الحياء هو خشية الإنسان من أن ينسب العيب إليه، فصاحب الحياء لا يستطيع أن يجاهر بمعصية ولا أن يذهب إلى مكان ينزلق فيه إلى معصية . وكان مضرب المثل في الحياء عند العرب العذراء في خدرها، ولهذا كان يوصف الرسول (ص) بأنه أشد حياء من العذراء في خدرها. والعذراء هي التي لم تتزوج بعد و (الخدر) هو مكان إقامتها المحصن الذي لا يستطيع أن يتسوره أحد إلا أقاربها المقربون من محارمها. والحياء خلق راق يجعل صاحبه في مقام عال من التكريم والتقدير ومنزلة سامية من التعظيم والتوقير. والخالعون لبرقع الحياء لا يستحقون شيئا من تقدير أو تكريم أو احترام أو توقير، فهم الذين يجاهرون بالمعصية ويغشون أماكن ممارستها ولا يشعرون بأي غضاضة في مؤازرة من يبالغون في المجاهرة بها أو يبذلون جهودهم في توزيع مجالاتها لتستوعب العدد الكبير من المجاهرين . وقد تبجح بعض الداعين إلى المجاهرة في دعوتهم، فألحوا في تعليم الاتصال الجنسي في فصول التدريس للأولاد وهذا من أشد الوقاحة والتبجح أن توسع نطاق المجاهرة في صفوف التلاميذ والتلميذات . إن الاتصال الجنسي لا يحتاج إلى تعليم في فصول المدارس لأن هذا الاتصال يجري في بعض الأحيان بين الحيوانات من كلاب وحمير ودجاج ودواجن وطيور وحشرات، ولم تكن هذه الحيوانات في حاجة إلى تعليم ، بل هي طبيعة الحياة التي تستلزم هذا الاتصال دون أي تعليم، فهل هذه الحيوانات أكثر قدرة على فهم طبيعة الحياة من البشر ؟ واذا كان بعض الحيوانات يأبى أن يمارس هذا الاتصال أمام أعين الناظرين – كالإبل والزراف والأفيال - فماذا يكون تعليق المجاهرين على السلوك الحيواني الذي يمكن أن يأخذ طابع الحياة ؟ إن المجاهرين يجب أن يتوقفوا عن الدعوة إلى المجاهرة وتوسيع دائرتها قبل أن تنحدر عاقبة الأخلاق وتنهار القيم وأن نكون كالأنعام بل أضل سبيلاً .