم القيمة»، عليِّ القدر»، وهو ما انجلى أمره من الشعب المصرى حال تشييعه إلى مثواه الأخير بعد أن تخلت عنه السلطة. تلك فقرة من الحكم الصادر للطليعة الوفدية والقاضى بإقامة تمثال لزعيم الأمة مصطفى النحاس بأحد ميادين القاهرة الكبرى ونذكر هنا أن الحكم صدر برئاسة المستشار فاروق عبدالقادر رئيس محكمة القضاء الإدارى والمستشارين أحمد الشاذلى وصلاح الجروانى، وقد ضرب النحاس في الهيئة القضائية ورجالها أمثلة ومواقف نادرة منها كيف يحكم علي شخصه كرئيس للمحكمة بأداء غرامة إذا ارتكب خطأ أو ينصح أحد طرفى الخصومة باستئناف حكم أصدره ضده، أو يرفض التنحى كرئيس محكمة لأن المدعي عليه من الشخصيات الحكومية المهمة. وعندما ترك منصب القضاء ليكون الرجل الثاني إلى جانب الزعيم سعد زغلول سكرتيراً عاماً للوفد المصرى - كان يجاهر باعتراضه علناً علي قرارات لسعد زغلول، بينما كان سعد يطلق عليه أنه سيد الناس أو «النحاس خير الناس». ويجمع الكثيرون بل الجميع بأن أصدق ما توصف به مكانة مصطفى النحاس باشا في عصره أنه كان أكبر وأعظم ما يحتاج إليه عصره، فقد كان يتمتع بمثاليات وكفايات خلقية وسياسة تفوق ما هو مطلوب من رئيس وزراء أو رئيس جماعة وطنية كبيرة كالوفد، ولو أن النحاس كان أقل مما كان عليه بالفعل، لكان أكثر نجاحاً وحظاً عند معاصريه، وإن كان مواطنوه البسطاء لم يبخلوا عليه بكل ما يستحقه من حب وتأييد وإخلاص، ولقد أجمعت كل الآراء المتضاربة حول شخصه بأنه كان وطنياً عظيماً وبأنه كان مخلصاً ونزيهاً وأنه عاش حياته الحافلة من أجل وطنه وقضية بلاده من دون أن يفتر له عزم أو تلين له قناة. --- رئيس الطليعة الوفدية