تواصل سلطنة عمان إجراء مباحثات مهمة مع مختلف دول العالم فى إطار المواقف الثابتة للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان التى تعكس الاهتمام بتفعيل التعاون الدولى من جهة، والعمل على دعم جهود حل الأزمات العربية الراهنة من جهة أخرى. من جانبهم يؤكد المحللون السياسيون على أهمية مبادرات السلطنة، وفى ظلها تحتفل هذا العام بالعيد الوطنى الثامن والأربعين. فى اتجاه مواز وجهت السلطنة رسالة سلام جديدة الى شعوب العالم من على منبر الأممالمتحدة. فقد ركزت فى كلمتها أمام الدورة الجديدة للجمعية العامة على الدعوة الى دعم السلام والحوار بين سائر الأمم والشعوب. وتضمنت كلمة سلطنة عُمان التى ألقاها يوسف بن علوى بن عبدالله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية الكثير من المواقف الواضحة. كما جددت السلطنة دعوتها إلى سائر دول العالم للتمسك بمبادئ ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولى، وحل الخلافات بالطرق السلمية بعيداً عن الحروب وتبعاتها المأساوية، لكى يسود الأمن والاستقرار، ولتنعم شعوب العالم بالتنمية والرخاء. وعلى صعيد الأزمة السورية أشارت السلطنة فى كلمتها الى أن العنف بدأ ينحسر فى العديد من المناطق فى سوريا نتيجة للجهد الذى تقوده روسيا، والحكومة السورية والولاياتالمتحدة، والاتحاد الأوروبى والدول الإقليمية من خلال خطة خفض التصعيد والتوتر، ولاشك أن الجهد المشترك كان له الدور الأبرز فى مواجهة الارهاب، وأعربت عن الأمل فى استمرار هذا الجهد والتعاون المشترك فى سوريا وغيرها من مناطق النزاع. كما أشادت السلطنة بالجهود التى يقوم بها مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا، ستيفان دى ميستورا، لمساعدة الأطراف السورية على تطوير البنية الدستورية والبناء على ما تحقق من نتائج إيجابية فى جنيف والأستانة وسوتشى لوقف الحرب والوصول إلى مصالحة وطنية تنهى الصراع. وإفريقيًا أبدت سلطنة عمان ترحيبها بالتطورات الايجابية فى منطقة القرن الإفريقى، وما توصلت إليه دول المنطقة من تفاهمات من شأنها استعادة الثقة وإنهاء الخلافات. كما رحبت بالجهود التى يبذلها رئيس وزراء إثيوبيا، آبى أحمد، ودور بلاده المحورى والهام، وهو ما سيساهم فى تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى. وفيما يخص القضية الفلسطينية أكدت سلطنة عمان أنها تعد القضية المركزية لمنطقة الشرق الأوسط، ولذلك فإن تعاون المجتمع الدولى لإيجاد بيئة مناسبة تساعد الأطراف على إنهاء الصراع أصبح ضرورة استراتيجية ملحة، والظروف القائمة حالياً، رغم صعوبتها، وتوقف الحوار، باتت مواتية لإيجاد بيئة لنقاشات إيجابية بين الطرفين للتوصل إلى تسوية شاملة على أساس حل الدولتين، حيث إن عدم قيام الدولة الفلسطينية يؤدى إلى استمرار العنف والإرهاب. وأكدت السلطنة استعدادها لبذل كل جهد ممكن لإعادة بيئة التفاؤل للتوصل إلى اتفاق شامل يضع فى الاعتبار مستقبل التعايش السلمى فى منطقة الشرق الأوسط، لا سيما بين الأجيال الفلسطينية والإسرائيلية، فتحقيق بيئة سلمية بين الطرفين يعد أساساً لإقامة السلام فى المنطقة. كما دعت السلطنة دول العالم، وعلى وجه الخصوص الولاياتالمتحدةالأمريكية التى لها دور أساسى فى تحقيق الاستقرار فى العالم، الى أن تنظر إلى مستقبل هذه القضية من منظور دعم توجهات السلام وتسهيل عمل المنظمات الدولية، وعدم التضحية بالسلام. وحول الأوضاع فى اليمن، أوضحت أنها تعانى من وضع مأساوى إنسانيا واقتصاديا نتيجة انهيار البنية التحتية فى المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية وغيرها من الخدمات الأساسية التى تلامس حياة المواطنين اليومية، مع انتشار الأمراض، وعدم كفاية العلاج والدواء. يتطلب ذلك مضاعفة الجهود لمساعدة اليمن، وعلى المجتمع الدولى أن يتبنى مشروعاً إنسانياً يتيح وصول المساعدات الاغاثية الإنسانية للشعب اليمنى فى مختلف المحافظات، وتسهيل استخدام المطارات والموانئ لتلك الغاية، ذلك أن الأوضاع الإنسانية فى اليمن باتت تتطلب اتخاذ مثل هذه التدابير. وأعربت السلطنة عن الترحيب بالجهود التى تسعى إليها الأممالمتحدة ودول التحالف لإنشاء جسر جوى طبى انسانى لنقل المرضى ذوى الحالات الحرجة لتلقى العلاج عبر رحلات مبرمجة تحت إدارة الأممالمتحدة وبالتعاون مع الأطراف اليمنية. وتؤكد السلطنة دعمها للجهود التى يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، مارتن جريفيث. كما تدعو إلى تسهيل مهمته لعقد المشاورات مع سائر الأطراف اليمنية، وتسهيل تنقلاتهم للمشاركة فى تلك اللقاءات. والحل السياسى ينبغى أن يأخذ فى الاعتبار واقع اليمن، وأن تتاح الفرصة لجميع الأطراف والقوى السياسية اليمنية، فى الداخل والخارج للمشاركة فى تحديد ورسم مستقبل مشرق لبلادهم. أوضحت سلطنة عُمان أيضا أن التسهيلات والمساعدات الإنسانية من السلطنة للشعب اليمنى مستمرة. كما أن المنافذ البرية والبحرية والجوية بين السلطنة واليمن - التى هى الوسيلة المتاحة لعبور الأشقاء اليمنيين، وتواصلهم مع العالم الخارجى- ستبقى مفتوحة من منطلق الأخوة والجوار وما يربط الشعبين العمانى واليمنى من أواصر ووشائج اجتماعية وتاريخية عميقة. وفى اتجاه موازٍ أجرت سلطنة عُمان، وفى غضون ساعات معدودات، مشاورات مهمة خلال مشاركة يوسف بن علوى بن عبدالله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ترأس وفد السلطنة. وشملت اجتماعا مع الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، والذي ثمن المواقف العمانية الداعمة لليمن وأمنه واستقراره والتى تجسدها روابط الأخوة والجوار بين اليمن والسلطنة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان. وأشار الرئيس اليمني إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وتعدد جوانب التعاون والتنسيق فى مختلف المجالات. وتناول اللقاء جملة من القضايا والمواضيع ذات الاهتمام المشترك. كما تم التأكيد على دعم السلطنة وحرصها الكامل على تقديم كافة وسائل الدعم اللوجيستى الإنسانى للشعب اليمنى. وعلى صعيد متصل؛ استقبل الوزير المسئول عن الشئون الخارجية، بيتر ماورور رئيس منظمة الصليب الأحمر. وتم خلال المقابلة بحث العديد من الموضوعات التى تتعلق بالجانب الإنسانى لهذه المنظمة. وقد شكر رئيس الصليب الأحمر خلال المقابلة حكومة السلطنة على جهودها الدائمة ودعمها المستمر لأنشطة المنظمة الإنسانية خاصة فيما يتعلق بالشعب اليمنى.