أيام قلائل تفصلنا عن جولة الإعادة والشارع المصرى أصبح منقسما متحفزا الكل يسأل الكل لمن ستدلى بصوتك ؟ إياك ومرشح الإخوان ستتحول مصر الى دولة دينية على غرار إيران وباكستان سنعيش فى الكهوف مثلما أفغانستان ! إياك والفلول الذين سيعيدون نظام مبارك الفاسد وكأن ثورة بالميدان لم تقم وهل صارت دماء الشهداء ماء ؟ كلما إقتربنا من الصندوق يصدّر لنا الإعلام باستضافته بعض المدعين بمعرفة بواطن الأمور وخباياها مايزيد من حيرة وقلق المصريين الفرحين بالديمقراطية الوليدة ، تلك الفرحة التى بدأت تتلاشى أمام الخوف والرعب وكأننا سنشارك فى معركة حربية بين عدوين لدودين لكل منهما أتباعه وأنصاره ، معركة نعرف توقيتها مسبقا ، ولاتخلو الحوارات أيضا من السؤال الذى أصبح مفروضا عن الأقباط وماذاهم فاعلون ؟ خاصة بعدما طالبهم البعض بتقديم إعتذار عن دعم شفيق فى المرحلة الأولى فهل الديمقراطية التى يتشدقون بها حكرا على أحد ؟ الأقباط عانوا عقودا طويلة من التهميش والإنكار والإقصاء ، والسؤال الأكثر أهمية الآن من المسئول عن تشويه العلاقة بين الشركاء ، من المسئول عن إتهام الأقباط بالكفر ؟ المسئول هو التعليم والثقافة المجتمعية التى ترسخ مشاعر الكره منذ مراحل التعليم الأولى ، الأقباط لو لم يفز شفيق فى جولة الإعادة كانوا سينقبون عن بديل يحقق لهم المواطنة ، الأقباط ملّوا التمييز ، كرهوا أن يكونوا أقلية يمنّ عليهم بمقعدين أو ثلاث فى مجلسى الشعب والشورى ، سئموا إتهامهم بالعمالة والولاء للأجنبى ، تألموا بشدة عندما رفض شعب ( قنا ) أن يكون محافظهم قبطى الذى لم يدخل مكتبه أو يمارس عمله حتى يحكمون على آدائه فالرفض كان على أساس لاولاية لكافر على مسلم ولم يكن لمعيار الكفاءة والخبرة أى أساس ، الأقباط يخشون الدولة الدينية ؟ نعم يخشونها ، نعم رغم كم التطمينات التى بذلها محمد مرسى من خلال حواراته ومن خلال بعض أعضاء حزب الحرية والعدالة الذين جابوا العديد من (الإيبراشيات ) فزاروا أساقفتها يعلنون أنهم لن يتخلوا عن أقباط مصر طالبين دعم مرشحهم الدينى ، الكنائس الثلاث قررت قبل بداية الإنتخابات ألا تدعم مرشحا بعينيه وسوف تترك للشعب المسيحى حرية الإختيار ، الموقف لايحتاج أى توجيه ، الشعب بمسلميه ومسيحيه أصبح لديه بعد الثورة من الوعى الكثير والأهم أنه يرفض رفضا قاطعا أن يتم الضغط عليه ، فرحة المصريين بالحرية التى منحتها لهم ثورة الميدان والتى بدأ يقطف أولى ثمارها لم ولن يقبل أن ينتزعها منه كائن من كان ،الحرية التى دفع من أجلها الكثير من الدماء ، وسؤال آخر ماذا لو فاز مرسى فى جولة الإعادة ؟ هل سيتم الإنتقام من الأقباط كما يشيع البعض ؟ لاأعتقد ، لو فاز مرسى بالرئاسة سوف يستقبل المهنئين من كل الطوائف ستنهال عليه باقات الزهور والبرقيات التى مفادها مبروك لمصر ومعا من أجل ( وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه ) كما قال الحبر الجليل البابا شنوده الثالث قبل أن يرحل عن دنيانا ، لسنا فى حرب مع أى تيار دينى أو مدنى ، القبطى مواطن ليس له مطمع إلا العيش بكرامة وعدالة ومواطنة كاملة ، القبطى شارك فى ثورة التحرير ولم يمر على حادث القديسين سوى بضعة أيام الحادث الذى هز مصر جميعها حينما فجرت أجساد أسر بأكملها ليلة الميلاد المجيد وتناثرت الدماء والأشلاء دون ذنب ، و كان هذا اليوم هو الذكرى الأولى لحادث نجع حمادى الذى راح ضحيته أيضا عدد من الأقباط وفرد أمن مسلم ، وجد الأقباط أنفسهم فى مواجهة نظام يستبيحهم كل عام فى نفس التوقيت ، أيادى خفية تعبث بأستقرار الوطن والجناة طلقاء مصيرهم مجهول ، الأقباط شأنهم شأن إخوانهم المسلمين ثاروا على الظلم والعنف الذى طالهم ، ولا أعتقد أنه لو تحولت مصر الى دولة دينية سوف تقمعهم وتتفنن فى إذلالهم أو الإنتقاص من هويتهم أملا فى ترحيلهم عن ديارهم ووطنهم كما يروج البعض ، لاأعتقد أن يقبل الإسلام الوسطى التعرض للكنائس والأديرة بأى سوء ، وهل سنتفرغ للبناء وتعويض خسائرنا الإقتصادية وتنفيذ برامج وأولويات تعالج الأزمات التى أخرتنا مئات الأعوام أم نتفرغ لتكسير عظام الأقباط على أساس أن دولة الخلافة لاتقبل مسيحيين على أراضيها ؟ مللنا الحوارات العقيمة القبطى سيقف فى طابور الإعادة يمارس حقه الدستورى والقانونى دون إملاء من أحد يعيش اللحظة لأول مرة ، لو نجح مرسى سيهنئه ولو نجح شفيق سوف يشد على يده ، فالإحتكام للصندوق دون تزوير ، وهل فوز أحد المرشحين ثم اكتشف الشعب سوء أوضعف آدائه ، أونصرة مواطنين على حساب مواطنين آخرين فالميدان موجود كلنا يعرف الطريق وكلمة لكل من يتهم الأقباط بخيانة الثورة والشهداء هذا كلام باطل هدفه التشويه ، شفيق مسلم وحصد العديد من أصوات المسلمين الداعين لمدنية الدولة وتظل مصر دائما وأبدا فوق الجميع