مسرحية تخدم السلطة .. السيسي يرد على فضحه من "نادي القضاة" بحرب بيانات مع النيابة الادارية    الحلم النووي صار حقيقة    أثرياء بأموال الغلابة.. قيادات "الإخوان الإرهابية" يسرقون تبرعات المسلمين ويحولون العمل الخيري إلى مصيدة مالية تستغل مشاعر الناس    تعرف على أفضل 5 سيارات موفرة للوقود في 2025    المكتب الإعلامي بغزة: نحمل الاحتلال مسئولية تداعيات خروقات وقف إطلاق النار    الجيش الهولندي يطلق النار على طائرات مسيرة فوق قاعدة جوية قرب الحدود الألمانية    أخبار الرياضة اليوم: الأهلي يستهل مشواره في مجموعات دوري الأبطال بالفوز برباعية على شبيبة القبائل.. الزمالك يعلن ضم عنصر جديد للجهاز الفني.. وليفربول يواصل الترنح في الدوري الإنجليزي    أسماء 270 فائزا في قرعة حج الجمعيات الأهلية ببني سويف    دولة التلاوة، لجنة التحكيم تعلن درجات المتسابقين بالحلقة الرابعة (فيديو)    منهم علي بدرخان ومدحت العدل.. مهرجان الفيوم يعلن مكرَّمي الدورة الثانية    نقيب الموسيقيين يفوض طارق مرتضى متحدثا رسميا للنقابة في القنوات الفضائية    تورتة وأغنية.. أبطال "كلهم بيحبوا مودي" يفاجئون آيتن عامر بعيد ميلادها    كمال أبو رية: الشغل مع عادل إمام ممتع.. هذا موقف من أدوار البلطجة    فريق طبي بالتأمين الصحي في بني سويف يعيد الأمل لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    طريقة مبتكرة وشهية لإعداد البطاطا بالحليب والقرفة لتعزيز صحة الجسم    مانشستر سيتي يسقط أمام نيوكاسل 1-2 بمشاركة محدودة ل مرموش.. فيديو وصور    خوري والسقا يبحثان ترتيبات احتفالات عيد الميلاد في الأراضي الفلسطينية    "الوطنية للانتخابات" تدعو المصريين بالداخل للمشاركة في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    جدول زمني للانتهاء من مشروعات الصرف الصحي المتعثرة بالقليوبية    عبير فاروق: محمد صبحي علّمني التمثيل ووقف جنبي في أصعب الظروف    أحمد فهمي ومرام علي.. حكاية حب تتحدى الماضي في "2 قهوة"    مخاوف من انفجار مواد خطرة.. آخر تطورات حريق بسفينة حاويات بميناء لوس أنجلوس    عباس شراقي: السد الإثيوبي حجز عن مصر قرابة 110 مليار متر مكعب    التعادل 1-1 يحسم قمة العين ضد الجزيرة في الدوري الإماراتي    ماكرون يعلن عقد اجتماع عاجل للدول الداعمة لأوكرانيا الثلاثاء المقبل    حزب الجيل: فضيحة السويد تؤكد جرائم الإخوان الإرهابية بعملية احتيال واسعة النطاق    ظهور عائلتها لأول مرة.. مروة نصر تطرح كليب "روحي"| (فيديو)    مصرع وإصابه 4 أشخاص في حادث تصادم بالمنوفية    المتحدثة باسم اليونيفيل: الهجمات الإسرائيلية داخل لبنان "غير مقبولة" أمميا    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (آخر تحديث)    مرموش بديلا في تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة نيوكاسل بالبريميرليج    جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في مواجهة المخدرات وحماية الشباب خلال أسبوع    شلل مرورى بالطريق السياحى اتجاه المنيب والمعادى وتوقف تام لحركة السيارات.. صور    30 ديسمبر.. الحكم على 9 متهمين فى خلية شبكة العملة    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    الشوط الأول| ريمونتادا بايرن ميونخ أمام فرايبورج في الدوري الألماني    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مصر تبحث مع نيجيريا تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والدواء والطاقة والإنشاءات    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    الهلال بالقوة الضاربة أمام الفتح بالدوري السعودي    غنيم: خطة الصناعة لتحديد 28 فرصة استثمارية خطوة استراتيجية لتعزيز التصنيع المحلي    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    الوطنية للانتخابات: الكويت الأعلى تصويتا حتى الآن    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع في الحرارة العظمى إلى 29 درجة مئوية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحليل الدستورى للتخبط الراهن
نشر في الوفد يوم 25 - 05 - 2012

