بات الشباب في الآونة الأخيرة، يستعينون ببعض آيات القرآن الكريم، للتعبير عن حالتهم النفسية وما يمرون به في حياتهم من مواقف صعبة أو مفرحة، فأصبحوا مدركين لعمق الآيات القرآنية في تهدئة النفس، بل وأنها قادرة على منحهم شعورًا قويًا بالطمأنينة. لربما استغرق الأمر وقتًا طويلًا ليدرك الشباب هذا الأمر، فكانوا معتادين على كلمات الأغاني أو التعبير بطريقتهم الخاصة، بجمل مرسلة، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يفرغون بها ما يجول بخاطرهم، بينما اللجوء إلى الله، والإيمان الداخلي بأنه سيجعل الخير في كل شيء، هو دليل قوي على ارتفاع الوعي الديني لدى الشباب. وهناك بعض الآيات التي يستعين بها الكثيرون، ونراها كثيرا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وبالرغم من أنها حقا تعكس ما يشعرون به، ويجسد ما يمرون به، إلا أنهم لا يعون السبب وراء نزول هذه الآية، ومن ثم فنحن سنتناول أسباب نزول بعض الآيات التي يتم تداولها مؤخرا.. "وما كان ربك نسيا" وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64 ) أجمع غالبية المفسرين على أن سبب نزولها، أنّ جبريل عليه السلام، أبطأ أيامًا عن النزول إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنّ النبي ودّ أن تكون زيارة جبريل له أكثر مما هو يزوره فقال لجبريل:" ألا تزورنا أكثر ممّا تزورنا " فنزلت : { ومَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأمْرِ رَبِّكَ } إلى آخر الآية و رواه البخاري والترمذي عن ابن عبّاس. "ولسوف يعطيك ربك فترضى" أرجع سبب نزول هذه الآية، إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يخشى على أمته من دخول النار، وأهل بيته، فنزلت هذه الآية لطمأنته، فروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اللهم أمتي أمتي وبكى ، فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له إنا سنرضيك في أمتك ، ولا نسوءك فيهم. " "قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا" وسبب نزولها جلي في سورة مريم، إذ عندما طلب نبي الله زكريا من ربه غلامًا، فبشره بيحيى، فتعجب زكريا من استجابة ربه، نظرا لكبر سنه، وأن زوجته عاقر، فنزلت هذه الآية، دليل على قدرة الله في أنه يهب من يشاء ما يشاء. "قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا ..قال كذلك قال ربك هو علي هين" وجاءت هنا الآية مخاطبة للسيدة مريم، إذ تعجبت كيف سيهبها الله ولد وهي لم تكن متزوجة، ولم تكن آثمة، فنزلت الآية لتثبت قدرة الله في الخلق، وأنها غير خاضعة للأسباب، بل إرادة الله سبحانه أن يريد أو لا يريد. "فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" وهو دعاء سيدنا يونس الشهير في بطن الحوت، بعد أن ابتلعه وظل في ظلامه، يدعو ربه لينقذه، وهو على يقين بأنه سينجيه. فقال ابن مسعود رضى الله عنه، إن المقصود بالظلمات هو ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل، فاستغاث بربه السميع العليم، فأنجاه..