كتبت- ميادة الشامي: حالة من الارتباك الاقتصادي تشهدها العاصمة التركية أنقرة، خلال الفترة القليلة الماضية، جاءت نتيجة انهيار" الليرة" إلى أدنى مستوياتها حيث انخفضت قيمتها بنحو 17% أمام الدولار، وهو ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمطالبة شعبه بضرورة تحويل مدخراتهم من العملات الأجنبية أو الذهب إلى الليرة التركية عبر البنوك . وأكد عدد من الخبراء في الشأن التركي، أن انهيار العملة التركية ليست وليدة اليوم ولكنها بدأت منذ الانقلاب الفاشل عام 2016م، وزادت حدتها عندما فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية عليها، فضًلا عن تدخل أردوغان في السياسات المالية للبنك المركزي. وأشار الخبراء إلى أن الرئيس التركي سيسعى بشتى الطرق لتعديل سياساته من خلال تعزيز العلاقات مع الولاياتالمتحدةالامريكية وأيضًا مع دول الخليج لزيادة استثماراتهم بتركيا لمواجهة ازمة الليرة. وفي هذا الصدد، قال الدكتور كرم سعيد الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن انهيار عملة "الليرة" التي تشهدها تركيا خلال هذه الفترة ليست وليدة اليوم ولكنها بدأت منذ الانقلاب الفاشل عام 2016، مشيرًا إلى أن تركيا تعاني من حالة انقسام سياسي واجتماعي نتيجة السياسات التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتدخله في سياسات البنك المركزي، فضًلا عن تعيين الرئيس التركي صهره وزيرًا للمالية أدى إلى انخفاض الليرة من 3.5 إلى 6.6 ليرة أمام الدولار، نظرًا لانه يتبع نفس سياسات اردوغان والتي تكمن في عدم رفع سعر الفايدة. وأشار سعيد، في تصريح خاص ل"بوابة الوفد"، إلى أنه من ضمن أسباب انهيار الليرة انخراط تركيا في الصراعات الإقليمية ولاسيما بعد توسعها العسكري في شمال سوريا بمنطقة عفرين وغصن الزيتون مما أثار غضب سوريا، فضًلا عن انحياز تركيا مع قطر في أزمتها مع دول المقاطعة مما جعلها تفقد جزء من استثمارات الخليج هناك، وكذلك العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدةالأمريكية على الواردات التركية. وذكر الخبير في الشأن التركي بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الازمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا في الوقت الحالي لن تطيح بالنظام الحاكم هناك، ولن تكون مؤشرًا على انهيار الاقتصاد التركي نظرًا لانه له قاعدة قوية وأن معدلات النمو هناك إيجابية، حيث وصلت إلى 8 مليارات دولار بخزينة الدولة في العام الماضي، مؤكدًا أن أردوغان سيسعى بشتى الطرق لاعادة تعزيز العلاقات مع دول الخليج لزيادة الاستثمارات، وتعديل سياساته لمواجهة أزمة انهيار الليرة. وكشف الدكتور صلاح لبيب، الخبير في الشئون التركية، عن أسباب انهيار العملة التركية "الليرة"، موضحًا أن ذلك يرجع إلى السياسات الخاطئة التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتدخله في عمل المؤسسات المالية هناك. ونوه لبيب، إلى أن البنك المركزي التركي كان يريد رفع سعر الفائدة، ولكن قوبل بالرفض من قبل أردوغان، وبالتالي أدى إلى إنهيار العملة، وارتفاع الدين العام للدولة. وأوضح الخبير في الشأن التركي، أنه من ضمن أسباب انهيار العملة أيضًا حالة التوتر بين الولاياتالمتحدةالامريكيةوتركيا بسبب القس الامريكي أندرو برانسون الذي احتجزته السلطات التركية لمدة طويلة؛ لاتهامه في قضايا تجسس، ومطالبة واشنطنأنقرة بالافراج عنه ولكن رفضت الأخيرة، وبالتالي فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية عليها مما أدى إلى انهيار الليرة أمام الدولار. وأكد الخبير في الشئون التركية، أن ما تشهده تركيا اليوم لن يطيح بالنظام الحاكم بل ستؤدي إلى إضعافه، مشيرًا إلى أن السيناريوهات المتوقعة للخروج من هذه الأزمة هو أن تتخذ الحكومة التركية المزيد من الإجراءات لمواجهة انهيار العملة، وتعدل من سياساتها وتحصل على مساعدات خارجية لزيادة مخزونها من الدولار، أو سيبقى الوضع كما هو عليه وبالتالي فإن أنقرة ستشهد مزيدًا من انخفاض سعر عملتها في الفترة المقبلة، مما سيؤدي إلى تظاهرات واحتجاجات من قبل الشعب التركي، فضلا عن تردي الاوضاع الاقتصادية. ورأى الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن انهيار العملة التركية "الليرة" يأتي نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدةالأمريكية على تركيا، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحاول تركيع النظام التركي حتى يتبع سياساته ولكن أردوغان له توجهات استقلالية بعدم التدخل في شئون بلاده. وأكد عبد الفتاح، أنه إذا استمرت العقوبات الاقتصادية على المدى الطويل فإن ذلك سيؤدي إلى تصعيد الأمر بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوتركيا ولن يكن في صالح الدولتين، متوقعًا أن يعدل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من سياساته مع البنك المركزي لتسوية هذه الأزمة. ولفت الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى أن الاقتصاد التركي لن يسقط رغم انهيار العملة نظرًا لان الاقتصاد التركي قوي حيث وصلت معدلات النمو حوالي 7.4 % في وقت قصير، فضًلا عن أن هناك بعض الاستثمارات الأجنبية وبالتالي من الصعب أن يسقط النظام التركي، على حد قوله. .