- ان كل من يرصد ممارسات الأغلبية السياسية الحالية بمجلس الشعب المصرى ليلحظ ظاهرة متكررة تدعو للقلق و الحذر. فالممارسات التشريعية تتخذ احيانا اتجاه ينزع نحو الاستئثار بالسلطة و مثاله الفاضح تكوين الجمعية التأسيسية المنحلة بنسبة خمسين فى المائة اعضاء من الأغلبية البرلمانية ولكن بقرار مشرف من القضاء الادارى المصرى مبنى على أسانيد دستورية قوية لا شبهه فى حجتها لكل متخصص فى القانون الدستورى
تم حل هذه الهيئة الشاذة التكوين و التمثيل. و لكن هذه الممارسات تذهب أيضاً الى اتجاه خطير وهو الاعتداء على الضمانات القضائية للحقوق و الحريات العامة و هو ما تمثل فى تقليص اختصاص المحكمة الدستورية العليا فى مشروع قانون هيكلة و تنظيم المحكمة الذى لاقى رفضا كاملا من الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية لتقليص اختصاصاتها بدلا من دعمها و توسعة دائرة اختصاصاتها الى مجال الرقابة السابقة على دستورية كافة التشريعات المحالة لها قبل اصدارها و بمجرد التصويت عليها. و هو ما ادى الى سحب المشروع المؤسف الخاص بإعادة هيكلة المحكمة الدستورية و الذى اثار استهجان رجال القانون و القضاء لما فيه من عدوان على سيادة القانون. و فى النهاية فلا ننسى ان نذكر ان اخفاق هذا المجلس و فشله عن ارضاء الفئات المهنية كاساتذة الجامعات يعد سبب ثالث للقلق و الحذر فتنظيم المراكز القانونية لأساتذة الجامعة و اعضاء هيئات التدريس بصورة مثيرة للمعنيين قد ادى الى تجمعهم و تظاهرهم ضد مشروعات القوانين المؤسفة التى ان دلت على شئ تدل على النزوع الى الاستئثار بالسلطة و عدم القدرة على الحوار الديمقراطى مع المعنيين بالقرار. و كان علاقة هذه الأغلبية بجميع المؤسسات الاخرى للدولة ينبغى ان تتحول الى علاقة قوة بين طرف يأمر و يطاع وطرف يخضع و ينصاع . وهذا مفهوم رجعى و متخلف للممارسات السياسية .
يكفى ان يرى الشعب الوقت الضائع فى مهاترات غير مجدية حول الغاء النصوص المجرمة لختان البنات حتى يفطن الى الخطا الفادح المرتكب فى حق الحقوق و الحريات العامةو يكفى أيضاً ان ننظر الى ذلك الجدل العقيم الذى حدا بنائب ان يصر على الدفاع عن هذا المشروع لرفع التجريم عمن يقوم بهذا العدوان البر برى على طفلة صغيرة- حتى نشعر بالحسرة و الأسى لان ممارسات هذا المجلس تنزع نحو الشطط فى انتهاك الحقوق و الحريات الاساسية مما يحتم فى المرحلة القادمة ان يوفر الدستور الجديد ضمانات أساسية لاستقلال القضاء .و لرقابة دستورية القوانين
اننى لا املك الا ان احذر مجلس الشعب المصرى من كل محاولة للاعتداء على اختصاصات المحكمة الدستورية العليا او السلطة القضائية فى مصر فهى اخر حصن بقى للمصريين ضد محاولات الاعتداء المتكررة على الحقوق و الحريات و لاسيما على الضمانة القضائية الضرورية لحمايتها.و نحذر أيضاً من الرغبة الجامحة لهذا المجلس فى الاستئثار بالسلطة و عدم احترامه لأحكام القضاء ولاستقلاله.
من المؤسف ان اللطمة الاولى التى وجهها القضاءالادارى للأغلبية البرلمانية الحالية و التى تمثلت فى الجمعية التأسيسية المنحلة لم تكف ليتعظ المؤمنون و انما من اللازم لطمة اخرى اكثر إيلاما مع الأسف من السابقة و هذه المرة تأتى الصفعة من القضاء الدستورى نفسه .
ان مشروع قانون اعادة هيكلة المحكمة الدستورية العليا يستهدف تقليص اختصاصاتها و أضعاف القوة القانونية اللملزمة لأحكامها وهى صفعة لسيادة القانون.

نحن نطالب على العكس فى ظل الظروف الراهنه بدلا من تقليص دور الرقابة القضائية على القوانين تعضيد و اتساع نطاقها مع إقرار بعض الضمانات الدستورية على النحو التالى :

1. تبنى نظام الرقابة السابقة على دستورية التشريعات المحالة الى المحكمة الدستورية من ثلاثين عضوا فقط من مجلس الشعب او من رئيس الجمهورية فهذا امر ضرورة لحماية الحقوق و الحريات العامة المهددة الان فى مصر اكثر مما سبق. وهى ضمانة لحماية الحرية فى مواجهة التشريع.
2. تقرير حظر دستورى لكل مشروع قانون يتضمن تحصين التشريعات امام رقابة القاضى الدستورى ايا كان عدد المصوتين من اعضاء البرلمان لمخالفة هذا التحصين لحقوق الأقلية البرلمانية و لمبدأ الرقابة العامة و الشاملة على دستورية القوانين فى حد ذاته. لان من مقتضيات هذا الاخير ان رقابة الدستورية تتقرر ليس على اساس عدد من صوتوا على التشريع و أنما على اساس موافقة التشريع للدستور وهو ما يستحيل تقريره دون انعقاد رقابة مسبقة.
