كتب - محمد طاهر: «حبيبة» طفلة الخمس سنوات، والتى استقبلت وقفة عيد الأضحى، بقلوب الأطفال الملائكية، وحلمها البسيط فى فرحة ارتداء فستانها الجديد، والفسحة، ولم العيدية، ألا إن ذات الخطوات الصغيرة والكفوف الخضراء، أوقعها حظها العاثر فى يد وحش مفترس أطلق العنان لشره الجامح ليحوله شيطانه الشهوانى إلى ذئب افترسها وقتل براءتها، واغتصبها دون أى شفقة، ولم يرحم دموعها البريئة ليقوم بالتخلص منها بقتلها خشية افتضاح أمره، ليساعده شقيقه فى نقل الجثة فى جوال وإلقائها فى إحدى الترع، ظنا منه أنه أخفى جريمته، ولكن عناية الله كشفت المستور ليتم القبض عليه هو وشريكه، ليعلنها أن الحق ليس بغافل عما تفعلون. تبدأ القصة فى اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك «حبيبة أحمد عبدالحليم» صاحبة الخمس سنوات ونصف، من قرية بقطارس التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، خرجت لتلعب فى الشارع مع رفقائها من أطفال القرية، ثم اختفت عن الأنظار، ويقوم والداها وعائلتها وأهل القرية بالبحث عنها فى كل مكان دون فائدة، واستمر البحث عنها، ومناشدة المواطنين عبر نشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعى، لكن لم يتغير شىء. لم يعتقد والدها أنها اختفت ولن تعود، بل كان تفكيرهم البسيط كطبيعة المكان الذى يعيشون فيه، أنها ستعود وأن اختفاءها لمجرد أنها تاهت، أو على أكثر تقدير أنها تم خطفها، وبعد يومين قام الوالد بتحرير محضر فى ثالث أيام العيد عن اختفائها، من مسقط رأسها بقرية ديرب بقطارس، وبمركز شرطة أجا، واستمر البحث عنها وإبلاغ المباحث، حتى عُثر عليها يوم السبت الماضى، من قبل بعض الأهالى داخل جوال بإحدى الترع، وتم انتشال جثمانها الهزيل، وإبلاغ الجهات المعنية وتم التعرف عليها بأنها الطفلة المختفية، وبتشريح جثة الطفلة «حبيبة» قرر الطب الشرعى أنها تعرضت لحالة اغتصاب قبل مقتلها خنقاً. لم تقف المفاجآت عند ذلك الحد بل صُدم الأب بعد أن أزاحت أجهزة الأمن النقاب عن لغز الجريمة وكشفت أن زوج شقيقة الضحية هو وراء مقتلها بعد اغتصابها وتخلص من جثتها بمساعدة شقيقه للهروب من العقاب، تجمد الدم فى عروق الأب، وأخذ جسده يهتز من الصدمة ولم تتحمل قدماه جسده النحيل بعد أن أثقلته الهموم وأصبح غير قادر على الحركة، وظل على أمل أن يكون زوج ابنته برىء حتى حضر إلى قسم شرطة بعد القبض عليه واعترف بتفاصيل الواقعة. «أنا اللى قتلتها بعد ما اغتصبتها» خرجت الكلمات من فم الرجل ككرات اللهب وقعت على أذن الأب، وتابع المتهم أنه اعتدى جنسيا على المجنى عليها أثناء وجودها بمنزل شقيقتها، وظلت الطفلة تقاوم، بفطرتها المعهودة، ولكنها لم تستطع المقاومة، سوى بالصراخ، عسى أن يسمع صوتها أحد، «إلا أننى لم أمهلها وقتًا طويلاً، وقمت بضربها بقوة ثم خنقتها لتسكت إلى الأبد»، وخوفا من الفضيحة بعد بكاء الطفلة قتلها وعندما شاهده شقيقه، قام بمساعدته فى نقل الجثة بعد أن تم وضعها فى جوال بلاستيكى وإلقائها فى إحدى الترعة. وقال المتهم الثانى «الدسوقى» أنه اكتشف ارتكاب شقيقه للجريمة، وبدلاً من الإبلاغ عنه، ساعده فى إخفاء الأمر، حتى فارقت الطفلة البريئة الحياة، ووضعاها فى جوال، ثم ألقيا بها فى إحدى الترع، مشيرا إلى أنه بعد توسلات شقيقه بإنقاذ الموقف والذى سيعرضه للقبض عليه، ساعده فى نقل الجثة من المنزل خشية افتضاح الأمر، حيث قام بإلقائها بإحدى مياه الترع خارج القرية. وهنا وقبل أن نسدل الستار عن تلك الجريمة البشعة، والتى تعد ظاهرة غريبة على مجتمعنا، ومطالبات إنسانية غاضبة، بإعدام الفاعل، وتعليقات قاسية تلح على تعذيب الفاعل وتطبيق أقسى العقوبات بحقه، فى حين ما يجب أن ننظر إليه هو فتح الملف المسكوت عنه لماذا وصلنا إلى هذا الحال؟ وما الأسباب التى دفعت المجرم إلى ارتكاب هذا الفعل الشنيع، سوء التربية أم مرض نفسى ما، أم ضغط الإغراءات الجنسية، أم حادث اغتصاب فى الصغر جعله شاذاً، أم بعدنا عن الدين وتعاليمه مسلمين وأقباطاً، أم ماذا؟ والمهم بحث الأسباب العميقة التى تنتج مثل هذه الشخصيات والسلوكيات وتحديدها، بغية تجاوزها من أجل إزالة أى أسباب قد تولّد مغتصبا وقاتلاً آخر.