أعمل أستاذاً جامعياً فى تخصص هندسى نادر، تزوجت مبكراً من جارة تخرجت فى كلية العلوم يعمل أبوها مهندساً فى إحدى الشركات الشهيرة.. وللحق فإن عائلتها تغرى بالنسب، فالأب والأخوة والأقارب رجال يستحقون التقدير.. إلا إننى صُدمت صدمات بالغة بعد زواجى من ابنتهم.. فقد كنت آمل أن أتزوج من إنسانة تكافئنى ، وتقدر مكانتى، وتسابقنى فى طموحاتى ، غير هذه الزوجة التى رأيتها شيئاً آخر بعد الزواج .. ثرثارة، كثيرة الغيبة والنميمة ، ذات مزاج سوداوى ، لا تكف عن الصياح والعويل ، وقد زادت تلك الصفات السيئة بعد قدوم مولودنا الأول الذى أصابها بالاكتئاب المزمن.. لقد أنجبنا ابناً معاقاً ،فكأنى أنا الذى اخترته،ورغم محاولاتى المضنية لإفهامها أن هذا عطاء الله الذى لامفر من قبوله والرضا به، إلا أن ذلك كان يزيدها نقمة على وعلى من حولنا بل على الولد نفسه ، فصارت تهمله وتتمنى موته وتستثقل خدمته ، لعله يموت حسب ما كانت تود- هداها الله. ورغم اتفاقى معها على تأجيل الإنجاب حتى نستشير الأطباء ، إلا أنها حملت للمرة الثانية- بالطبع بعد أن كذبت على مؤكدة أنها تستخدم الموانع – وأنجبت ولداً آخر معاقا.. فكان ذلك قمة المأساة. إذ صارت زوجتى لاتطيق الجلوس فى البيت ،وهى طوال الوقت زاهدة فى الولدين، تتركهما لامرأة البواب دون أكل وشرب ونظافة، وتفر من البيت- بدون إذن- إلى بيت أهلها أو إلى إحدى صديقاتها.. فإذا عادت فإنها تجلس إما إلى التليفون ، تتحدث إلى صديقاتها أو إلى التليفزيون وربما يبكى أحد الولدين فلا تمد يدها لإسكاته. وإن أمرتها بشىء أو اعترضت على سلوك أو تصرف من تصرفاتها المجنونة لا أسلم من لسانها وتشهيرها بي. لقد فكرت فى طلاقها، فعشرتها جحيم وصحبتها معاناة وألم .. لكننى أتراجع فى كل مرة بسبب الطفلين اللذين لا ذنب لهما .. ولو كانت أمهما أمينة عليهما ما ترددت لحظة فى فراقها .. وقد أشار على البعض بالزواج عليها ، فرأيت ذلك حلاً فريداً ، ففاتحتها فى الأمر، فأقسمت بالله ثلاثاً لو فعلتها فلن أرى الولدين ما حييت حتى لو تطلب ذلك قتلهما..!! ماذا أفعل هل أتراجع عن التفكير فى الزواج وأضحي بسعادتي واستقراري كي أبقى بجوار أطفالي أرعاهم وأهتم بهم, وهل من طريقة تجعل زوجتى ،تلك الأم العاقة، تحب أطفالها المعاقين وتفجر بداخلها مشاعر الأمومة التي خلقها الله داخل كل امرأة؟!
