تحقيق - رحمة محمود: - اشراف : نادية صبحي 45٪ زيادة فى اشتراكات «الباصات».. والسيارات الخاصة بديل المقتدرين العجلات والتوك توك والموتوسيكلات.. حيلة أبناء المناطق الشعبية للوصول للمدارس مع بداية الموسم الدراسى، تبدأ معاناة الأسرة المصرية فى إيجاد توصيلة آمنة لأبنائها للوصول إلى المدارس، خاصة بعد تكرار حوادث باصات المدارس، لذلك كل عام يتخذ أولياء الامور عدة وسائل احترازية لتأمين أبنائهم، هذه الإجراءات تختلف من أسرة لأخرى حسب الطبقة الاجتماعية، ففى المناطق الشعبية يعد التوك توك والميكروباصات والموتوسيكلات أبرز الوسائل التى تعتمد عليها الأسر البسيطة فى توصيل أبنائها للمدارس، نظرًا لانخفاض أسعارهما مقارنة بالوسائل الأخرى، أما الأسر متوسطة الدخل لا تزال تعتمد على الأوتوبيسات الخاصة، التى تصل تكلفتها من 10 إلى 12 ألف جنيه فى الشهر. وهناك نوع آخر من الأسر ابتكر بديلاً آمناً لضمان توصيلة آمنة لأبنائهم، بالإضافة إلى قلة تكلفتها مقارنة بغيرها، حيث اعتمدت بعض ربات المنزل والأمهات على توصيل الأبناء وأبناء الجيران فى سيارتها الخاصة مقابل مبلغ مالى يتم الاتفاق عليه بعضهم مع بعض، حتى لا يتحمل طرف بعينه كافة الأعباء المالية المتعلقة بتكلفة بنزين السيارة، حيث تقسّم بالتساوى على الأسر المشاركة فى هذه التوصيلة. المدارس الشعبية والإنترناشونال الاختلاف كبير فى الشكل الخارجى والداخلى بين المدارس الشعبية والإنترناشونال، حيث السمة الأبرز فى الأول الفوضى والعشوائية وعدم الاهتمام بالنظافة من الداخل والخارج، بينما الأخرى تبدو عليها النظافة من الداخل والخارج والاهتمام بالشكل الجمالى العام للمكان، إلا أنها يتشاركان فى مشكلة التوصيلة لهما، حيث بُح صوت أولياء الأمور من الشكاوى المتكررة بخصوص ارتفاع أسعار الباصات وخلق بدائل متاحة لتوصيلة الطلاب بشكل آمن للمدرسة. ورغم تأكيد وزارة التربية والتعليم فى بيان لها، أن الاشتراك فى خدمة الباصات اختيارى بالنسبة لأولياء الأمور، وتم تحديد نسب الزيادة فى أسعار خدمة السيارات، بعد رفع أسعار الوقود يونيو الماضى، لحماية ولى الأمر من أى زيادة عشوائية قد تحددها المدارس الخاصة. وقد حددت الوزارة فى أسعار السيارات بالمدارس الخاصة للعام الدراسى، كالآتى: خدمة السيارة التى تبدأ قيمتها من 1000 جنيه حتى أقل من 2000 جنيه تزاد نسبة 45%، خدمة الباص التى تبدأ من 2000 جنيه حتى أقل من 3000 جنيه نسبة الزيادة 40%، خدمة الباص التى تبدأ من 3000 جنيه حتى أقل من 4000 جنيه نسبة الزيادة 35%، خدمة السيارة تبدأ قيمتها من 4000 جنيه حتى أقل من 6000 جنيه نسبة الزيادة 30%، الأوتوبيس الذى يبدأ من 6000 جنيه، فأكثر تكون نسبة الزيادة 25%. ورغم هذه الجهود لمنع زيادة فى أسعار «الباصات» بشكل عشوائى من السائقين، لتخفيف النفقات على الأسرة المصرية، فإن المشكلة لم تحل وبقيت الأزمة كما هى، حيث وصلت تكلفة مصاريف الاشتراك الشهرية فى الباصات من 3 إلى 15 ألف جنيه. فى هذا السياق، يقول محمد صلاح، رئيس جمعية أولياء أمور المدارس الخاصة: إن أسعار الباصات ارتفعت بشكل كبير هذا العام بعد الزيادة الأخيرة فى أسعار الطاقة، والموضوع يسير بشكل عشوائى دون وجود رقيب، مشيرًا إلى أن مصاريف المدارس الخاصة ارتفعت هى الأخرى بنسبة 12% عن العام الماضى، وفى بعض المدارس تصل النسبة إلى 50%. وتابع: «هناك العديد من الأسر تعانى ارتفاع هذه التكاليف، والبعض الآخر لا يستطيع دفعها، ما يجعلهم يضطرون للاستدانة أو عمل جمعيات لسد التكاليف المطلوبة»، مشيرًا إلى أن بعض الأسر ابتكرت طرقاً مختلفة لمجابهة هذه الظاهرة ولكنها ليست آمنة بشكل كبير خاصةً فى ظل الازدحام الشديد فى الطرق. ومن جانبها، اشتكت نيرمين إمام، إحدى ربات البيوت، من ارتفاع تكاليف المدرسة هذا العام إلى 7 آلاف جنيه، بعدما كانت تدفع نحو 3.500 العام الماضى، فضلًا عن ارتفاع تكلفة الباص، مشيرة إلى أنها قدمت شكوى فى الوزارة فى المدرسة الملتحق بها أبناؤها الثلاثة، ولكن لم يتهم أحداً. واتفقت معها إحدى الأمهات وتدعى صابرين، حيث اشتكت من ارتفاع تكاليف وسيلة النقل والمدرسة، مشيرة إلى أنها تدفع لابنها نحو 12 ألف جنيه فى السنة، غير تكاليف سعر الباص والمصاريف الأخرى. وتابعت: «حاولت أفكر فى حلول للأزمة مع جيرانى، منها الاتفاق مع سائق ميكروباص لتوصيل الأولاد ثم يقوم بإرجاعهم مرة أخرى للمنزل، ولكن لم نصل لحل خاصة أن هذا الأمر يعد مخاطرة وليس وسيلة آمنة، وسنظل فى قلق دائم على الأولاد حتى عودتهم للمنزل مرة أخرى». وفى الإطار ذاته، لفت ولى الأمر ويدعى ممدوح حسن، أن المدرسة اشترطت عليه الاشتراك فى الباص والذى يصل ثمنه إلى 7.500 جنيه سنوياً، ولا بد من دفع المبلغ بداية العام الدراسى، حتى يلتحق الطالب بالمدرسة. وأكد أن المدارس تستغل رغبة أولياء الأمور فى تعليم أبنائهم بشكل أفضل وإلحاقهم بمكان نظيف وأقل كثافة من المدارس الحكومية، لكى تزيد تكاليف المدارس، واصفًا ما يحدث بالاستغلال والجشع من قبل إدارات المدارس، وما يشكله من عبء ضخم عليهم، خصوصًا من لديه ثلاثة وأربعة أبناء بالمدارس، مطالبًا الوزارة بالتدخل فى هذا الأمر. طرق بديلة رغم تفكير أولياء الأمور الدائم، للبحث عن توصيلة آمنة وغير مكلفة لأبنائهم، وابتكار بعضهم العديد من الحيل والطرق لحل الأزمة، إلا أن لغة الأرقام تزيد من صعوبة الحل فى بعض الأحيان، فطبقًا لآخر تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى مارس الماضى، حول أعداد التلاميذ والمدارس للعام 2016/2017، أن إجمالى عدد مدارس مصر بلغ 52 ألفًا و664 مدرسة، منها 45 ألفًا و279 مدرسة حكومية، و7 آلاف و385 مدرسة خاصة. وأوضح التقرير أن إجمالى عدد التلاميذ على مستوى الجمهورية بلغ 20 مليونًا و642 ألف تلميذ، منهم 18 مليونًا و608 تلاميذ بالمدارس الحكومية، ومليونان و32 ألف تلميذ بالمدارس الخاصة، بينما بلغ إجمالى عدد الفصول بالمدارس الحكومية والخاصة 419 ألفًا و900 فصلاً بمدارس الحكومة و62 ألفًا و700 فصل بالمدارس الخاصة. هذه الأعداد الكبيرة للتلاميذ، تعيق حسب تفكير البعض، أى طريقة آمنة وغير مكلفة للوصول للمدارس، فهذا الكم الكبير كيف يتم تدابير الباصات والميكروباصات لضمان وصولهم للمدارس، ولكن رغم ذلك حاولت بعض الأسر بذل قصارى جهدها من أجل حل الأزمة، حيث ابتكر بعض الأهالى طرق للتوصيلة للمدارس، منها ركوب العجل، حيث رفع بعض أولياء الأمور شعار «هنركب ولادنا عجل». بينما دشن عدد من أولياء أمور مبادرة «بلاها باصات»، بعد ارتفاع أسعار الاشتراكات فى أوتوبيسات المدرسة، واتفق بعضهم مع جيرانها لتوصيل أبنائهم عبر سياراتهم الخاصة بالتناوب فيما بينهم يومياً، أو تأجير سيارة خاصة لتوصيل أبنائهم، خاصة فى ظل عدم