تحقيق: أمانى زايد- اشراف - نادية صبحى يعرض 100 ألف قطة أثرية نادرة ويجذب 8 ملايين سائح سنوياً المشروع مدينة متحفية حديثة وتستغرق زيارته يوماً كاملاً مكتبة متخصصة فى «علم المصريات» ومركز أبحاث ومعامل ترميم يترقب المصريون والعالم أجمع منذ 16 عاماً بناء واحد من أكبر المتاحف العملاقة، الذى سيكون قبلة السائحين فى السنوات القادمة. حلم المتحف الكبير بات حقيقة على أرض الواقع، بعد أن تعثر بناؤه لعدة سنوات حتى أصبح من أكبر المتاحف فى الشرق الأوسط، حيث تبلغ مساحته 117 فداناً بجوار الأهرامات وتتيح له الفرصة لاستيعاب 100 ألف قطعة أثرية وجذب أكثر من 8 ملايين زائر سنوياً، ولأول مرة يرى الزوار قطعاً أثرية نادرة لم تعرض من قبل بل ويكون العرض ذا طابع مختلف، حيث يحكى للجمهور عن نشأة الحضارة المصرية على مر العصور، مما يزيد من أهميته فى جذب وتنشيط السياحة فى مصر. ويرى الخبراء أن هذا الصرح الهائل يحتاج لمشاركة كافة الجهات المعنية لعمل الحملات الدعائية اللازمة لتنشيط السياحة فى الداخل والخارج. جاءت فكرة إنشاء المتحف الكبير بعد أن ازدادت القطع الأثرية التى يتم اكتشافها بين الحين والآخر، حتى تحول جزء كبير من المتحف المصرى الموجود بمنطقة التحرير إلى مخزن لتلك الآثار الجديدة، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء متحف كبير يضم العديد من القطع المكتشفة حديثاً والنادرة، ووقع اختيار الخبراء الأثريين على اختيار منطقة الأهرامات لما لها من أهمية كبيرة لدى السائحين، أما تصميمات المتحف فقد تمت بمشاركة مهندسين معماريين تم اختيارهم من خلال مسابقة معمارية نظمتها وزارة الثقافة ودعت فيها لتقديم تصميم فريد لهذا المكان الذى سيضم أهم القطع النادرة، كما تم الإعلان عن المسابقة الدولية لمشروع تصميم المتحف، حيث تقدم إليها 1557 مشروعاً من83 دولة، ويتكون فريق التصميم الدولى الفائز من 14 مكتباً استشارياً من 6 دول هى أيرلندا وإنجلترا ومصر وهولندا والنمسا وكندا, وقد شارك 300 مهندس وخبير استشارى دولى ومحلى فى وضع الرسومات والدراسات الخاصة بالمتحف. ويتضمن التصميم المتميز لهذا المتحف استخدام أفكار جديدة لنقل الزائر من عالم اليوم إلى عالم الأمس وكأنه يعيش فى عصور مصر الفرعونية إلى جانب الحفاظ على تراث مصر وعرض آثارنا مع توثيقها. يقع المتحف بالقرب من أهرامات الجيزة، وتم بناؤه ليكون أكبر متحف فى العالم للآثار بتكلفة مالية بلغت مليار دولار، وساهمت اليابان فى الإنشاء بقرضين قيمتهما 750 مليون دولار، وقد تم الإعلان عن بناء المتحف عام 2002 الماضى، إلا أن بناءه تأخر لعدة سنوات بسبب اختيار التصميمات التى تتناسب مع الموقع المتميز للمتحف، كما أن مكان بناء المتحف كان هضبة رملية واحتاجت للتثبيت وبعدها تم الإعداد لبناء المتحف على أن يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من العصور الفرعونية، واليونانية والرومانية، كما يشمل المتحف معامل ترميم بالإضافة إلى مسرح وقاعة للمؤتمرات ومنطقة خدمية تضم 10 مطاعم و28 متجراً وفندقاً يضم 35 غرفة. وكانت