وثقت بها وعاملتها معاملة الأخت وليست الخادمة، كانت تحكى لها كل ما يتعلق بحياتها الشخصية وخلافاتها مع المقربين منها، فلم تبخل عليها بشىء وكانت تعطيها الكثير من المال غير المنح والعطايا فى المناسبات، وأبقت عليها بعدما رأت فيها من الحاجة للعمل لتقرر أن تساعدها، وازدادت الثقة بعد مرور عدة أشهر حتى أطلعتها على الرقم السرى لحسابها البنكى، لكونها عجوزاً لا تستطع الذهاب للبنك لسحب الأموال، فأنابتها للقيام بتلك المهمة الخاصة جداً، ولكنها لم تفهم معنى هذا كله ولم تحفظ الجميل. قررت «هدى» أن تتناسى كل هذا وتخون الطبيبة التى مدت لها يديها بالخير، فتجردت من كل معانى الوفاء والإنسانية، لهذه الإنسانة التى أكرمتها، واتخذت من عباءة الشياطين رداء لها، بعد أن سيطر عليها الطمع وقامت بالاستيلاء على أموال الطبيبة العجوز، ولم يكفها هذا وبعد تفكير طويل تبلورت فى رأسها فكرة جهنمية وهى أن تتخلص من العجوز لتستولى على كل أموالها وليس البعض منها، ومصوغاتها الذهبية لتنتشل نفسها من حياة الفقر والخدمة بالمنازل، فخططت جيداً لارتكاب الجريمة مستغلة تواجدها مع ضحيتها بمفردهما بالشقة. البداية.. قبل 3 سنوات وجدت «عايدة» الطبيبة العجوز صاحبة السبعين عاماً، أن العمر تقدم بها ولن تستطيع خدمة نفسها، خاصة أنها لم تنجب أطفالاً، لتقرر جلب فتاة تخدمها وتسهر على راحتها، ووقع اختيارها على «هدى»، التى يبدو على ملامحها الهدوء، مكثت الخادمة مع العجوز 3 سنوات أغدقت خلالها الأخيرة عليها بالأموال مقابل خدمتها وحتى لا تتمرد عليها وتترك المنزل، ولكن الخادمة قررت أن تنقض كل عهود الأمانة والحفاظ على البيت وصاحبته بعد أن شاهدت الخادمة أن عايدة تمتلك أموالاً طائلة فضلاً عن حسابها البنكى ومجوهراتها فغواها الطمع، وأعمى عينيها الجشع حتى هداها شيطانها للتخلص منها لتصبح من أصحاب المال الحرام، بعد أن راودتها نفسها ووسوس لها الشيطان ماذا ستفعل هذه العجوز بكل هذه الأموال؟ «دى ست كبيرة ماتعرفش حاجة لو استغليت الفيزا كارت وسحبت جزء من الفلوس هى مش هتعرف، ولو خدت شوية أجهزة من إللى فى البيت مش هتحس»، اعترافات أدلت بها المتهمة أمام النيابة واستغلت معرفتها بالرقم السرى للحساب البنكى وسرقت جزءاً من مدخراتها ولم تكتف بذلك واستولت على لاب توب وشاشة تليفزيونية وهواتف محمولة وسلمتها لزوجها العاطل وأخبرته بأنها هدايا من الست الدكتورة ليقوم الأخير ببيعها للحصول علي المال، اكتشفت الطبيبة بعد ذلك اختفاء الأجهزة، وأيقنت أن هدى تحولت من خادمة إلى لصة، واجهت خادمتها بما فعلته وهددتها بفضح أمرها وسجنها إذا لم تعد ما سرقت. كان انكشاف أمر «هدى» صادماً لها فهى لم تفكر لوهلة ماذا ستفعل بعد فضح أمرها وتدور الدنيا بها فلا سبيل لها للخروج من المأزق خصوصاً أنها كانت كذبت على زوجها وأخبرته أن الطبيبة أعطتها الأدوات لعلمها بحاجتها وقام زوجها ببيع الأجهزة لحاجتهم المالية، وكان الحل الوحيد فى نظرها هو قتلها والتخلص منها وهكذا يبقى الأمر سراً ولا ينفضح أمرها. عقدت هدى العزم واتخذت قرارها سريعاً أن موت الطبيبة هو الحل الوحيد لتدفن سرها معها وهكذا لن ينكشف أمرها وجلست تنتظر اللحظة المناسبة التى ستتخلص فيها من الطبيبة. كواليس ليلة الجريمة.. انتظرت الخادمة حتى خيم الليل وأثناء ذهابها لدخول الحمام أمسكت بيدها ثم تركتها واتجهت نحو المطبخ وأخفت فى ثيابها يد الهون وما أن خرجت عايدة غافلتها المتهمة وسددت لها ضربة قوية بيد الهون أتبعتها بضربات أخرى حتى سقطت العجوز أرضاً والدماء تتدفق من رأسها ولفظت أنفاسها الأخيرة أمام أعينها، لم تكتف بذلك بل شرعت فى سرقة باقى المحتويات وما خف وزنه وثقل ثمنه وفرت هاربة. ثم ذهبت وقصت على زوجها الحقيقة واعتدى عليها بالضرب وقام بتطليقها ورحل عن البيت، وبعد أيام من الواقعة بدأت رائحة عفنة تخرج من شقة الطبيبة، وحين كسر الأهالى الشقة ظناً منهم وجود شىء قد يضر بحياتها وجدوها جثة ملقاة على الأرض غارقة فى دمائها، فقام حراس العقار بالاتصال بقوات الشرطة وتحرير بلاغ عن وجود مسنة مقتولة داخل شقتها فى الحى الراقى. ساعات قليلة قضاها فريق البحث الجنائى ليزيح الغموض عن القضية والتى تبين من أول وهلة أنها قتل بهدف السرقة لاختفاء الكثير من الأجهزة الكهربائية، وبمراجعة الكاميرات توصل الفريق أن القاتلة هى الخادمة «هدى», تم ضبطها فأنكرت جريمتها فى البداية، ولكن مع مرور الوقت اعترفت بفعلتها وروت لرجال الأمن الحكاية من بدايتها وحتى لحظة قتل الطبيبة.