صلاح صيام الحياء خلق إسلامى رفيع، يحمل صاحبه على تجنب القبائح والرذائل، ويأخذ بيده إلى فعل المحاسن والفضائل. وإذا كانت منزلة الحياء فى الإسلام على هذه الدرجة الرفيعة، فلا عجب أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس اتصافاً بهذا الخلق الرفيع، فقد كان أكثر حياء من العذراء فى خدرها. جلست أسماء بنت عميس يوماً من الأيام تكلم فاطمة -رضى الله عنها- عن أحداث حصلت عليهم فى الحبشة وأنهم زاروا النجاشى وكان معنا كذا وكذا وفاطمة سارحة الذهن فقالت أسماء: مالى أحادثكِ ولا ترُدين علىّ؟ فقالت فاطمة: عذراً يا أسماء ولكنى أفكر فى نفسى غداً إذا أنا مت والله إنى لأستحى أن يطرحوا فوقى ثوباً على النعش وأخرج أمام الرجال. وكانت النعوش آنذاك عبارة عن خشبة مصفحة يوضع عليها الميت ثم يطرح على الجثة ثوب ولكنه كان يصف حجم الجسم فقالت لها أسماء أولا نصنع لك شيئًا رأيته فى الحبشة؟ فصنعت لها النعش المغطى من جوانبه بما يشبه الصندوق ودعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت على النعش ثوبا فضفاضا واسعا فكان لا يصف فلما رأته فاطمة قالت لأسماء: سترك الله كما سترتنى. قال ابن عبدالبر عن فاطمة الزهراء: هى أول امرأة غطى نعشها فى الإسلام على تلك الصفة، بعد علمى بتلك القصة فكرت كثيرا فما أشد حيائها حتى بعد مماتها. هذا هو الهم الذى أشغل فاطمة, أين هى عن القبر وأهواله؟ أين هى من التفكير فى منكر ونكير؟ لله درها تفكر بالستر والعفاف وهى على النعش وعند من وممن من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم. قالت فاطمة لعلى -رضى الله عنهما-: ناشدتك بالله إذا أنا مت أن تدفننى فى الليل قال لماذا؟ قالت: لا أريد الرجال أن يرونى. نزل ملك لأول مرة إلى الأرض وجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله جل جلاله أرسلنى ويقول قل لمحمد يقول لفاطمة بشروها أنى كتبتها سيدة نساء أهل الجنة. [email protected]