تأكيداً على مواقفها الثابتة تواصل سلطنة عُمان استضافة جولات جديدة من المباحثات السياسية المهمة. فى هذا الإطار تتتابع العديد من المشاهد التى تعبر عن اهتمام السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، بإحلال السلام العالمى، بينما تتوالى الاستعدادات للاحتفال بالعيد الوطنى الثامن والأربعين يوم 18 نوفمبر الحالى. فقد استقبل السلطان قابوس، فى بيت البركة، بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث تم بحث السبل الكفيلة بالدفع بعملية السلام فى الشرق الأوسط ومناقشة بعض القضايا التى تحظى بالاهتمام المشترك وبما يخدم الأمن والاستقرار فى المنطقة. الرئيس الفلسطينى يؤكد: سلطنة عُمان تقودها الحكمة والعقلانية وليس لها مصالح خاصة لقد وصل نتنياهو إلى مسقط بعد ساعات من مغادرة الرئيس الفلسطينى محمود عباس لها، بعد أن أجرى السلطان قابوس معه مباحثات مهمة. من جانبه أكد الرئيس أبومازن أن نتائج زيارته للسلطنة كانت ممتازة، موضحاً أن ما دار فى اللقاءات مع السلطان قابوس كان فى غاية الأهمية، بالإضافة إلى اللقاءات الأخرى فى السلطنة، مشيراً إلى أن التنسيق لم يتوقف لحظة واحدة. وقال فى مقابلة تليفزيونية إن البلدين تربطهما علاقات تاريخية. كما أن عمان وعلى رأسها السلطان قابوس دولة لها عنوان واحد، هو أنها دولة حكيمة تقودها الحكمة والعقلانية. وأضاف: لا بد أن نحرص نحن على تواصلنا مع هذه الدولة التى ليس لها مصالح خاصة، ولا تريد أن تبيع هنا وهناك، أو تشترى هنا وهناك، وإنما إذا استطاعت أن تتصدى لمشكلة أو قضية تحلها فى صمت ،ولا تريد جزاءً ولا شكورا. هذه هى سلطنة عمان وموقفها منا بهذا الشكل وبيننا وبينهم كل أنواع التعاون والتنسيق السياسى والاقتصادى وغيره ونتشاور فى كل شىء. فى اتجاه موازٍ فإن أهمية وقيمة الإسهام العمانى الإيجابى من أجل السلام تتضح فى ضوء ما تم الإعلان عنه بشأن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وهو ما يلقى مزيداً من الضوء على مساعى السلطنة للتهيئة لاستئناف الاتصالات، وتحريك عملية السلام مرة أخرى بين الفلسطينيين وإسرائيل، خاصة أن السنوات الماضية أكدت على نحو واضح وقاطع أيضاً أنه لا مناص من التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم يحقق الأمن والاستقرار ليس فقط للشعب الفلسطينى، ولكن للشعب الإسرائيلى أيضاً، وللمنطقة ككل كذلك، باعتبار أن حل القضية هو ضرورى للسلام والاستقرار فى المنطقة، حتى تتمكن شعوبها من مواجهة التحديات الكثيرة التى تواجهها الآن. أكد يوسف بن علوى بن عبدالله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية فى سلطنة عمان، أن زيارة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى السلطنة ولقاءه جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان جاء فى الإطار الثنائى. وقال فى مقابلة مع تليفزيون سلطنة عمان: إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى سبقتها زيارة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، وقد جاءت كلتا الزيارتين فى الإطار الثنائى. وأضاف يوسف بن علوى: من يتابع سياسة السلطنة يعرف أنها تهتم بهذا الموضوع اهتماما بالغا، وقد أبدى كل من الطرفين رغبة فى اللقاء مع جلالة السلطان قابوس فى هذا الإطار الثنائى. وقد سمع جلالة السلطان قابوس منهما ما يرونه فى حل الخلافات وأسباب عدم نجاح المفاوضات حتى الآن، واستمعوا إلى آرائه، وأعتقد أنهم خرجوا من خلال هاتين الزيارتين ربما هما أفضل حالاً من قبل الزيارتين. ورداً على سؤال حول هل هناك توافق لبدء الحوار بين الجانبين؟