3. ان الجهل و العبث باختصاصات القضاء الدستورى يؤدى بالمجلس الحالى الى حلول هزلية مقيته من مقتضاها النص فى مشروع القانون على عدم اقتران حكم الدستورية بالأثر الملزم اذا ما صدر ضد المجلس لعدم دستورية قانون الانتخاب و باقتران الحكم بالقوة التنفيذية الملزمة لو صدر فى صالح المجلس. ان هذا العبث الذى يتدنى الى حد الإساءة فى استعمال السلطة التشريعية و البله السياسى و القانوني لا يليق بمصر و لا بالقضاء المصرى.
4. يتعين ان يعطى ألقاضى الحق فى استبعاد التشريع المتصور تطبيقه فى النزاع و ذلك اذا ما خالف التشريع معاهدة دولية او وفاق دولى صدقت عليه مصر ولاسيما فى مجال الحقوق و الحريات الاساسية للمواطنين و هو ما لا يتأتى الا اذا نص النص الدستور الجديد على منح القواعد الدولية المكتوبة و بشرط التصديق عليها و إدراجها فى النظام القانوني المصرى قوة قانونية ملزمة اعلى من التشريع تكفل للقاضى استبعاد التشريع المخالف للحقوق و الحريات الاساسية.
5. يجب ان يعطى رئيس الجمهورية فى الدستور الجديد الحق فى حل المجلس التشريعى كما هو الحال فى كافة الديمقراطيات البرلمانية وذلك فى حالة أزمة سياسية تتولد عن الممارسات التشريعية المجافية لأحكام الدستور و الضمانات و الأعراف الدستورية التى نخشى ان يقترفها هذا المجلس.
6. بغض النظر عن الاعتبارات السابقة و بغض النظر أيضاً عن جدوى اعلان دستورى تكميلي الان و قبيل أسابيع قليلة من انتخاب رئيس الجمهورية فانه من العبث الدستورى المحض ان ينص الاعلان على مبادئ دستورية تخالف القواعد العامة للنظام البرلماني و المبادئ المعروفة للنظام الرئاسى بل و لا تمت بصلة الى النظام المختلط. و المثل يوضح ما نقول : ان النص فى الاعلان الدستورى المكمل على ان يعين البرلمان الحكومة ليس من خصائص النظام البرلماني الحديث و غير مستساغ و لا متصور دستوريا لانه لا يتصور فى العمل الدستورى ان يختار البرلمان حكومة ثم يراقبها و يطالبها بالاستقالة ساحبا الثقة منها فى نفس الوقت، لان بذلك يضع اختياره لهذه الحكومة موضع الاتهام .
7. ونصوص الاعلان الاخرى ليس فيها ما يجدر بإعلان دستورى جديد . لان مراعاة المصالح الخاصة بالمجلس العسكرى و ميزانية الجيش من ناحية او رغبات الأغلبية البرلمانية فى اللاستحواذ على السلطة التنفيذية بتعيين اللحكومة ليس بدافع مشروع من اجل صنع اعلان دستورى جديد. ان هذا الأعلان يبدو لكل دستورى جاد كضرب من صفقة مشينة بين المجلس العسكرى و همه الاوحد حول ميزانية الجيش التى لا عجلة فى تناولها فى اعلان دستورى مكملة الأغلبية البرلمانية التى تود السيطرة على التنفيذية أيضاً بتعيين الحكومة و ذلك فى جهل تام بالمبادئ الدستورية الحديثة التى تسير عليها الدول الديمقراطية. و اذا كان يحق لمجلس الشعب نظريا سحب الثقة من الحكومة، فمن غير المتصور منطقا و لا دستوريا ان يسحب الثقة من حكومة اختارها و عينها هو دون ان يعنى ذلك سحب الثقة فى المجاس نفسه الذى اختار هذه الحكومة. من الواضح ان هدف الاعلان هنا هو تقرير مبدا هام فى نظر الجيش وهو ان يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالنظر فى كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة، وتُناقش بنود ميزانيتها من خلال لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب، على أن تكون المناقشة سرية وغير معلنة، ويتم إدراج موازنة القوات المسلحة رقماً واحداً فى موازنة الدولة، كما يختص المجلس العسكرى بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره فهذه هى هموم الجيش و هى أبعد ما تكون عن هموم مصر و المصريين.
فى ألنهاية يجب الا يغرب عن البال ان الثورة المصرية تهدف الى رد حقوق و حريات المصريين و ليس مصادرتها و واجب المؤسسات الدستورية الأوحد هو تحقيق هذا الهدف فى جميع المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
ان انتهاء الفترة الانتقالية بانتخاب رئيس الجمهورية يؤدى الى حل المؤسسات التى قامت اثناء هذه الفترة بما فى ذلك المجلس العسكرى و مجلس الشعب و بصراحة كاملة فان العوار الدستورى الذى يعترى قانون الانتخاب يؤدى حتما الى التسليم بهذه النتيجة الدستورية الاخيرة
-
استاذ القانون الدستورى و الحريات العامة
بكلية الحقوق و العلوم السياسة
جامعة لاروشل الفرنسية
المسئول التعليمى عن الماجستير فى القانون العام
عضو الجمعية الفرنسية للدستوريين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.