لا تزال الولاياتالمتحدة متورطة في صراع في الصومال، حتى الآن، وتبقى الحكومة المركزية في مقديشو غير قادرة على توفير الخدمات وتحقيق الأمن. ومنذ الأيام الأولى لها، كان تنظيم القاعدة لاعباً محورياً في الصومال، وهو حالياً ممثل في حركة تمرد راسخة قادرة على شن هجمات إرهابية تسمى ب "حركة الشباب الصومالية"، في الوقت الذي تشهد فيه العديد من العمليات العسكرية التي تدعمها الولاياتالمتحدة والاتحاد الإفريقي على مدار العقد الماضي. وتعد حملة مكافحة الإرهاب في الصومال من بين أكثر الطرق صعوبة في المسارح العديدة التي ظل فيها الجيش الأمريكي ناشطاً في حقبة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر. في ال 17 من ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أن الجيش قام بست غارات جوية في الصومال، والتي أسفرت عن مقتل 62 من مقاتلي حركة الشباب، مضيفة أن الغارات كانت تهدف إلى "منع الشباب من استخدام المناطق النائية كملاذ آمن للتخطيط والتوجيه والاستعداد لهجمات مستقبلية". ووفقاً للاحصائيات المعلنة، فإن العدد الإجمالي للغارات الجوية الأمريكية في الصومال قد ارتفع خلال عام 2018 إلى 45 غارة، بزيادة 14 غارة عن الغارات ال 31 التي تم الإعلان عنها في عام 2017. ويقول مراقبون إن وتيرة العمليات قد ارتفعت بنسبة أكبر بعدما قامت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتغيير قواعد الاشتباك إلى وضع "أكثر وقائية". ويضيف المراقبون أن هناك قلق متزايد من أن الصومال يمكن أن يوفر لعناصر حركة الشباب، بالإضافة إلى إرهابيين آخرين فيهم ما ينتمي إلى داعش، ملاذاً آمناً للتخطيط لشن هجمات. وغالباً، ظل الصراع في الصومال داخل حدود البلاد، مع بعض الاستثناءات بما في ذلك الهجمات في كينيا وأوغندا، ولكن ذلك يمكن أن يتغير مع سعي الجماعات إلى التخطيط لعمليات خارجية تستهدف الغرب انطلاقاً من الصومال. وبالرغم من أن حجم النزاع في الصومال أقل بكثير مما تتصارع عليه الولاياتالمتحدة في أفغانستان، إلا أن الحقائق الأساسية متشابهة، فواشنطن تحاول تحسين قدرات الدول من خلال استراتيجية تهدف إلى مساعدة الحكومة على زيادة الأمن والاستقرار، وهو تحد هائل في دولة منهارة مثل الصومال. ويرى المراقبون أن الصومال تشبه أفغانستان إلى حد كبير، مع عدم قدرة الحكومة على توسيع سيطرتها بشكل كبير ومستدام خارج العاصمة، وقدرة حركة الشباب على القيام بهجمات إرهابية متفرقة ومدمرة. وبجسب تقديرات الولاياتالمتحدة، فإن قواتها تمكنت من قتل أكثر من 300 من عناصر حركة الشباب في عام 2018، بالرغم من أن المجموعة لا تزال تضم الآلاف من المقاتلين. وبغض النظر عن "سذاجة الرقم"، إلا أن المقاتلون يواصلون الانضمام إلى حركة الشباب بسبب التزام الحركة بأيديولوجية "بن لادن"، باالإضافة إلى كون الحكومة الصومالية هدفاً ضعيفاً بشكل كبير. وأنشئت بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال "أميسوم" مطلع يناير 2007، مع جدول زمني مدته ستة أشهر، ويتم تجديد ولاية بعثة الاتحاد الأفريقي باستمرار، لكنها لا تزال ضعيفة بالرغم من تشديدها الحراسة في العاصمة مقديشو. وفي أكتوبر عام 2017، شنت حركة الشباب المتشددة أكثر الهجمات الإرهابية فتكا في تاريخ الصومال، حيث لقي أكثر من 500 شخصاً مصرعه في تفجير انتحاري مزدوج باستخدام سيارات مفخخة في مقديشو. ولم تشر الولاياتالمتحدة إلى أنها ستزيد من أعداد قواتها البرية في الصومال، إلا أنها تفضل بدلاً من ذلك زيادة وتيرة عملياتها العسكرية على عناصر الحركة، حيث ترى أن التصعيد العسكري، على الأقل في المدى القصير، سيقلل من قدرة حركة الشباب على التجمع والتدريب بشكل جماعي. ومع ذلك، يظل هذا المنظور قصير الأجل مع عدم اتخاذ خطوات من شأنها أن تحسن الأوضاع الاجتماعية والسياسية. إضافة إلى ذلك، من الممكن أن تسفر وتيرة العمليات الجوية المرتفعة عن زيادة في عدد الضحايا المدنيين، وسيسهم في تفاقم الأزمات الأمنية في البلاد، تماماً مثل أفغانستان، الغارقة في العقد الثالث من الحرب الأهلية والتمرد والعنف الوحشي.