[أحمد عز يخرج من أدوار الفتى الوسيم المطارد لمنطقة أكثر براحاً!] منذ 1 ساعة 25 دقيقة مازالت السينما قادرة على المقاومة، وجذب جمهور غفير رغم أنف امتحانات الثانوية العامة، وحمى انتخابات الاعادة، واللجنة التأسيسية! منذ اسبوعين بدا عرض فيلم المصلحة بطولة أحمد السقا وأحمد عز، وقد حقق الفيلم رغم ذلك إيرادات يراها السينمائيون مرضية ومعقولة وفوق توقعاتهم، وهو ما شجع شركات التوزيع، على طرح فيلم آخر من بطولة احمد عز بمفرده، وهو أمر يضرب كل الأفكار التسويقية البالية، السخيفة فى مقتل، فقد عشنا سنوات طويلة تحت زعم أن السوق لا يحتمل إلا فيلما واحدا للنجم، ولو طرح له فيلمان فإن أحدهما سوف يأكل الآخر، او ان أسهم هذا النجم سوف تنخفض فى سوق شباك التذاكر، رغم ان نجوما بحجم براد بيت ونيكول كيدمان يمكن ان يقدما فى الموسم الواحد فيلمين أو أكثر، دون ان ينال ذلك من قيمتهما، ولكنها فكرة خادعة روجوها وصدقوها حتى جاءهم البرهان على عدم صحتها! والدليل فيلم «حلم عزيز» الذى يتزامن عرضه مع المصلحة والاثنان من بطولة، أحمد عز، والفيلم الأخير الذى شاهدته منذ يومين فقط، كانت مقاعد الصالة شبه ممتلئة، ونسبة الأشغال كبيرة، لدرجة لافتة، وإن كان من الملاحظ وجود عدد لا بأس به من عرب الخليج، والنساء فوق الأربعين، حاتسألنى اشمعنى يعنى، حا أقولك معرفش! يبدو ان جمهور أحمد عز من هذه الفئة العمرية، وربما تكون مجرد صدفة، الله أعلم! المهم ان احمد عز، قد تخلص من بعض عيوبه فى فيلميه الاخيرين، «المصلحة» و«حلم عزيز»، وأبرزها ميله لان يلعب دور المطارد، يعنى تضعه أحداث الفيلم فى مأزق أو محنة، تجعله يجرى والناس تجرى خلفه، وقد فعلها فى الشبح ونفعت وظل يكررها حتى فى المسلسل الذى لعب بطولته وهو ألادهم، ويبدو ايضا أنه افاق على ان الموضوعات السينمائية كثيرة ومتنوعة، وعليه أن يفكر فى أنماط أخرى من الأدوار يمكن ان تبرز مقدرته على التمثيل،لأن استسلامه لفكرة أنه ممثل حليوة أصبحت شديدة السخافة وسوف تخنقه وتؤدى به إلى النهاية، وهو الأمر الذى أدى الى سقوط فيلمه 365 سعادة، فالنجم لايقاس نجاحه بدرجة وسامته، وإن كان على الوسامة فالجمهور وخاصة النساء لديه مناعة من كثرة مشاهدة المسلسلات التركى، ونجومها الذين يتمتعون بوسامة ولياقة تفوق ما يتمتع بهم تجومنا مجتمعين، وهنا يصبح الخيار ان يعتمد الممثل المصرى على قدرته التمثيلية وذكائه فى اختيار أدوار ودرجة قبوله لدى المشاهد! المهم أن أحمد عز قد قرر ان يغير من نمط أدواره، وان يلعب فى مناطق أخرى لم يجربها، وأعتقد انه ممكن ان يحقق فى ذلك نجاحا وتفردا، لو صدق عزمه وحط عقله فى رأسه! فيلم «حلم عزيز» يمكن ان تتفوق أمامه طويلا، فهو مختلف بدرجة واضحة، والأوضح أن هذا الاختلاف فى صالحه وليس ضده، على الاقل لقد اقتحم منطقة مغايرة لم تعرفها السينما المصرية كثيرا، سيناريو الفيلم لنادر صلاح الدين، والإخراج لعمرو عرفة، الذى تعامل هنا مع حرفية الكمبيوتر جرافيك، بشكل أوسع واكثر تعقيدا لم تعرفه السينما المصرية إلا فى أضيق الحدود، رغم ان السينما العالمية تتعامل منذ فتره طويلة، مع المؤثرات البصرية بشكل مدهش أتاح لها التنقل بين نوعيات مختلفة من الموضوعات سواء تلك التى تدور فى الفضاء الخارجى، أو لتناول قصص خيالية، أو لتقديم معارك ضخمة شديدة الإبهار، وبالنسبة لحلم عزيز، فنستطيع ان نقول انه تجرأ على طرح موضوع ربما يكون شائكا فى هذا التوقيت بشكل خاص، وهو طرح تصور سينمائى للجنة والنار، أراك وقد اصابتك