، أجاب يوسف بن علوى أن الحوار قائم لكنه متوقف، لأسباب معروفة، وجوهرية، لكن الآن ربما يرون أن هناك فرصة ان ينظروا فى كيفية العمل على تحقيق رؤى تكون قريبة إلى بعضها البعض، فيما بينهم، ومحل استحسان. وبالتالى، من يقول إن هناك خطة هو لا يلام، كمراقب. لكن نحن ليس لدينا خطة محددة فى هذا الشأن إنما هم سمعوا آراء قد تكون مفيدة. ورداً على سؤال يقول إن القضية الفلسطينية وفقاً للمراقبين شهدت تراجعاً مع الأحداث فى المنطقة. فهل تكون مسقط محطة لإعادة هذه القضية من جديد لمسارها الطبيعى؟ أجاب الوزير المسئول عن الشئون الخارجية فى سلطنة عمان: - لا. نحن لسنا وسطاء، إطلاقاً. وسيبقى فى رأينا الدور الأمريكى هو الدور الرئيسى فى مساعدة الطرفين ومساعدة دول المنطقة المحاذية لها فى التوصل إلى اتفاق يرضى الطرفين والجميع، ويعطى المنطقة راحة بدل الخلافات والصراعات الموجودة، إنما نحن نقدم ما نسميه التيسير. رداً على سؤال هل لمستم رغبة الجانب الأوروبى والأمريكى ودول المنطقة فى الوصول إلى حل جاد للمشكلة الفلسطينية؟ قال: نعتقد أن العالم بأسره يريد أن يرى وقد صار هناك اتفاق بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى لأن هذا مهم بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط. ولك أن تنظر فى أن الشرق الأوسط وهو فى وسط العالم يؤثر على مصالح العالم، بالتالى فهذه الرغبة موجودة، فالدول الغربية والاتحاد الأوروبى ودول أخرى مثل روسيا الاتحادية وغيرها، لهم أيضا دور فى هذه القضية. والدور الرئيسى هو للرئيس دونالد ترامب رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو يعمل فى شأن اقتراح كما تسمى «صفقة القرن» وهذا شىء نعتقد أنه مهم، وإذا استطعنا أن نبدى بعض الآراء فهى من أجل أن تكون هذه مقبولة لجميع الأطراف ويكون قد تم تحقيق السلام بين الطرفين. رداً على سؤال حول كيف تنظرون إلى مستقبل المنطقة فى ظل الأحداث الأخيرة التى تمر بها؟ قال: أعتقد أن هناك انحساراً للخلافات كما أن هناك انحساراً لأعمال العنف والإرهاب وخلافه، إنما الدمار الذى حصل والظروف التى عصفت بالشعوب فى هذه المنطقة ستحتاج إلى وقت حتى تستعيد قواها مرة ثانية. من جانبه أشاد أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية جبريل الرجوب، بالدور الكبير الذى تضطلع به السلطنة لتقريب الصفوف العربية والعالمية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مؤكداً أن الجانب الفلسطينى يرى أن السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عُمان آخر الحكماء فى هذا الزمن العربى الردىء، مؤكداً أن الحكومة الفلسطينية أحوج ما تكون إلى تبادل الآراء والإصغاء لنصائح السلطان قابوس الذى له شبكة علاقات إقليمية ودولية تؤهله لأن يقدم المشورة الحكيمة للجانب الفلسطينى، مشيراً إلى أن سياسة السلطنة تجاه فلسطين ثابتة من رعاية ومساعدة، ومواقفها فى كل المحافل الإقليمية والدولية ليست بحاجة إلى مراجعة إطلاقاً، وجسور التواصل مع الوطن قائمة ومفتوحة. قال الرجوب: فى كل قرية ومدينة هناك مستوصف «مركز صحى»، ومدرسة من سلطنة عمان، وطلاب لديهم منح دراسية من السلطان قابوس، وهذا من