كلما إقترب موعد الإدلاء بالأصوات فى الإنتخابات الرئاسية ، كلما التهبت حماسة المؤيدين والمعارضين ، السلاسل البشرية ، الحوارات والمناظرات التليفزيونية ، السرادقات وعقد المؤتمرات ثم تمزيق اليفط واللافتات وصولا الى التهديد بأنه فى حالة عدم فوز أى من المرشحين الإسلاميين ستتحول المحروسة الى أنهار من الدماء ، هذا التجاوزا فاق كل حد ، ثم التطاول باللفظ والتعدى على المرشحين ومؤيديهم ، المنافسة فى مصر غير شريفة ، وكنا نظن أن أولى خطوات الديمقراطية التى صنعتها ثورة يناير المجيدة ستمكن كل مواطن من التعبير عن رأيه بحرية وكرامة ، لكننا نشاهد والعالم من حولنا معارك إنتخابية يتم فيها إفساد وإفشال مؤتمرات الخصوم ، أما رفع الأحذية فأصبح شعار المرحلة ، رفع الأحذية حيلة الضعفاء الذين لايستطيعون تحقيق أى طموح ، فما حدث فى أسوان سلوك غير آدمى لايمت لمكارم للأخلاق بصلة ، فقد شمر أحد الحضور عن ساعديه فى مؤتمر أقامه مرشح الرئاسة الفريق أحمد شفيق وقام برشقه بالحذاء ، والكارثة أن من قام بهذا الفعل المنبوذ هو أحد مشايخ الصوفية ، مشهد لايليق بالمصريين لاحظنا تكراره أكثر من مرة ، وكم شوهد المصابون والجرحى يتساقطون من حدة الإشتباكات فى الوقفات الإحتجاجية والمطالب الفئوية وكان الحذاء شعارهم ، أمام السفارة السعودية إرتفعت الهتافات المهينة والأحذية أيضا فى وجه دولة شقيقة بعدما تم التحفظ على أحد المصريين الذى أتهم بجلب مواد مخدرة مما أسفر عن تعكير صفو العلاقة بين مصر والمملكة وغادر السفير السعودى غاضبا بعد إستدعائه وما كان له أن يعود إلا بعد أن سافر وفد مصرى رفيع المستوى ليعلن إعتذار مصر وأسفها ، فى فرنسا قام أحد الناخبين بالتعدى على سيدة بالحذاء حينما إختلفا على تسمية مرشح بعينه ، لتأتى على عجل قوات الشرطة الفرنسية للفصل بين أنصار كل من أنصارأحمد شفيق ومحمد مرسى ، وليس أقبح من رفع الحذاء على سلالم نقابة الصحفيين ، المؤسسة التى تنطلق منها حرية الرأى والتعبير ، صار وجه القبح أهم مايميز كل من يختلف فى الرأى ، مازلنا بعيدين عن مفهوم الديمقراطية ، وأعتقد أن السبق فى التعدى بالأحذية كان " لمنتظر الزيدى " الشاب العراقى الذى قذف جورج بوش أثناء عقد أحد المؤتمرات ، ونال تصرفه استحسانا وقبولا لدى الرأى العام فاتخذوه قدوة ، وساروا على منواله كبطل قومى ، الى متى الضرب والركل والعالم يشاهدنا فى كل بقاع الأرض ؟ تخلصنا من النظام الفاسد وهانحن نقترب من الصندوق الذى له القول الفصل فى أولى إنتخابات حقيقية تعيشها مصر لحظة كم حلمنا بها ، فلماذا نفسد على أنفسنا الفرحة الرائعة ، لماذا نحرم أنفسنا من ممارسة حقنا الدستورى مع إحترام حق الإختلاف ، كفى التجاوزات التى مورست فى الإنتخابات البرلمانية ، كفى التأثير على إرادة الناخبين نحو مرشح يجنح بمصر نحو الدولة الدينية لأن التصويت للمرشح الليبرالى يدخل تحت بند الحرام وسوف يحصد غضب الله وجهنم مصيره ، والشعب يدفع الثمن أصبح فى حيرة من أمره ، فهو على بعد خطوة من الصندوق ومازال لم يحسم أمره من سيختار ؟ ليت الجميع يضع دعوة شيخ الأزهر موضع الإعتبار ، فقد دعا الإمام الأكبر الشعب بجميع طوائفه للمشاركة بفاعلية فى الإنتخابات الرئاسية كواجب وطنى ودينى وتحريمه الرشوة الإنتخابية حتى تتم بنزاهة وشفافية ، فى يومى الثالث والعشرين والرابع والعشرين من هذا الشهر، سوف يقدم شعب مصر عربون محبة للشهداء الأبرار الذين سفكوا الدماء الطاهرة من أجلنا ، شموع وورود على قبورهم العطرة ، وليقرأ المسلمين " الفاتحة " وليقرأ الأقباط " أبانا الذى فى السماوات " يامصر عهد جديد تستحقين الكثير .