أم مصدومة في تعليقها على المشكلة التي وردت بكتاب "زوجة واحدة تكفي " للكاتب عمرو شماخ ، أكدت الدكتورة عزة التهامي ،الأخصائية النفسية، أن الأم تعاني من حالة نفسية صعبة جدا, وتمادت عندها لسنوات طويلة دون علاج, فأي أم ترزق بطفل معاق تمر بعدة مراحل.. المرحلة الأولي حالة رفض الواقع وعدم التصديق كالتشكيك في التشخيص, وتأتي المرحلة الثانية وهي الصدمة, وبعدها المرحلة الثالثة قبول الواقع. وتشير إلى أن الأم في هذه الحالة لم تصل لمرحلة قبول الواقع, ولم يتم التعامل معها نفسيا بشكل جيد لتتجاوز الأزمة وتتقبلهم ولا تخجل من المجتمع, خاصة وأن نمط شخصية الأم صاحبة المشكلة أساسا أنها لا تتحمل المسئولية وغير واقعية في نظرتها للأمور، خاصة وأنها تنتمي لأسرة ميسورة وتتوفر لديها مساعدات مادية ممكن أن تساهم في تخفيف حدة المشكلة. وأضافت أن المشكلة تكمن في أنها لن تتقبل أي كلام من الزوج, وهي تحتاج للتعامل معها بخطة محكمة مكن ترجمتها في عدة خطوات: - أن يكون الزوج نموذجا أمامها, ويساعدها في تربيتهم وهو ما سيجبرها علي التعامل معهم بشكل أفضل، وأن يبدي تقديره لأى مجهود تبذله لهما حتى لو كان بسيطا لأن ذلك سيعطيها دفعة لتقديم المزيد. - العمل على زيادة الوازع الديني لديها وطلب دعم من عالم دين لإعطائها دروس في كيفية قبول الابتلاء. - عرضها علي طبيب نفسي ليعالج مشكلتها النفسية ويؤكد لها أن أبناءها واقع في حياتها لا يمكن تغييره. - توفير وسائل مساعدة لها, كذهاب الأبناء لحضانة، ووجود شخص يرعاهم فترة الصباح, حتي لا تتحمل العبء بالكامل وحدها. - إستضافة أحد الأقارب المقربين للأسرة للأطفال من حين لآخر. الإرشاد هو الحال ومن جانبها حذرت سماح لطفي ،أخصائية تخاطب، أن الإهمال العاطفي المتكرر للأبناء المعاقين يفقدهم الإحساس بمكانتهم عند الأسرة، ويفقدهم الإحساس بحبهم لهم وانتمائهم إليهم مما يترتب عليه أن تتحول شخصياتهم إلى شخصية قلقة وعدوانية. وأشارت إلى أهمية الإرشاد الأسرى حيث يعرف الآباء والأمهات أساليب التنشئة الاجتماعية السوية للأبناء المعاقين، لذا فقد وجهت النصح للزوج بإشراك زوجته في أحد هذه المراكز لمساعدتها علي أداء الأدوار والوظائف الايجابية المنوطة بها تجاه الأبناء المعاقين , فضلا عن اكتساب المهارات التي تجعل منها مدربة ومعلمة فاعلة لطفليها مما يساعد على تقدمهما ونموهما بطريقة تمكنهما من اكتساب الخبرات الحياتية اللازمة لارتقائهما، وتعليمهما قواعد السلوك الشخصي والاجتماعي المناسب لمعايير وأعراف المجتمع. وأكدت أن هذا أمر لن يتم إلا من خلال جلسات الإرشاد النفسي والتربوى للأم والتي يقوم بها أخصائي اجتماعي وتربوي متخصص ومدرب يعمل على إتاحة الفرص الكاملة للأسر للتفاعل مع الطفل الذي يعاني من الاعاقة. وأوضحت أن ذلك يساعد علي تدريب و إرشاد الأم علي تقبلها لإعاقة الولدين وفهم الحاجات الخاصة بهما , كما أنها تعتبر فرصة هامة لها للإجابة - بطريقة علمية مبسطة - علي تساؤلاتها حول الإعاقة "مفهومها و أسبابها وأساليب الوقاية والعلاج" وحول خصائص الإبن المعاق مما يساعد على تقبلها له , كذلك يساعد الإرشاد الأسرى على تصحيح أي خلل في علاقة تفاعل الآباء والأمهات مع الأبناء المعاقين وتصحيح أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة علي العقاب البدني للطفل دون معرفة أسباب سلوكه , وطبيعة إعاقته , ويكون ذلك من خلال إفهام الوالدين ضرورة تجنب العقاب البدني له، والإكثار من المعززات الاجتماعية واللفظية والمادية مما يساعد علي تغيير السلوك غير الملائم وتعزيز السلوك الملائم.