شأنه العمل على تعزيز صمودنا، ولكن الزحف إلى فلسطين هو رسالة أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم. وأضاف أن سياسة السلطنة ثابتة من رعاية ومساعدة، ومواقفها فى كل المحافل الإقليمية والدولية ليست بحاجة إلى مراجعة إطلاقا. ولقد قام يوسف بن علوى بن عبدالله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية فى سلطنة عمان بزيارة تاريخية إلى القدس، مشيراً إلى أنها ستساعد فى خلق تحول نوعى فى أهمية الزحف الشعبى والرسمى والعربى والإسلامى لزيارتنا تحت الاحتلال. وإلى اليوم نكمل 51 عاماً، وإخواننا من 1948 أكملوا 71 عاماً، لم تنكسر إرادتنا وما زلنا نتكلم باللغة العربية ونصلى 5 صلوات فى الجوامع. جاء ذلك فى لقاء بثه تليفزيون سلطنة عمان مع الرجوب، وحاورته الإعلامية بثينة بنت عبدالعزيز البلوشية. بداية تحدث بقوله: للرجل العظيم الحكيم السلطان قابوس كل الحب. فعلاً هو مدرسة فى الحكمة والصبر وإدارة العلاقات الخارجية، وهذه الحكمة هى التى حمت السلطنة، فأصبحت نموذجا يقتدى به من كل من يشعر أولا للانتماء للعرب والمسلمين، وكل من يؤمن أن فلسطين هى قضيته المركزية، هذا ما نلمسه وما ندركه نحن كفلسطينيين سواء من النُخب أو حتى الناس البسطاء. نقول لجلالة السلطان قابوس: عمر مديد فى قيادة هذا البلد الذى ما زال البؤرة الوحيدة فى كل الوطن العربى التى لم تدخل لا فى تجاذبات ولا أجندات ولا فى انحراف فى البوصلة. وقال الرجوب: إن أهمية زيارة الرئيس محمود عباس، ترجع إلى أنها تأتى فى هذا الظرف الحساس والحرج، والمخاطر المحدقة بقضيتنا، من ناحية حكومة إسرائيلية يمينية، وانهيار عربى وانكفاء معظم الأقطار العربية على مشاكلها الداخلية وإدارة صراعاتها وخلافاتها وتناقضاتها، إلى جانب وجود الإدارة الأمريكية الداعمة لإسرائيل. من هنا تأتى أهمية الزيارة التى هى عملياً امتداد لعلاقة تاريخية مع سلطنة عمان، وفى هذا الظرف فإننا أحوج ما نكون إلى تبادل الآراء والإصغاء لنصائح السلطان قابوس. حول جهود الحكومة الفلسطينية فى الشأن الداخلى قال: نحن نعمل فى اتجاهين، الأول فى حدود إمكانياتنا المتواضعة أن نوفر كل أسباب العيش الكريم إلى أهلنا فى غزة، فنحن شعب واحد. من يتحدث بأن هناك تكتلاً فى غزة وآخر فى الخليل، فتلك لغة ليست فلسطينية، نحن شعب واحد، وهناك حكومة وفاق تشكلت بيننا، وتمارس سلطاتها وصلاحياتها وتقديم خدماتها لكل الفلسطينيين بسياسة واحدة موحدة، بمعنى زوال كافة مظاهر السلطة الحمساوية على الأرض، وهذا يقودنا إلى بناء شراكة، نحن جاهزون للاتفاق. اتفاق يرتكز على برنامج الدولة الفلسطينية فى حدود 67، ومفهوم موحد للمقاومة، ولطبيعة وشكل النظام مستقبلاً، والانتخابات هى وسيلة لبناء هذه الشراكة، إذا ما أعلن الإخوة فى حماس ذلك فنحن جاهزون، وإذا لم يعلنوا أو رفضوا ذلك، فهؤلاء إخواننا المصريون هم رعاة المصالحة، من خلالهم نحن مستعدون لنبنى آليات إقليمية ودولية لإيجاد آلية رقابة لانتخابات وطنية فيها تمثيل نسبى فى كل الوطن. فى المحافظات الشمالية التى هى الضفة والقدس، والمحافظات الجنوبية وهى غزة، ولنذهب غداً إلى انتخابات حرة ديمقراطية مباشرة، ونحن نمارسها وسنحترم نتائجها، ونحن نثق فى الجانب المصرى بأن يشكلوا ضامنا لحماية نتائج هذه الانتخابات، ونحن لا نرى أى مبرر لإخواننا فى حماس لعدم الموافقة، أعتقد التفاهم معنا أشرف وأنبل لنا ولهم.