ما إن ألقت الشرطة العراقية القبض على رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحيدري وأحد أعضاء المفوضية لأسباب قالت إنها تتعلق باتهامات بالفساد, إلا وأكد كثيرون أن هذا الأمر لايخرج عن مخطط رئيس الوزراء نوري المالكي الهادف لإقصاء كافة خصومه السياسيين وتعزيز قبضته على السلطة في عراق ما بعد الاحتلال الأمريكي. ففي بيان أصدره في 14 إبريل, اتهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالوقوف وراء اعتقال رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري وذلك بهدف تأجيل أو إلغاء الانتخابات البرلمانية المقبلة من أجل البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الصدر القول في بيانه: "الذي أمر بهذا الاعتقال هو نوري المالكي بالتحديد, الاعتقال يصب في مصلحته حسب ظني لأنه يسعى إلى تأجيل أو إلغاء الانتخابات المقبلة, فاحذروا". وتابع "سبب الاعتقال يحتاج إلى دليل، اعتقال الحيدري يجب أن يكون تحت طائلة القانون لا تحت نير الديكتاتورية". وكانت السلطات العراقية أوقفت في 12 إبريل فرج الحيدري والعضو في مفوضية الانتخابات كريم التميمي على خلفية اتهامات بالتصرف بأموال الدولة يمكن أن تعرضهما لعقوبة السجن سبع سنوات. ويعتبر الحيدري "64 عاما"، الكردي الشيعي الذي يترأس مفوضية الانتخابات منذ 2007، أحد خصوم قائمة دولة القانون النيابية التي يقودها المالكي كونه رفض خلال انتخابات 2010 التشريعية إعادة فرز الأصوات في جميع أنحاء البلاد, كما كان يطالب المالكي. وكانت قائمة "العراقية" بقيادة إياد علاوي، الخصم السياسي الأبرز للمالكي فازت ب91 مقعدا من أصل 325 في انتخابات 2010 , في مقابل 89 لدولة القانون. وفي يونيو 2010، طالب المالكي البرلمان بسحب الثقة من الحيدري، إلا أن الأحزاب الأخرى رفضت هذا الأمر. بل نقلت صحيفة "القدس العربي" اللندنية عن مصدر برلماني عراقي القول إنه من المفترض أن يصوت البرلمان في 28 إبريل على التمديد لأعضاء مفوضية الانتخابات لشهرين إضافيين، إلا أن قائمة دولة القانون رفضت التمديد لرئاسة الحيدري, الأمر الذي يرجح أن توقيت إلقاء القبض عليه كان مقصودا في حد ذاته من قبل المالكي لمنع التمديد له. ولعل تصريحات فرج الحيدري بعد إلقاء القبض عليه تفضح مؤامرة المالكي أكثر وأكثر , حيث نفى بشدة الاتهامات الموجهة له بالفساد, موضحا أن القضية برمتها ترجع إلى عام 2008 عندما جرى تخويل مجلس المفوضية منح علاوات بقيمة مائة ألف دينار عراقي "76,85 دولارا" لكل شخص وأن من حصلوا عليها حينها كانوا خمسة أو ستة أشخاص فقط. كما ذكرت وكالة "رويترز" أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كسب حكما قضائيا في يناير 2011 يضع مفوضية الانتخابات وهيئات أخرى منها البنك المركزي تحت إشراف مجلس الوزراء, وهو ما أثار مخاوف بشأن محاولات المالكي تعزيز سلطته, مشيرة إلى أن اعتقال الحيدري هو أحدث خطوة فيما يبدو من المالكي لزيادة سيطرته على الهيئات المستقلة بعد سيطرته على الوزارات الأمنية والسيادية. وبصفة عامة, يحذر كثيرون من أن "ديكتاتورية" المالكي تهدد بانزلاق العراق إلى الهاوية, خاصة أنه لم يكتف بمحاولات تهميش السنة عبر إصدار مذكرة اعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي, إنما لجأ أيضا إلى الانتقام من خصومه السياسيين حتى لو كانوا ينتمون إلى نفس طائفته الشيعية.