إشراف وزارة التعليم على المدارس وعدم سيطرتهم على الأسعار حسب زعمهم. وقال أحد أولياء الأمور، ويدعى مصطفى محمد: «إن بعض الأهالى اتفقوا مع سائقى السيارات الملاكى لتوصيل أبنائهم مقابل مبلغ مالى يدفع شهرياً، ورغم أن الفكرة -حسب وصفه- غير مكلفة وتوفر للأسرة آلاف الجنيهات تدفع فى الباصات الخاصة، إلا أنها غير آمنة بدرجة كبيرة، خاصة أن بعض السائقين غير معروفين، إضافة إلى عدم معرفتهم الجيدة بأخلاق السائق ولا مستوى تعليمه ولا حتى هناك ضمان لمحاسبته فى حال عرض أبنائهم للخطر». وأشار إلى أن ارتفاع تكاليف أسعار أوتوبيسات المدارس الخاصة غير مبرر وهو السبب الرئيسى للجوء أولياء الأمور للاتفاق مع أصحاب مبادرات توصيل طلاب المدارس بسياراتهم الخاصة، نظرًا لقلة تكلفتها فى مقابل أوتوبيسات المدارس، وتميزها بقلة الكثافة الطلابية بها عكس حافلات المدارس. وفى الإطار ذاته، دشنت عدد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مبادرات لتوصيل الطلاب للمدارس بأسعار تبدأ من 4 إلى 6 آلاف جنيه، وهناك عروض لتقسيطهم على دفعات طوال السنة الدراسية. وقد نشرت إحدى الصفحات على موقع التوصل الاجتماعى إعلاناً باسم شخص يدعى «ح. ز» يتضمن سيارة «سوزوكى» تكلفة توصيل الطلاب فيها طول السنة نحو 5 آلاف جنيه، والسداد على أربع دفعات، وحدد الشخص المذكور خط السير الذى تسير فيها السوزوكى من المناطق القريبة للمدرسة. وخلال حديثنا معه على رقم الهاتف المنشور على صفحته، أكد أنه يتم الحجز فى هذه السيارة مسبقًا قبل بدء العام الدراسى بمدة، وبأسبقية الحجز خاصة مع تزايد الإقبال عليهم عقب زيادة أسعار «باصات» المدارس الخاصة. وأشار إلى أنه محدد خطوط السير التى ستمر بها السيارة والقريبة من المدرسة، أما فى حال بعد المنطقة السكنية عن المدرسة فيتم تخصيص سيارة أخرى للطالب ولكن لا بد أن يتم الاتفاق مع مجموعة أخرى من الطلاب فى نفس المنطقة لتوصيلهم. أما المناطق الشعبية، فلها أساليبها الخاصة التى تميزها عن باقى المناطق، فأمام إحدى المدارس الحكومية القريبة من الأحياء الشعبية، لا صوت يعلو فوق صوت «التوك توك» والدراجات البخارية. فالدراجات البخارية أصبحت وسيلة مواصلات أساسية لا يكاد يخلو منها منزل فى المناطق الشعبية، فبمجرد مرورك على مدرسة العقاد الابتدائية بمنطقة بولاق الدكرور ستجد «موتوسيكل»، أو «مكنة»، كما يطلق عليها أبناء المنطقة مصطفاً فى طابور طويل فى انتظار خروج الطلاب من المدارس، حيث يستخدمه مئات الأهالى فى توصيل أبنائهم للمدارس فى السنوات الأخيرة توفيرًا للنفقات. ونفس الأمر، يعد التوك توك، الوسيلة الأكثر انتشارًا أمام «العقاد»، حيث يصطف عشرات «التكاتك» وبها أولياء الأمور فى انتظار خروج الطلاب، ورغم المخاطر الناجمة عنه، حيث لقى 7 تلاميذ مصرعهم العام الماضى بمدرسة مجمعة زاوية غزال الابتدائية بالبحيرة، إثر حادث انقلابه بترعة المحمودية أمام عزبة شعبان التابعة لمركز دمنهور، كما أصيب طالب فى مدرسة الصلاحات بالدقهلية على يد سائق توك توك فى رأسه بسلاح أبيض نتج عنه إصابته ب4 غرز فى نفس الشهر من ذات العام. ورغم هذه الأمور التى يعرفها ولى الأمر جراء اختياره ركوب هذه الوسيلة، فإن ثمن التوصيلة المغرى، والتى يصل سعرها حسب بعض الأهالى إلى 700 جنيه فى السنة، يجعله يتغاضى عن أى مخاطر ويسلمها لله، على حد قولهم.