أول مبدأ دستوري في العالم أجمعين «جذوره مصر الفرعونية» وإليكم الدليل ومستندات ووثائق التاريخ: كانت المجتمعات البشرية القديمة تعيش في ظل «تعدد الآلهة».. إلا أن مصر الفرعونية «الأولى في العالمين» التي اتخذت من العدالة إلهاً فكانت «الآلهة معات: آلهة الحق والعدالة والفضيلة». وعلى ذات الدرب مشى ملوك وحكام مصر الفرعونية واتخذوا من ذلك المبدأ المقدس أساساً وعنواناً لحكمهم. وتحت عنوان كان قبلتنا صوب إعلاء شأن القانون في مصر الفرعونية، حيث الحضارة تتكلم: إن «القانون هو فن الخير والعدل» والخير فضيلة، والعدل فضيلة، ونيمم وجهتنا صوب قاعدة أو مبدأ «العدل أساس الملك» عند المصريين القدماء منذ فجر التاريخ: اتصف القانون المصري الفرعوني بالعدالة. لأن الفرعون كان إلهاً «أنا ربكم الأعلى» والإله من خصائصه العدل. ولما كان القانون يستمد وجوده من الفرعون باعتباره صاحب السلطة التشريعية الأول. إذن ما علينا إلا أن نشير في عجالة الى أبعاد هذه الصفة المقدسة للقانون: وإذ يتم اختيار الملك «الصالح» - هكذا تقول النصوص - ينبع الخصب في الحقول، وتأتي الانتصارات في الحروب.. وعلى الشعب أن يعيش في خير وهناء مقيم. إن الفرعون إله حي، إنه لا يموت: إنه يحيا بأعماله الفرعون يفعل ما يجب أما ما لا يحبه لا يفعله. وهذه رسالة من أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة الى أحد وزرائه بمناسبة تعيينه: «.. والذي يجب عليك عمله في كل الأحوال أن تحافظ على القانون، وعندما يأتي صاحب شكوى، فاحرص على أن يتم كل شىء طبقاً لما يقضي به القانون وما يقضي به نظامه حتى يصل كل شخص الى حقه..». أول تقنين لمبدأ «سيادة القانون» ومشى قضاة مصر على درب العدالة وطريقه المستقيم، كان كل منهم يضع تمثال الآلهة «معات» حول عنقه في مجلس القضاء لتذكره بتحقيق العدالة. وامتد العدل من الحاكم الى قضاته: يقول القاضي «رمنوكا» في عهد الملك «منكاورع» في نقوش وجدت على قبره تذكاراً لما كان يحكم به: «إن الذي يحب الملك والإله أنوبيس على قمة جبله، لا يأتي بأذى لمحتويات هذا القبر، من القوم الذين سيصعدون الى الغرب «الدار الآخرة»، أما من جهة هذا القبر الابدي فإني قد أقمته لأني كنت مقرباً لدى الملك والناس، ولم يحدث قط أني اغتصبت أي شىء من أي إنسان لهذا القبر، لأني أذكر يوم الحساب في الغرب «الدار الآخرة». وهو القائل عبارة خلدت مع الزمن «لأن العدل ينزل مع صاحبه القبر». إذن كانت العدالة مبدأ وعقيدة وأسلوب حكم وحياة يقول الإله «رع» لكل الملوك: «قل العدالة، اصنع العدالة، لأن العدالة قادرة، إنها عظيمة، إنها سرمدية». جاء بتعاليم الملك «خيتي الرابع» «رابع ملوك الأسرة العاشرة» الموجهة الى ابنه الأمير «مريكاورع» ولي العهد، قال له وهو يعظه: «يابني تحل بالفضائل حتى يثبت عرشك على الأرض.. هدئ من روع الباكي.. لا تظلم الأرملة.. لا تجرد أحداً مما يملك.. لا تطرد موظفاً من عمله.. لا تكن فظاً، بل كن رحيم القلب.. لا ترفع ابن الشخص العظيم على ابن الشخص المتواضع، بل قرب اليك الإنسان حسب كفاءته». ونواصل مسيرة العدالة في بلد الحضارة، مصر أم الدنيا علماً وحياة وخلوداً.