أكدت دولة الكويت موقفها المبدئي والثابت تجاه الأزمة السورية والقاضي بعدم وجود أي حل عسكري لهذه الأزمة وعلى أهمية العمل لتكثيف الجهود لجمع أطراف الصراع في حوار مباشر بهدف إيجاد تسوية سلمية وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة خاصة القرار 2254 بما يقود إلى إيجاد واقع سياسي متوافق عليه من جميع مكونات الشعب السوري. وجدد الشيخ جابر المبارك، رئيس الوزراء الكويتي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقاها نيابة عن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح التزام دولة الكويت الكامل باحترام سيادة واستقرار اليمن ووحدة أراضيه ورفض أي تدخل في شئونه الداخلية والتأكيد على دعمها الكامل للشرعية الدستورية في اليمن وعلى أهمية تغليب الحل السياسي للأزمة من خلال الاستناد إلى المرجعيات الثلاث المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وعلى الصعيد الإقليمي جدد سمو رئيس مجلس الوزراء الدعوة لجمهورية إيران الإسلامية إلى اتخاذ تدابير جادة لبناء الثقة لإرساء علاقات قائمة على التعاون والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وأكد الشيخ جابر المبارك أن منع نشوب النزاعات والعمل على تسويتها بالوسائل السلمية كان ولا يزال أحد أهم الأسباب الرئيسية لإنشاء الأممالمتحدة فبعد تجارب دامية للحربين العالميتين الأولى والثانية وعلى الرغم من العواقب الكارثية غير المسبوقة على الإنسانية إلا أنها كانت الدافع الأصيل لبلورة تنظيم دولي هادف لحماية أجيالنا حاضرا ومستقبلا من ويلات الحروب. وأشار إلى أن العقود السبعة الماضية قد شهدت أدوارا تاريخية وملموسة للأمم المتحدة طورت خلالها من أساليب العمل ووسعت صلاحياتها لتشمل القضايا الإنسانية والسياسية والأمنية والإنمائية والاقتصادية في شتى بقاع العالم. غير إن تزايد وتيرة التحديات وتفاقم حدة النزاعات وما يترتب عليها من مخاطر تهدد السلم والأمن الدوليين قد كشفت عن الحاجة الماسة لتعزيز قدرة هذه المنظمة على الاستجابة المطلوبة للتحديات التي يواجهها عالمنا اليوم مثل انتشار ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب ومخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل والانتهاكات المتواصلة لحقوق الانسان وظاهرة تغيير المناخ وغيرها من التحديات. وأاكد رئيس الوزراء الكويتي إن بلاده وبعد مرور تسعة أشهر على عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن خلال الفترة 2018/2019 زاد يقينها بأهمية إصلاح مجلس الأمن لجعله أكثر مواكبة ومسئولية لمواجهة التحديات المتزايدة في عالم اليوم وبما يعكس الواقع الدولي الذي نعيشه اليوم ويعمد إلى تعزيز مصداقيته وشرعيته وبصورة تضمن تمثيلا عربيا دائما يتناسب مع عدد الدول العربية وحجم مساهماتها في دعم مختلف أنشطة الأممالمتحدة. وأشار إلى حرص دولة الكويت ومنذ اليوم الأول لشغلها منصب العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن على التمسك بالنهج الموضوعي في تعاملها مع مختلف القضايا والملفات المدرجة بجدول أعمال المجلس. كترجمة واقعية لسياستها الخارجية المرتكزة على احترام سيادة واستقرار الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية إضافة لإيمانها بالرسالة السامية لمنظمة الأممالمتحدة والساعية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وقال المبارك إن دولة الكويت تسعى من خلال هذه العضوية غير الدائمة إلى تجاوز الإطار الشكلي للمشاركة في أعمال المجلس إلى آفاق أكثر رحابة تصبو في غايتها لإعلاء سيادة القانون الدولي بشتى فروعه واحترام حقوق الإنسان وبناء مستقبل أفضل لشعوب العالم والبعد كل البعد عن سلوك الانتقائية والتحيز في التعامل مع مختلف القضايا. مشيرا إلى أن هذا التوجه المستند قد انعكس إلى ميثاق الأممالمتحدة والإرث الدبلوماسي لدولة الكويت والقائم على تفضيل الحلول السلمية وتعزيز جهود الوساطة بين الفرقاء على تعاطينا مع مختلف القضايا والأزمات التي تعصف بعالمنا اليوم حيث كان وما زال الإنسان وحقوقه الثابتة مؤكدا أنها نقاط الارتكاز لسياسة الكويت الخارجية وذلك استنادا لتوجيهات أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والذي كرمته هذه المنظمة العريقة كقائد للعمل الإنساني. وأكد رئيس الوزراء الكويتي ان القضية الفلسطينية تعد من أهم وأقدم القضايا المدرجة بجدول أعمال مجلس الأمن حيث يصادف هذا العام الذكرى السبعين لصدور القرار 56 في أغسطس 1948 بوصفه أول تناول للمجلس لهذه القضية المزمنة ورغم توالي القرارات الصادرة عن المجلس وكذلك عن الجمعية العامة للأمم المتحدة إضافة للعديد من المبادرات الدولية والإقليمية الساعية لإرساء قواعد السلام في الشرق الأوسط تستمر إسرائيل في نهج التعنت ورفض وتجاهل قرارات الشرعية الدولية. وأكد أن إسرائيل تواصل سياساتها التوسعية من خلال إقامة المستوطنات غير القانونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك في تحد سافر ورفض صريح لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية والتي كان أخرها القرار 2334 الذي طالب إسرائيل بالكف عن ممارساتها الاستيطانية غير القانونية. كما