شهدت تركيا في الفترة الأخيرة أسرع نمو اقتصادي في العالم، حتى تفوقت على عمالقة الاقتصاد وهما الصين والهند في العام الماضي، وواصلت التقدم حتى الربع الثاني من عام 2018، حيث سجلت البلاد نموا بنسبة 7.22 %. ولكن الآن تشهد تركيا تدهورا اقتصاديا كبيرا، وأرجع المحللون السبب وراء هذا التدهور هو أنه في الوقت الذي كانت فيه البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تضخ الأموال لتحفيز اقتصاداتها بعد الأزمة المالية العالمية، كانت البنوك والشركات التركية تضغط على الديون المقومة بالدولار الأمريكي. وتعاني تركيا أيضاً بسبب تجاوز الإنفاق الحكومي إيرادات الدولة، من خلال شرائها المزيد من السلع والخدمات أكثر مما تبيعها. وبسبب اعتماد تركيا على العملات الأجنبية، اقترضت في الآونة الأخيرة بالعملة الأجنية أيضَا، مما أدى إلى عجز حسابتها المالية الحالية بسبب انهيار الليرة، وليس لديها احتياطيات كبيرة كافية لإنقاذ الإقتصاد، بحسب ما قال خبراء اقتصاديون. وأضاف الخبراء أن ما جعل الوضع أسوأ في تركيا، هو تفضيل الرئيس رجب طيب أردوغان الحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة، رغم أن التضخم المرتفع الذي تشهده تركيا. وأثار انهيار الليرة التركية المخاوف من تداعيات اقتصادية قد تصل إلى الأسواق والأنظمة المصرفية في أوروبا. وأوضح استراتيجيون، أن تركيا تعرضت لضغوط شديدة في الفترة الأخيرة، ورغم من أنها تشكل نسبة صغيرة من الإقتصاد العالمي والأسواق المالية، إلا أن المستثمرين يشعرون بالقلق لأن تركيا تؤثر على الأسواق الأخرى في جميع أنحاء العالم، وخاصًة في أوروبا. كما تسببت قرارات واشنطن ايضَا في انخفاض الليرة التركية بنسبة 20% مقابل الدولار، بعد أن قال الرئيس دونالد ترامب إنه وافق على مضاعفة رسوم المعادن على أنقرة. وصلت ديون تركيا من العملات الاجنبية أكثر من 50% من ناتجها المحلي، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي. الآثار المترتبة على الديون التركية: أشارت صحيفة "سي إن بي سي" إلى أن تركيا ليست الإقتصاد الوحيد الذي يعاني من العجز والديون، فإندونيسيا ايضَا لديها عجزا في المالية العامة والحسابات الجارية ، واقتراضها بالعملة الأجنبية هو ما يقرب من 30% من الناتج المحلي الإجمالي. وقال المحلل ريتشارد بريجز بشركة "كريديت سايتز" للأبحاث "ليس لدى تركيا احتياطيات كبيرة كافية لإنقاذ الاقتصاد عندما تسوء الأمور، احتياطيات تركيا منخفضة بشكل ملحوظ مقارنة مع 181 مليار دولار في الديون قصيرة الأجل المقومة بعملات أخرى غير الليرة". وهذا يعني أنه عندما تنهار الليرة قد لا تتمكن تركيا من شراء عملتها، إذا تفاقم الوضع سوف تستعين البلاد على إيجاد طرق أخرى لتمويل ديونها، ومن الممكن أن ينقذها صندوق النقد الدولي.