استضافت دولة الكويت الأسبوع الماضى المؤتمر الدولى للشراكة الفعَّالة فى نسخته الثامنة والذى تنظمه الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تحت رعاية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت تحت شعار «إنسانية واحدة ضد الجوع»، وجاء هذا المؤتمر لتشخيص ومكافحة آفة الجوع، وتحديد الوصف الموضوعى لأسباب معاناة الضحايا، وتقديم الدواء لمعالجة تداعيات الجوع. وأكد وزير العدل وزير الأوقاف والشئون الإسلامية المستشار د. فهد العفاسى أن الكويت كانت وستظل فى عطائها المتواصل لإغاثة شعوب العالم المنكوبة ومؤازرتها فى المحن والشدائد. وأشار إلى أن المؤتمر يأتى تتويجاً لإيمان أمير الكويت برسالته الإنسانية ودوره الفعال فى تخفيف معاناة الدول الفقيرة والشعوب المنكوبة، وانعكاساً لدوره الرائد فى صياغة منظومة إنسانية كويتية شاملة تتكامل فيها جهود الجمعيات الخيرية الكويتية الرسمية والأهلية والفرق التطوعية ومؤسسات القطاعين الحكومى والخاص محلياً وعالمياً. وأشاد العفاسى بالجهود المخلصة التى تقوم بها المؤسسات الخيرية الكويتية بالتعاون مع شركائها الدوليين فى دعم مسيرة العمل الإنسانى فى مختلف أنحاء العالم، معرباً عن خالص شكره لجهود الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وقيادتها وممثلى المنظمات المشاركة فى المؤتمر. وأشار «العفاسى» إلى أن مواقف الكويت الإنسانية على المستويين الرسمى والأهلى تجلت عبر تاريخها مجسدة ملحمة إنسانية متميزة فى العمل على تحسين الأوضاع المعيشية للمجتمعات الفقيرة وتقديم العون للمحتاجين واستقبال الوفود الإنسانية من جميع أنحاء العالم تعزيزاً لقيم التنسيق والشراكة مع المجتمع الإنسانى بجميع أطيافه. وأكد أن الكويت تصدرت مكانة لائقة على خريطة العمل الإنسانى إقليمياً ودولياً بفضل الله أولاً ثم بفضل عطاء أبنائها، وكان نتيجة ذلك تتويج الأممالمتحدة للشيخ صباح الأحمد قائداً للعمل الإنسانى ووسم الكويت مركزاً إنسانياً عالمياً، مشيراً فى الوقت ذاته حرص الكويت على دعم ومساندة القضايا الإنسانية فى مختلف أنحاء العالم انطلاقاً من قيمها الإسلامية الأصيلة وتراث الآباء والأجداد فى مساعدة الفقراء والمنكوبين دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو اللغة أو الجنس، مؤكداً توارث الكويتيين لهذه الخصال الجميلة والصفات الحميدة جيلاً بعد جيل مستمدين تلك القيم العظيمة من الدين الإسلامى الحنيف والمسيرة الإنسانية الحضارية التى تعلى من شأن الإنسان وتعلى من مكانته وترفض كل صور امتهانه وتجويعه وانتهاك حقوقه. الخطر الأول براثن الجوع وأكد رئيس مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية د. عبدالله المعتوق أن الجوع يعد الخطر الأول الذى يهدد حياة الإنسان وصحته وفق الإحصاءات الأممية والمؤشرات العالمية لعام 2018 التى تظهر زيادة مطردة ومخيفة ومروعة فى معدلات الجوع، فهناك أكثر من 821 مليون شخص فى العالم يعيشون فى براثن هذه الآفة، أى أن شخصاً واحداً من كل 9 أشخاص فى العالم لا يحصلون على ما يكفيهم من الغذاء. وأضاف «المعتوق» أن