كتبت - بوسى عبدالجواد: وسط ضجيج الرصاص، وعويل الأهالى، وصوت القنابل المدوية خرج مطربون سيناويون من أرض الفيروز سيناء الساحرة، يمثلون حالة متفردة ومتميزة فى الوسط الفني، ليؤكدوا بفنهم وأصواتهم «أن الفن خالد لا يموت». استفزتهم المشاهد الدموية التى يشاهدونها بشكل يومى، فحوّلوا صوت الرصاص والانفجارات والمفرقعات لإيقاعات موسيقية تخرج منها أجمل الألحان والكلمات التى تعبر عن طبيعة البيئة البدوية. من أشهر الفنانين السيناويين الذين نجحوا فى فرض أنفسهم على الساحة الفنان السيناوى «مقبل محمد جمعة» الذى اشتهر بخامة صوته المميزة، بين صفوف الفنانين والمؤدين للأغنية البدوية المصرية. على الرغم من أن رصيده الغنائى ليس كبيراً، إلا أنه نجح أن يحتل مكانة فى قلوب الوطن العربى بأغانيه التى جاءت متميزة لتفرد كلماتها وألحانها. تربطه بالصحراء قصة حب كبيرة، فكتب وغنى ولحن متغزلاً فى عيون محبوبته «الصحراء»، كما غنى للسلام وللقدس. تأثر مقبل بالفنان شفيق كبها، اعتمد على نفسه كفنان شامل، وبدأ مشواره الفنى من خلال قصر ثقافة رفح بشمال سيناء، وكان مطرب فرقة الدبكة التابعة للقصر. ومن بين المطربين السيناويين الذين نجحوا فى تكوين قاعدة جماهيرية لا بأس بها، الصوت الذهبى السيناوى محمد سلام، الذى بدأ مشواره الفنى من القاهرة، رغم كل المعوقات والمواجهات التى تحيط بشمال سيناء، صاح يشدو ليطرب الجمهور بحنجرته الدافئة وشديدة الحميمية. لقبه البعض ب«الفنان الاستثنائى» نظراً لخصوصية فنه، فصنع لنفسه قالباً خاصاً به فى اللون والأداء والكلمات، فهو من أشهر المطربين على قناة شعبيات، المشهورة بالأغانى الشعبية والبلدية الأصيلة، وحققت أغانيه نسب مشاهدة عالية على موقع ال«يوتيوب» تحديداً أغنية «الحظ عارف صحابه». واتخذ المطرب السيناوى، منصور العميرى، الفن وسيلة لتعريف الوطن العربى بشهامة وجدعنة أبناء شمال سيناء، فكان يختار الكلمات التى تعبر عن البطولات وحب الوطن، فى الوقت التى تخوض فيه سيناء معركة حامية مع الإرهاب، وذلك بعد أن باتت ملاذاً وأرضاً خصبة للدواعش والإرهابيين وأعداء الوطن. وظهرت فرقة العريش للفنون الشعبية، التى تقدم تراث مصر الشعبى، امتدت شهرتها خارج حدود الجغرافيا، فشاركت فى فعاليات مهرجان هرارى الدولى للفنون الشعبية، وشاركت فى مهرجانات داخل وخارج مصر، وحصدت مراكز أولى فى عدة مهرجانات. اشتهرت الفرقة بعروضها واستعراضاتها الفنية المميزة، التى تعبر عن تراث مصر الشعبى منها عروض الفرح البدوى، والدحية، والسامر، وعروض التنورة، 9 لوحات فنية لأفراح سيناء، وفنون الدبكة والرقصات الشعبية، وعادات تناول القهوة، وعروض أخرى منوعة، فضلاً عن استعراضات تمثل تراث محافظات مصر المختلفة فى فنون التنورة والسمسمية. تضم الفرقة عدداً من المطربين المتميزين منهم غريب مؤمن وحميد إبراهيم اللذان يعدان أهم نجوم الغناء بسيناء، وهما حالياً المطربان الرئيسيان للفرقة. رغم الظروف الصعبة والماديات التى تواجه نجوم الفرقة، ورغم مغريات العمل خارج الفرقة، إلا أنهم يتمسكون برسالتهم فى تقديم التراث السيناوى، والحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة. يذكر أن الفرقة تأسست عام 1982 مباشرة بعد تحرير سيناء، وتستهدف حفظ وتقديم عادات وتقاليد وفلكلور 12 قبيلة، يتفرع منها نحو 72 عشيرة تعيش فى شبه جزيرة سيناء، يضم برنامج الفرقة رقصات عديدة منها الدحية فى استقبال الضيوف، الفرح السيناوى بتنويعاته البدوى، العرايشى، ورقصات السبوع، الدبكة السيناوى التى تختلف عن الدبكة الشامية، السمانة فى الاحتفاء بصيد السمان، الحصاد، رقصات الصيادين، قيموا الأفراح التى تعبر عن فرحة الزوجات بعودة أزواجهن من الحرب، المرواس والمهباش التى تعبر عن إعداد القهوة فى المقهى باستخدام مطحنة البن, وغيرها من الرقصات التى تعبر عن التنوع الثقافى فى سيناء.