«أنا ماعنديش حاجة تسرقها، حرام عليك يا ابنى أنا زى أمك ارحمنى وسيبنى أعيش».. توسلت العجوز صاحبة ال68 عامًا للمتهم الذى انقض عليها داخل «المحل» مصدر رزقها وبكل قوة قام بدفعها إلى الحائط فسقطت غارقة فى دمائها، ظل المتهم يبحث عن الأموال ولكن لم يجد شيئاً، وأثناء خروجه شاهد العجوز تنزف دما من رأسها وبدون رأفة ورحمة قام بخنقها بالإيشارب الذى كانت ترتديه حتى لفظت أنفاسها الأخيرة. تنازلت «حياة» عن شقتها التى تركها لها زوجها قبل وفاته لأحد أبنائها لكى يتزوج بها نظراً لغلو الأسعار فلم يقدر على شراء شقة جديدة، واكتفت بشقة فى الطابق الأرضى فى شارع الشيخ مصطفى بمنطقة السلام، «العجوز» تعانى من ضيق الحال من غلاء الأسعار وأولادها لديهم مسئوليات يومية، لم تجد حلاً غير أنها تفتح باباً فى غرفة بالشقة التى تطل على الشارع، وافق صاحب العقار على طلبها لما لسيرتها ومعاملتها الطيبة بعدما لم يعد المعاش الخاص بها كافياً لحياتها اليومية. افتتحت العجوز محلاً تبيع به مستلزمات الحياة اليومية للأسر الفقيرة من سكر وشاى وحلوى للأطفال، لم يمر شهر من افتتاح المجنى عليها للمحل إلا واكتسبت حب جميع أهالى المنطقة من أطفال وكبار، فكان جميع السكان يشترون منها، ومرت الأيام وتزداد «أم سيد» حبا لدى السكان وكان أولادها يأتون إليها من حين لآخر لكى يطمئنوا على حالتها وكانوا فرحين بما وصلت إليه حيث أنهم اطمأنوا عليها وعلى مصدر رزقها. وجاء اليوم الموعود، شاهد أحد سكان المنطقة شخصاً غريباً يتجول بالمنطقة كثيراً ويراقب العجوز طويلاً، فسأله عن هويته فارتبك وتظاهر أنه يسأل عن أحد الأشخاص وهرول مسرعاً بالهروب، مرت أيام قليلة وعاد هذا الشخص مرة ثانية ولكن هذه المرة تختلف عن الأولى. انتظر خارج المنطقة إلى أن جاء الليل وعم الهدوء فى المنطقة وقلت حركة السكان وذهب يتسلل خفياً كما تتسلل الذئاب إلى حظائر الماشية، المتهم يتجول داخل الشارع ويشاهد هل من أحد متواجد بالشارع، الصمت يسود والعجوز داخل شقتها وباب «الدكان» مفتوح، يقف المتهم أمام الدكان ويطلب من العجوز أن تأتى له ببعض الأشياء من الداخل وبكل بشاشة وجه استقبلته ذهبت إلى الداخل لتحضر له ما طلب من مشتريات. وبأسرع من البرق اقتحم المتهم المكان وأغلق الباب وانهال على العجوز، فوجئت العجوز من هول المنظر وتساقطت من يديها أكياس السكر التى ذهبت لإحضارها وبكل وحشية طاح بها إلى الحائط فسقطت على الأرض وانفجرت الدماء من رأسها لكى تروى الحلوى التى صارت تسبح فى الدماء، المتهم يبحث هنا وهناك عن النقود ولم يجد ما جاء من أجله بعدما قلب الشقة رأسا على عقب، وفى ثوان معدودة أخذ يفكر ماذا يفعل بعدما لم يحصل على الغنيمة. قرر المتهم أن يهرب وكان للقدر رأى آخر، رأى العجوز تنزف دما من رأسها، فازداد توتراً ماذا يفعل؟! وفى أقل من ثانية ألهمه الشيطان بالتخلص منها لكى لا يفتضح أمره وبالفعل استسلم للشيطان وقام بوضع العجوز على «الكنبة» التى كانت تستخدمها فى النوم وقام بأخذ الإيشارب الذى امتلأ بالدماء فوق رأسها، وبقلب تخلى من المشاعر الإنسانية أخذ يخنق العجوز التى لم يكن فى مقدورها الدفاع عن نفسه وبكلمات مليئة بالدماء والدموع أخذت تتوسل إليه «يا ابنى حرام عليك أنا زى أمك سيبنى أعيش ومش هقول عليك لحد، ارحم شيبتى وسنى». لفظت العجوز أنفاسها الأخيرة بعدما تذوقت أشكال العذاب على أيد لطختها الدماء من أجل النقود، هرول المتهم مسرعاً إلى الخارج قبل أن يشاهده سكان المنطقة، هرب من مسرح الجريمة وأشرقت الشمس التى اعتادت أن تنتظرها العجوز من أمام دكانها طلباً للرزق، أطفال المنطقة شاهدوا باب المحل مغلقاً ماذا يفعلون فقد اعتادوا على أن يشتروا منها الحلوى قبل الذهاب إلى مدرستهم. الطفل يطرق باب الدكان بعدما اقترب لكى تفتح له «أم سيد» الذى اعتاد أن يرى وجهها البشوش كل صباح، ما زال يطرق الباب ولكن لا أحد يجيب، الباب مفتوح فدخل لكى يوقظ العجوز من نومها لكى تبيع له الحلوى، ثوان معدودة ويصرخ الطفل بأعلى صوت بعدما رأى بشاعة المنظر، يخرج الطفل مسرعاً من المحل وعيناه تفيض دمعا. ذهب الطفل وأخبر والده بما شاهده، يسرع والد الطفل وباقى سكان المنطقة إلى دكان «أم سيد» فشاهدوا العجوز غريقة فى دمائها وبجوارها إيشارب الجريمة، وبصوت عال أخذ يتردد على ألسنة السكان «لا إله إلا الله أم سيد اتقتلت».. وقاموا بإبلاغ الشرطة بعدما عم الحزن على جميع سكان المنطقة. وما زال البحث جارياً عن المجرم الهارب ثم وورى جثمان أم سيد التراب وبقى دكانها مغلقاً، الأطفال يطرقون كلما ذهبوا إلى مدارسهم فهم ما زالوا يعتقدون أن أم سيد سوف تفتح لهم الباب.