أيام قليلة تفصلنا عن مُضى عام 2018، الذي شاءت الأقدار له أن يشهد عودة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إلى الواجهة من جديد، في شهادته التي أدلى بها اليوم في محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرين من قيادات الإخوان بقضية اقتحام الحدود الشرقية، بعد فترة طويلة توارى خلالها الرئيس الأسبق عن الأنظار. الحضور اللافت لمبارك لم يكن مقترنا فقط بما أدلى به خلال شهادته، وإنما شمل هيئته التي ظهر بها بعد حضوره إلى المحكمة متكئا على "عكازة" وعلامات المشيب ترتسم وجهه وشعره، حاضرا بصحبة نجليه جمال وعلاء مبارك، لتأمر هيئة المحكمة التي تنظر القضية برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، بإحضار كرسي إلى مبارك للإدلاء بشهادته جالسا، مراعاةً لحالته الصحية. وأشار مبارك، أن عناصر من حزب الله اللبناني مدعومين بحركة حماس الفلسطينية، انتشروا وسط المتظاهرين في ميدان التحرير خلال أحداث 25 يناير وأن مطالبهم بدأت بالمطالبة بإقالة وزير الداخلية، ثم بعد ذلك المطالبة بإقالة الحكومة ثم المطالبة بتنحي رئيس الجمهورية. وعقب مبارك في ذلك السياق قائلًا: "أنا قولت رئيس الجمهورية يمشي مايجراش حاجة لكن الدولة ماتقعش، وعندما استشعرت أنهم بذلك يستدرجون القوات المسلحة والشرطة من أجل أغراضهم، قررت التنحي والانسحاب وإعطاء السلطة في يد القوات المسلحة لمنع الانزلاق إلى ذلك الخطر. وأضاف مبارك أن جماعة الإخوان والعناصر المتسللة في البلاد من حركة حماس أرادوا المواجهة مع الجيش، واصفًا أن ذلك الأمر كان سيؤدي إلى حدوث مصيبة، وأن تلك العناصر هاجمت مقرات الشرطة في الشيخ زويد ورفح وقتلوا مجموعة من القوات. وقال الرئيس الأسبق إن التاريخ هو من سيحكم إذا كانت 25 يناير مؤامرة أم لا، في شهادته بمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى وآخرين بقضية اقتحام الحدود الشرقية، مضيفًا أن الرئيس الإيراني قام بإلقاء خطبة يوم الجمعة 4 فبراير 2011 باللغة العربية لأول مرة وهذ أمر غير مسبوق، ولكنه جاء بهدف التحريض على قيام الثورة الإسلامية، مشيرا هنا الى خطبة المرشد على خامنئي. و أكد أن معلوماته بخصوص الأنفاق الموجودة على الحدود الشرقية للبلاد، كانت تأتيه بوصفه رئيسًا للجمهورية حينها، وقائدًا أعلى للقوات المسلحة، مُشددًا على أن الحديث في هذا الموضوع يتضمن أسرار ما لا يجوز الحديث فيها، وإلا خالف القانون، وجاء ذلك في مُستهل شهادته. وأجاب "مبارك" على تساؤل القاضي محمد شيرين فهمي بخصوص إذا ما كان شق الأنفاق تم من خلال علم الدولة، قائلًا إنها لم تكن بعلم الدولة، مُشيرًا الى أنها كانت تستخدم للتهريب، مؤكدًا أنها كانت موجودة منذ قبل 25 يناير مستخدمًا تعبير بأنها كانت "قصة قديمة" ذاكرًا بأن استخدامها في البداية كان لنقل الغذاء. وعن سؤال المحكمة بخصوص عبور عناصر من حماس وبعض الجهاديين التكفيريين الى داخل البلاد في الفترة ما بين 25 يناير حتى 28 يناير، وقيامهم بإطلاق قذائف آر بي جي وإتيانهم بأفعال من شأنها المساس بأمن البلاد، أكد الرئيس الأسبق أن حديثه بما يتعلق بتلك الأمور يستوجب حصوله على إذن من الجهات المعنية، وإلا ستكون مخالفة ، مشددًا على ان تلك المعلومات كان ترد اليه بصفته الوظيفية رئيس الجمهورية و القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأكد الرئيس الأسبق أن أشخاصا ينتمون لحركة حماس تسللوا عبر الأنفاق من خلال سيارات مسلحة، وأنهم ارتبكوا أفعالًا أضرت بأمن البلاد، من بينها التوجه نحو السجون وإطلاق المسجونين من داخلها، مضيفًا أن هناك أشياء لا يستطيع قولها حول ما فعلوه لأنها تتعلق بأمن البلاد. وأردف الرئيس الأسبق: هؤلاء الأشخاص تسللوا إلى رفح والعريش والشيخ زويد وهاجموا مقرات الشرطة ودمروا مبنى أمن الدولة هناك، ثم تفرقوا عقب ذلك لينتشروا في الميادين ومن بينها ميدان التحرير، وقاموا باعتلاء العمارات وأطلقوا النيران من فوقها. وبسؤاله حول وجود مخطط من الولاياتالمتحدة بهدف إسقاط النظام في ذلك الوقت، بالإضافة إلى وجود اتفاق بين حماس وجماعة الإخوان، رد قائلًا إنه لا يمتلك أي معلومات عن ذلك المخطط، ولكنه عاد ليذكر أن مخططات كثيرة كانت تحاك بالفعل ولكنه يمتنع عن ذكرها قبل الحصول على الإذن اللازم لذلك. وذكر مبارك أن اجتماعًا عقد في القرية الذكية يوم 20 يناير 2011، قبل اندلاع الأحداث بخمسة أيام بحضور العديد من رؤساء الأجهزة الأمنية، ولم تكن هناك أي معلومات حول وجود النية للتسلل عبر الأنفاق واقتحام الحدود وأن كل ما وصل إليه من معلومات عبر رئيس جهاز المخابرات وقتها، إن هناك دعوة إلى المظاهرات السلمية وأن هناك مطالب، مضيفًا: "وبعدها كلفت الحكومة للنظر في هذه المطالب، قبل أن أتدخل في خطاب للشعب بعد تطور الأحداث". وعن دور الإخوان، قال مُبارك إنه يحتاج للإذن الذي أشار اليه في مستهل الجلسة، لتمكينه من سرد كافة التفاصيل، وعن الأشخاص المُهربين من السجون إبان اقتحامها، ذكر مُبارك " من هرب من السجون كانوا عناصر من الإخوان وحماس و حزب الله ولا أعرف الأسماء". وتابع "مبارك" حديثه بالتأكيد أن موضوع الأنفاق مُعقد وموجود منذ قبل 25 يناير، وكانت تلك الأنفاق تتفرع الى فروع، منها في المزارع و البيوت، وذكر بأن الدولة دمرت عدد من تلك الأنفاق، وذكر أن النفق يكون مدخله كبير ويتفرع منه فروع كثيرة. وفجر مبارك مفاجأة أخرى بعدما ذكر أنه توسط شخصيًا وتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي للإفراج عن محمد البلتاجي و آخرين، بعد أن ألقت السلطات الإسرائيلي القبض عليهم أثناء استقلالهم مركب لنقل المعونة الغذائية الى غزة. بأن ذلك المركب تم إيقافه، وتم التوجه بالموقوفين الى ميناء أشدود، وذكر الرئيس الأسبق بأنه هاتف رئيس الوزراء الإسرائيلي وأخبره بضرورة إعادة محمد البلتاجي بجانب المصريين الموجودين من ضمن المحتجزين.