تواصل إسرائيل هجماتها المدنسة لقدسية الحرم القدسي الشريف إضافة لانتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني من خلال حجز الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في سجونها ومعتقلاتها واعتداءاتها العسكرية المتكررة على قطاع غزة والتي لم تراع خلالها سلامة المدنيين في النزاعات المسلحة ولم تلتزم الإجراءات الدولية المتفق عليها طبقا لمعاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 في شأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب. وشدد على أن دولة الكويت لن تألو جهدا وستواصل مساندتها للحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني حتى يتم إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام الدائم والعادل والشامل وفقا لمبادرة الأرض مقابل السلام والمبادرة العربية للسلام وتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والقاضية بحل الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية على حدود ما قبل الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وقال إن الأزمة السورية دخلت عامها الثامن في ظل عجز دولي كبير عن إيجاد حل لها وإنهاء آثارها المدمرة وخسائرها المروعة والتي كان المواطن السوري هو الضحية الرئيسية لهذا الصراع مع ارتفاع أعداد القتلى لأكثر من 400 ألف شخص إضافة لأكثر من 12 مليون لاجئ ونازح. وقد تقدمت دولة الكويت وبالتعاون والتنسيق مع وفد مملكة السويد الصديقة بالقرار 2401 حول الوضع الإنساني في سورية والذي تم اعتماده بالإجماع حيث شكل هذا القرار إشارة إيجابية لتضامن ووحدة مجلس الأمن لإنهاء تلك المعاناة الإنسانية ووقف الأعمال العدائية وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري للمحتاجين في الأراضي السورية ولكننا نشعر اليوم بالأسف لعدم تنفيذه والالتزام به على أرض الواقع. إن هذه الجهود تأتي في سياق الدور الإنساني لدولة الكويت في معالجة تدهور الأوضاع الإنسانية في سورية منذ بداية الأزمة فيها من خلال استضافتها ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية وقدمت بلادي مساهمات طوعية خلال تلك المؤتمرات بما قيمته مليار و600 مليون دولار. واضاف ان اليمن الشقيق يعيش تحديات تاريخية دقيقة ذات أبعاد خطيرة على المستويات السياسية والإنسانية والاقتصادية أتت نتيجة لانقلاب جماعة الحوثي منذ سبتمبر 2014 على السلطة الشرعية ورفضها المستمر لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمبادرات الدولية الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية ومواصلة هذه الجماعة تهديدها لأمن واستقرار المنطقة من خلال إطلاق الصواريخ البالستية على المملكة العربية السعودية الشقيقة وتعريض سلامة الملاحة البحرية للخطر في باب المندب والبحر الأحمر وجدد إدانة بلاده الشديدة لمثل هذه الممارسات المخالفة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وأشار إلى تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف في العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط تحديا غير مسبوق ضرب النظام العالمي في الصميم من خلال التحورات الأيديولوجية للتنظيمات السرية المارقة والتي اتخذت من الإسلام ستارا لنواياها التدميرية. وأكد أن ما اقترفه ما سمي بتنظيم داعش الإرهابي من جرائم وحشية شاع فيها القتل والدمار في مناطق مختلفة من المنطقة أوجب تكوين تحالف دولي لمحاربته ساهمت دولة الكويت بتقديم الدعم المادي والمعنوي له عملا بالاتفاقيات المعنية بمكافحة الإرهاب والتي تبنتها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأممالمتحدة في الأعوام ما بين 1999 حتى 2001. وقد كان العراق الشقيق أول الدول معاناة من جرائم هذا التنظيم الإرهابي وقد كان لتعاضد المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن مع الحكومة العراقية دور بالغ الأثر في تطهير الأراضي العراقية من سيطرة ذلك السرطان الإرهابي الخطير. وانطلاقا من قناعة الكويت بأن معادلة السلام والأمن في مرحلة ما بعد الحروب لن تتأتى إلا من خلال إصلاح ما خلفته تلك الصراعات من آثار مدمرة لا تتصادق والإنسانية استضافت بلادي مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار العراق حيث بلغ حجم التعهدات أكثر من 30 مليار دولار ساهمت دولة الكويت خلالها بمبلغ 2 مليار دولار. وجدد موقف الكويت بتقديم مختلف أشكال الدعم لمساعدة العراق على استكمال تنفيذ الالتزامات المتبقية التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبما يساعد العراق على استعادة دوره ومكانته الإقليمية والدولية. وأشار إلى دولة الكويت حرصت على تحمل مسئولياتها الإقليمية والدولية تجاه تحقيق التنمية بمختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من خلال قطع أشواط طويلة في سبيل تنفيذ المبادرات السامية لأمير البلاد للنهوض بالشراكات الدولية والتي تأتي استمرارا لتاريخ الكويت المتواصل من العمل الإنمائي والإنساني حيث لم تدخر الكويت جهدا في مساعيها الرامية إلى تقديم المساعدات التنموية للدول النامية والدول الأقل نموا والبالغ عددها 106 دول حتى اليوم.