بداية أول مراحل البناء والتشييد فى عام 2005 الماضى، وما لبثت أن توقفت أعمال البناء ثم عاد وتم الإنشاء الفعلى للمتحف ونقل الآثار فى عام 2012، وفى 25 يناير الماضى تم نقل تمثال رمسيس الثانى وبلغت تكلفة نقل التمثال 13.6 مليون جنيه مصرى، وتمثلت فى تجهيز وتغليف التمثال لحمايته بالإضافة إلى رصف وتجهيز الطريق حتى يتحمل ثقل وزن التمثال والذى يبلغ 83 طناً وارتفاع 13متراً، استقر تمثال رمسيس الثانى، فى مقره فى بهو المتحف المصرى الكبير، وذلك بعد نقله مسافة 400 متر من منطقة ميت رهينة إلى مدخل المتحف ليكون أول قطعة أثرية يتم وضعها بالمتحف، ومنذ أيام نقلت وزارة الآثار 205 قطع أثرية من مقتنيات الملك توت عنخ آمون من متحف الأقصر، لعرضها بالمتحف الكبير، ومن تلك القطع رأس البقرة المذهبة وإحدى العجلات الحربية للملك توت عنخ آمون، وسرير ومقعد من الخشب، وبعض الصناديق والسلال الخاصة بالملك. تلك القطع ستكون مميزة خلال سيناريو العرض المتحفى الجديد لقاعة العرض الخاصة بالملك داخل المتحف، وتوضح الطقوس الجنائزية والحياة اليومية فى عصر الملك توت عنخ، ومن المنتظر أن يتم افتتاح المرحلة الأولى من المتحف فى نهاية العام الحالى، بقاعة تبلغ مساحتها أكثر من 7 آلاف متر، والافتتاح سيشمل البهو العظيم والذى يعرض فيه تمثال الملك رمسيس الثانى أعظم ملوك مصر، ثم الدرج العظيم ومشاهدة 87 قطعة من التماثيل الملكية والعناصر المعمارية، وقاعة توت عنخ آمون والتى ستعرض ولأول مرة جميع مقتنيات الفرعون الذهبى كاملة والتى يبلغ عددها 5 آلاف قطعة أثرية. كما، سيتم عرض تماثيل ضخمة لملوك العصور المختلفة، لتوضيح التواصل الحضارى على مدى 5 آلاف سنة من الحضارة المصرية القديمة، وبجانب التماثيل توجد توابيت ضخمة وفى نهاية صعود الزوار يصلون إلى الواجهة الزجاجية التى سيصل ارتفاعها إلى 25 متراً وتطل على الأهرامات، ومنها إلى قاعتى الملك توت عنخ آمون. ومن ناحية أخرى أكد وزير الآثار خالد العنانى أن مشروع المتحف المصرى الكبير شاركت فيه اليابان بنسبة 75% كقرض. وأشار إلى أن الافتتاح الجزئى للمتحف سيغير منظور سياحة المتاحف فى العالم، مؤكداً أن دور اليابان لن ينتهى بمجرد الافتتاح بل سيستمر التعاون. وتوقع أن يكون العام 2018 عام المنجزات، حيث يقدم المتحف تجربة فريدة فى الإبحار عبر الزمن من خلال قصة مصر القديمة وتراثها الثقافى التى امتدت لنحو سبعة آلاف سنة. أكد الدكتور مختار الكسبانى أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، ومستشار أمين عام المجلس الأعلى للآثار سابقاً، أن المشروع يعد مدينة متحفية متكاملة فهو من أكبر المتاحف فى العالم ومن الممكن أن يقضى السائح فيه يوماً كاملاً لأنه سيكون ذات طبيعة خاصة، وسوف يطبق فيه العرض المتحفى، كما أن طريقة العرض فيه ستكون مختلفة عن باقى المتاحف فخلال تواجد الزوار فى المتحف يمكنهم أيضاً رؤية الاهرامات، لأن تصميمه يجعله يرى الشمس من المشرق وخلفية قاعة العرض ستكون الأهرامات وأبوالهول، يضم المتحف العديد من المقتنيات الأثرية ومكتبة متخصصة