د. محمد داود أمر الإله الناس بالشورى لعدم كمال علمهم ولنقص حكمتهم.. وبالشورى يكتمل علمنا بالأمر من جميع جوانبه.. وحتى يستفيد كل قائد أو مسؤول من ذكاء مَن حوله ومِن خبراتهم ومن أهل التخصص فى كل مجال، ونحن نفعل هذا فى أمورنا الدنيوية.. حين نقوم بعملية العصف الذهنى للوصول إلى الأفضل، وحين نقوم بدراسة الجدوى لمشروع ما بواسطة مكاتب متخصصة. كما أن الشورى تجعل القرار جماعيًّا، فيحس كل فرد بالانتماء لهذا القرار، فيجتهد فى إنجاحه.. وكل هذا لائق بشأن المخلوقين.. أما الخالق فمختلف فى كل شأنه عن المخلوقين (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)) «الشورى».. ومن صفات الخالق الكمال.. الكمال فى علمه: (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى(7)) «طه»، والكمال فى حكمته: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)) «النساء».. فليس هناك أحد من خلقه فى حكمته حتى يشاوره، وليس هناك أحد فى علمه حتى يشاوره، ولا فى قدرته وسلطانه، فهو على كل شىء قدير.. له طلاقة القدرة: ( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) ) «البقرة». وأما أنه يحاسبنا، فلأنه خلق الإنسان حرًّا مختارًا، والعدالة تقتضى أن يتحمل كل إنسان مسئولية اختياره.. والقاعدة العقلية تقول: أنت حر، إذن أنت مسؤول.. ما ذنب من لم تصله الدعوة والقرآن؟ الإسلام يُعرَض فى الإعلام العالمى الآن على أنه جهل وتخلف وإرهاب!! صورة أفزعت الناس وأسهمت فى تكوين «الفوبيا» من الإسلام! وخلال عمر البشرية الطويل لم يترك الله البشر دون هداية، لقد أرسل الرسل وأنزل الكتب وخلق العقل ويَسَّر العلم... إلخ, قال الله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)) «فاطر».. وقال الله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا) «النحل: 36». كما أن الرسائل الإلهية للبشر.. قد تكون تأملًا بالعقل.. أو خشوعًا فى القلب.. إلخ، قال الله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) «المدثر: 31». أما من لم تبلغه الدعوة الصحيحة التى خلت من التشويه.. ولم يصله القرآن صافيًا.. فله حكم خاص من الخالق لأنه العدل، فلا يحاسب ولا يعاقب إلا بعد إعلام وبيان, قال الله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)) «الإسراء: 15»، فهؤلاء (أهل الفترة). وأهل الفترة: هم من عاشوا فى زمن لم يأتهم فيه رسول ولا نبى, أو كانوا فى مكان لم تصلهم فيه الدعوة، ومَنْ كان فى حكمهم كالأطفال من المشركين ونحوهم.. فهؤلاء لا حساب عليهم، وأمرهم إلى الله تعالى، والله يعامل عباده بالرحمة والعفو.