على الرغم من التراجع الشديد لليرة التركية، تمسك الرئيس رجب طيب أرودغان، بموقفه متعهدًا بضرورة خفض أسعار الفائدة من أجل إنقاذ المستثمرين، في تصريحات من المرجح أن تزيد من مخاوف السوق بشأن السياسية النقدية التركية والتضخم. وخسرت الليرة التركية هذا العام 6.5% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي بسبب تجدد مخاوف بشأن قدرة البنك المركزي على مواجهة التضخم، وهجوم الرئيس على مسؤولي البنك، طبقا لتقرير إخباري، وتدور المخاوف حول احتمال أن تؤدي مساعي أردوغان لخفض سعر الفائدة إلى سياسة أكثر تيسيرًا، مع بقاء التضخم عند مستوى لا يبتعد كثيرًا عن الأعلى في 14 عاما. وهبطت الليرة التركية لأدنى مستوياتها على الإطلاق أمام الدولار الأمريكي ليسجل الدولار 4.0535 ليرة، كما لامست مستوى منخفضا قياسيًا أمام اليورو أيضًا، الأمر الذي يفاقم مشاكل الشركات العاملة في تركيا التي تستورد بالدولار واليورو. ومنذ بداية هذا العام، سجلت الليرة التركية رابع أسوأ أداء بين 26 عملة في الأسواق الناشئة، وهو أمر خفض أرباح الشركات وزاد أعباءها، في وقت تواجه تحديات تشغيلية بسبب الاقتصاد الذي يعاني من تضخم تجاوز ال10%. ويأتي ذلك في ظل تزايد عجز الميزان التجاري بنسبة 37%، ليصل إلى 77 مليار دولار نتيجة تأثر الواردات بقوة الدولار أمام الليرة. ويشهد الداخل التركي صراعا سياسيا اقتصاديا، طبقا ل"رويترز"، بين أردوغان والبنك المركزي، الذي يماطل في تنفيذ سياسة أردوغان القاضية بخفض سعر الفائدة، حيث رفعها البنك بداية هذا العام بالمخالفة لتوجيهات أردوغان. وكانت الساحة التركية قد شهدت في الأعوام الأربعة الماضية معارك شنها أردوغان، ضد البنك المركزي محاولا منعه من رفع الفائدة لئلا يتأثر الاقتصاد والاستهلاك سلبا، متهما ما سمَّاه ب"لوبي رفع أسعار الفائدة" بالخيانة. وتعود بعض أسباب انخفاض الليرة أمام الدولار واليورو إلى قيام شركات صناعية تركية بالتخلص من الليرة التركية وشراء الدولار، لأن لديها ديونا متراكمة بالعملة الأجنبية. ويرى محللون اقتصاديون أنه رغم تراجع الليرة، فإن الاقتصاد التركي يظل من الاقتصادات القوية، فهو من ناحية الناتج المحلي الإجمالي يحتل المرتبة 17 عالميًا، حيث تجاوز 856 مليار دولار في العام 2017، وهذا دليل على أن هناك اقتصادا تركيا قويا رغم كافة المشاكل لأنه يعتمد على الإنفاق العام والإنفاق الفردي للمواطن التركي. قبل أيام قال أردوغان، إن هناك 50 مؤشرا تدل على قوة الاقتصاد التركي، وهناك مؤشرين أو ثلاثة على ضعفه، وهنا يستند أردوغان إلى مؤشرات إيجابية، بينما يستند البنك المركزي على مستويات التضخم والتي يقول أردوغان إنه من الممكن السيطرة عليها بالتوازي مع خفض الفائدة، وهناك عامل مهم لخفض الفائدة وهو تحريك الاقتصاد، حيث سيأتي لصالح الشركات الصناعية التي تشكل جانبًا كبيرًا من الاقتصاد التركي. ويفرض التضخم وسلسلة المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية مزيدا من الضغوط على الليرة التركية التي فقدت أكثر من 25 في المائة من قيمتها، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016، ولم تتمكن من التعافي أو النزول إلى الحد الملائم للتصدير والاستيراد الذي حدده مسؤولون اقتصاديون ب3.5 ليرة مقابل الدولار. وليس معروفًا حتى الآن ما إذا كان خفض الليرة التركية مؤشرا حقيقيا لتدهور اقتصادها أم إنها سياسية نقدية مقصودة، خاصة أن هناك بعض الدول تنشد خفض مستوى عملتها من أجل جذب السياح، خاصة أن السياحة عامل مهم في الاقتصاد التركي، إضافة إلى الصادرات التركية، فبينما تتراجع الليرة التركية تكون الصادرات التركية في قمتها. ويقول خبراء إن الاندفاع لخفض الليرة التركية، قد لا يعكس ضعف الاقتصاد التركي بقدر ما يعكس سياسية اقتصادية من أجل دعم الاقتصاد، مشيرين إلى أن دولا عظمى اقتصاديًا كالصين تدفع عملتها المحلية "اليوان الصيني" إلى الانخفاض، من أجل تشجيع الصادرات وتحريك اقتصادها داخليًا، وفي هذا السياق يعقد البنك المركزي التركي في 25 إبريل الجاري، اجتماعا سيقر من خلاله سياسة التوجه لرفع الفائدة أو خفضها، آخذا بعين الاعتبار التضخم ومستوى الليرة التركية.