الدهشة وفغرت فاك على آخره، نعم الفيلم يقدم تصورا عن الحياة فى الجحيم، والحياة على أبواب الجنة! فى البداية تبدو القصة أو حكاية الفيلم تسير بطريقة تقليدية، زوج شاب وثرى، ودونجوان هو عزيز أو أحمد عز،يعيش حياة لاهية ولا يعبأ مطلقا بمن حوله،يتعامل مع عمال وموظفى شركاته بعنجهية، ويأكل حقوقهم المادية، يثورون عليه فيستخدم قبضته الفولاذية لإجهاض تمردهم، ويسعى لطرد عدد منهم، ليكونوا عبرة لغيرهم، ويأتيه فى منامه شبح والده، يطلب منه ان يصعد معه سلما يؤدى به الى باب الجنة حسب زعم شبح الوالد «شريف منير» فى الحلم، ويستيقظ عزيز يصاحبه بعض القلق، ويزداد قلقه عندما يخبره أحد أصدقائه بأن رؤية الميت فى الحلم قد تكون مؤشرا بأن حياته أصبحت على وشك الانتهاء، وخاصة وإن كان هذا الميت يريد ان يصطحبه الى مكان ما، ويتكرر الحلم ويتحول إلى كوابيس خاصة وان والده يصر فى كل مرة ان يصطحبه معه! ويضطر عزيز ان يذهب لأحد الشيوخ يسأله عن حقيقة الأحلام، وهل يمكن ان تتحقق، وينتهى الأمر بأن عزيز يقتنع ان أيامه فى الحياة أصبحت معدودة وان ما تبقى له فيها لا يزيد علي أيام تقل عن الثلاثين، ويتبدل حال عزيز وخاصة وان رأى فى منامه ما ينتظره من عذاب السعير، فهو لم يفعل فى حياته شيئا يستحق عليه دخول الجنة، ويلتقى فى حلمه ببعض الشخصيات المعروفة التى يكاد يكون مصيرها معروفا، ومش ممكن تورد على جنة، مثل هتلر، وموسولينى، موشى ديان وجولدا مائير، والقذافى!!! وخوفا من ان يكون مصيره مثل هؤلاء يفكر عزيز فى تعويض من أساء إليهم، لعلهم يسامحونه على ما اقترفه فى حقهم، ويبدأ فى البحث عن أحد خصومه «صلاح عبد الله» وهو تاجر تسبب عزيز فى خراب بيته، وإفلاسه بعد أن قام بحرق مخازن بضاعته، وبعد ان يعوضه عزيز برقم يصل الى عدة ملايين، يقبلها الرجل مقابل ان يقول له لقد سامحتك، يبدا فى البحث عن الشخص الثانى الذى تسبب ان يصل الى الجنون بعد ان ورطه فى شحنه من بضاعة يصعب تصريفها، وهى بزازات للأطفال!! أما الشخص الثالث الذى يطلب منه عزيز ان يسامحه فهو خطيبته السابقة «حورية فرغلى» التى تخلى عنها، فى يوم فرحها، وعندما تقترب الأيام من نهايتها أو ما يعتقد انه النهاية يسعى عزيز لعمل الخير ويحسن إلى عمال وموظفى شركاته، ويجزل لهم العطاء، وقبل هذا وذاك يترك حياة الفجور ويقرر ان يكون مخلصا لزوجته، ويتحول الخصوم الى أصدقاء وتتحول لعناتهم الى دعوات لعزيز أن يطول عمره وينعم بالصحة وراحة البال! ساعتها فقط تختفى الكوابيس ويعود لعزيز راحة باله وينعم بنوم هادئ، بعد أن أراح ضميره! يمكن براحة ضمير ان نقول ان أحمد عز أدى الدور بشكل جيد، بمختلف أبعاده ولولا بعض المبالغات والصراخ والعصبية الزائدة فى بعض المشاهد لكان من الممكن ان يكون فى حال أفضل كثيرا عما بدا به، أمام محمد عادل إمام إلى قدم شخصية زوج شقيقة عزيز الشاب عديم التجارب بطريقة كوميدية ليس بها مبالغات، أو محاولات للاستظراف، ولعب شريف منير دور شبح الأب المتوفى بطريقة مبتكرة، وطريفة، أما مى كساب فقد خرجت من إطار الفتاة الشعبية «البيئة» لتقدم دور سكرتيرة عزيز، التى توافقه فى مخططاته الشريرة، وتسعى لإرضائه بكل الطرق، أما الوجوه الجديدة التى أدت أدوار زوجة عزيز أو شقيقته فالأولى ييجى منها، والثانية صعب ان تشاهدها مرة أخرى! أما المخرج عمرو عرفة فقد قدم فيلما كوميديا له طبيعة مختلفة وسخر كل أدواته كى تصل رسالته بلا حذلقة وفذلكة، ولكن بقدر كبير من المتعة البصرية المريحة والمناسبة لموضوع الفيلم!