هناك أيضاً حوالى 150 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية بشكل مزمن، ويبدون فى أحجام صغيرة للغاية أقرب للتقزّم للسبب نفسه، فضلاً عن أن الجوع سبب رئيس فى نحو نصف وفيات الرضع فى العالم، ومصدر تهديد لحياة ملايين الأشخاص المتضررين جراء الكوارث الطبيعية والحروب المستعرة فى بعض الدول. إنسانية واحدة وأضاف أنه وأمام شبح الجوع الفتاك واستفحال آثاره، كان لابد أن يلتئم هذا الحشد الإنسانى الرفيع، تحت شعار «إنسانية واحدة ضدَّ الجوع» ليتشارك فى إطلاق مبادرة «إطعام مليار جائع حول العالم» تتويجاً لتوصيات مؤتمر «واشنطن للتحالف بين الأديان» الذى عقد بالولايات المتحدةالأمريكية فى 8 فبراير الماضى، واستجابة لجوهر رسالة الأديان التى تنظر إلى الجوع بوصفه مرضاً خطيراً، ينهش نسيج المجتمع الإنسانى، ويهدِّد أمنه واستقراره. وأعرب «المعتوق» عن أمله فى أن يكون هذا المؤتمر فرصة سانحة مهمة لتعزيز آليات الشراكة وبناء جسور التواصل وتبادل المعلومات فى حقل العمل الإنسانى واستلهام التجارب المؤسسية المتميزة فى مجال مكافحة الجوع، بما يُسهم فى توحيد الجهود وتضافرها فى محاصرة هذه الظاهرة الخطيرة، واستحداث نظم وحلول مبتكرة وخلاّقة جديدة فى مواجهة تحدياتها وتخفيف حدتها وآثارها السلبية وخاصة فى مناطق النزاع والحروب الدامية والكوارث الطبيعية. مليار جائع ودعا المشاركون فى المؤتمر من المنظمات المختلفة إلى المساهمة الفعّالة فى جلسات المؤتمر بحثاً واستقصاء وتحليلاً لظاهرة الجوع وتداعياتها وسبل معالجتها، والعمل على توحيد جهود الشراكة بين مؤسسات العمل الخيرى والإنسانى بهدف تقديم الدعم اللازم لإنجاح مبادرة «إطعام مليار جائع حول العالم»، على محاور ثلاثة: أولها: العمل على توفير مليار وجبة للمستفيدين فى المجتمعات الفقيرة والمنكوبة فى شكل مشاريع إفطار الصائم، ولحوم الأضاحى والإغاثة الغذائية ورغيف الخبز والسلال الغذائية والمطابخ المركزية وتغذية الطلبة والأيتام والأطعمة المعلّبة والمكملات الغذائية وبنوك الطعام وغيرها. وثانى هذه المحاور تمكين هؤلاء الفقراء من خلال مشاريع القروض الميسرة والمشاريع الصغيرة والتأهيل الحرفى والمزارع الإنتاجية والحرفية واستصلاح الأراضى وتوفير آلات الزراعة ومستلزماتها ومشاريع الرى والسدود ومحطات المياه والخزانات والآبار والصناعات الغذائية وغيرها. وثالث المحاور تعزيز الشراكات بين الجهات المهتمة بالشأن الإنسانى فى إطار رؤية مشتركة ومعالجات مستدامة لمكافحة الجوع، واستثمار هذه الفرصة لتوقيع اتفاقيات شراكة فى مجال مكافحة الجوع بين المنظمات المشاركة. إيقاظ النفوس وقال رئيس منتدى تعزيز السلم ورئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعى الشيخ عبدالله بن بيه: «لقد سعينا فى مؤتمر واشنطن لإيقاظ النفوس واستصغاء القلوب إلى دعوة السلام والتعاون فى سبيل صياغة تحالف إنساني، يستلهم من حلف الفضول، ويقوم على تفعيل القيم المشتركة، قيم العدل والرحمة والتآسى فى المعيشة، التى أدَّى تجاهلها وإذكاء الخصوصيات عوضها إلى ما هو مشاهد من الحروب والاقتتال».