انطلاقًا من منهج مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في رصد وتعقب التنظيمات الإرهابية بهدف الوقوف على أحدث الوسائل والأدوات التي تنشر بها فكرها المتطرف، قدم المرصد دراسته الجديدة حول الأطفال في صفوف الجماعات الإرهابية وخصوصًا داعش؛ حيث يُلقي من خلالها الضوء على: الإستراتيجية التي تستخدمها هذه التنظيمات في استقطاب الأطفال وما يتوفر لها من الوسائل لتجنيدهم بداية من الإغراء المادي ومرورًا بالتأثير العاطفي وحتى توظيفه لوسائل الترفيه والتطبيقات والألعاب ووسائل التواصل الاجتماعي. الجماعات الإرهابية استحدثت فكرة استخدام الأطفال في صفوفها لتحقيق أهدافها وتأمين مستقبلها. الأمر الذي يدل على أن تلك التنظيمات لا تتوانى عن توظيف كل ما يتوفر لديها من أدوات بغية الوصول لمآربها ونشر أفكارها وإقامة "خلافتها المزعومة" التي لن تقوم بغير لبِناتٍ. التنظيم الإرهابي يقوم بتدريب الأطفال لتنفيذ أحكام الإعدام ضد الآخرين، إرهابًا للأعداء وتربيةً "لأشبال الخلافة" ومستقبلها الذي يضمن له "البقاء والتمدد". استطاع التنظيم أن يكون جيشًا من "المسوخ الصغيرة" طلق عليه "أشبال الخلافة" بعد أن غسل أدمغتهم وانتزع قلوبهم وسلب منهم البراءة وشوه فيهم جمال الطفولة ونقائها ليزج بهم في ميادين القتل والذبح والتفجير. الدراسة توثق - في جزئها الثاني - للعمليات الإرهابية التي نفذها أطفال داعش ليقف القارئ الكريم على جرم هذا التنظيم في انتهاكه الصارخ لحرمة الطفولة بما يؤكد على أن كل من ينتسب لهذه الجماعات الإجرامية قد نُزعت الرحمة والإنسانية من قلبه. تناولنا من خلال هذا الدراسة في الأسباب التي ساعدت على تحويل هؤلاء الأطفال إلى وحوش مفترسة، وأشارت الدراسة إلى التعليم الذي يمثل الركيزة الأساسية التي استطاع بها داعش الوصول إلى هذه النتيجة المفجعة، فخصصنا جزءًا من الدراسة للمنظومة التعليمية لداعش؛ نلقي الضوء فيه على المناهج الكاملة التي طبقها التنظيم في مدارسه التي تتعدد أنواعها لدى داعش. بعد سقوط تنظيم داعش، وخسارته لأغلب المناطق التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا، ومع تزايد المخاوف من عودة هؤلاء الأطفال الذين تشرّبوا الفكر المنحرف، وتلقَّوا تدريبات عسكرية جعلتهم قادرين على تنفيذ عمليات إجرامية، أصبحت حاجة الدول ماسّة إلى وضع إستراتيجيات للتعامل مع العائدين منهم، فنقلنا تجربة بعض البلدان في التعامل معهم وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمعات. في النهاية، عرّجت الدراسة على أبرز ملامح التطرف التي قد يلحظها أولياء الأمور على الأطفال الصغار، وكيفية حمايتهم من الوقوع في براثن هذه التنظيمات الإرهابية والخطوات اللازمة لتجنيبهم التأثر بهذا الفكر المتطرف.