فى علم المصريات ومركز أبحاث ومعامل للترميم ومزارات وحدائق وكافتيريات مما سيجعله من أهم المزارات السياحية، على مستوى العالم، وسوف يساهم هذا المشروع العملاق فى تنشيط السياحة خلال الفترة القادمة، خاصة أن هناك قطعاً أثرية سوف تعرض فيه لأول مرة، ويرى أننا نحتاج خلال الفترة القادمة لتطوير العقلية فى مجال التسويق السياحى، لأننا ما زلنا نسير ببطء فى مجال الترويج السياحى، لذا يجب أن تتم الاستفادة من كافة الجهات المعنية، ومشاركتها فهناك ثقافة يجب أن يتم تغييرها حتى نتمكن من جذب السياحة، خاصة أن لدينا رؤى وخططاً تمت مناقشتها فى الندوات والمؤتمرات ولم تطبق حتى الآن، فهذا المتحف صمم لكى يستوعب 100 ألف زائر سنوياً، كما يجب الاهتمام بتطوير منطقة الأهرامات فى الفترة القادة خاصة أنها ستكون من أهم المناطق السياحية. ومن جانبه أكد طارق توفيق المشرف على مشروع المتحف الكبير أن المتحف له هوية مختلفة، ويتحدث عن نشأة الدولة المصرية والعلاقة بين الملك والشعب على مدى العصور التاريخية، والسعى نحو الأبدية وتلك هى العقيدة المصرية القديمة، وبالتالى فهو يشرح الحضارة المصرية القديمة ولا يقتصر دوره على عرض القطع الأثرية فقط، كما أن للمتحف طابعه الخاص والمميز عن باقى المتاحف العالمية من حيث أساليب العرض والقصص والقطع المعروضة، وفى المرحلة الأولى التى سيتم افتتاحها نهاية العام الحالى سيتم عرض 5 آلاف قطعة للملك توت عنخ آمون، وفى المرحلة الثانية التى ستفتح فيها القاعات التاريخية سيتم عرض 45 ألف قطعة، ويقول: الجديد أننا سنعرض القطع بنظام التتبع التاريخى بمعنى أن الزائر يبدأ مشاهدة القطع بشكل متسلسل ابتداء من فترة ما قبل التاريخ حتى العصرين اليونانى والرومانى، وهذا الأمر له أثر كبير فى تثبيت المعلومة فى الأذهان، هذا فضلاً عن أن هناك 3 آلاف قطعة للملك توت عنخ آمون لم تعرض من قبل، وفى المرحلة الثانية سيكون هناك 25 ألف قطعة جديدة أيضاً، وهذه القطع بلا شك سوف تجذب انتباه الزوار والعالم أجمع لرؤية تلك القطع التى تكشف عن جوانب غير معروفة من قبل فى الحضارة المصرية القديمة، ويستكمل حديثه قائلاً: من المتوقع فى البداية أن يجذب المتحف 10 آلاف زائر يومياً وهذا يجعل عدد السائحين المتوقع قدومهم لمصر لرؤية المتحف من 3 إلى 4 ملايين سائح سنوياً، مع العمل على الزيادة التدريجية لهذا العدد، خاصة أن المتحف مجهز لاستقبال 8 ملايين زائر سنوياً من المصريين والأجانب، فالمصرى لابد أن يشعر أنه فى مكانه ويجب أن يعلم أبناءه حضارة أجدادهم، فالزوار سوف يجدون متعة فى مشاهدة العرض المتحفى المتميز، وما تم اكتشافه فى مقبرة توت عنخ آمون ممثل الأسرة ال18، الذى يعرض نمط الحياة الكامل من 3500 سنة، وهناك أيضاً 50 ألف قطعة موجودة فى المخازن للدراسة والمعارض المتميزة، وعن الحملات الدعائية للمتحف أكد طارق توفيق أن هناك تنسيقاً مع وزارة السياحة للقيام بحملات ترويجية، فضلاً عن تعاون الوزارات المعنية لتحديد أنسب وقت لافتتاح المتحف الكبير، ووقتها سيتم عمل حفلة ترويجية كبيرة لجذب الزائرين.