تحقيق: إسلام أبوخطوة / إشراف: نادية صبحي على أبواب فصل الصيف، تتجه الأنظار الى أسواق الملابس أملاً فى شراء احتياجات الأسر من مستلزمات الصيف، ومع ارتفاع الأسعار يلجأ العديد من ربات البيوت لأسواق المستعمل بعد أن عرضت المحلات تخفيضات أكدوا أنها وهمية، لكن أسعار الملابس المستعملة أيضاً طالها الغلاء، القضية الأكبر أن ميزانية الأسرة ابتلعتها الدروس الخصوصية التى تشهد تكثيفاً معتاداً فى مثل هذا الوقت، ونحن على أبواب الامتحانات، والنتيجة مشهد تتصدره محال خاوية، وأناس يترجلون بخطى بطيئة، أعينهم تترقب أسعار الملابس لتصيبهم بصدمة عارمة، مشاهد تعكس حال محال الملابس فى شوارع وسط القاهرة ووكالة البلح، فمع قدوم فصل الصيف تخرج الأسر لشراء مستلزماتهم، إلا أن أسعار هذا العام جعلهم يكتفون بدور «المتفرجين». 40% ارتفاعاً فى أسعار الملابس الصيفية, بحسب ما أشار إليه عدد كبير من أصحاب الملابس الجاهزة, و15% للملابس البالة, ما دفع عدداً كبيراً من المواطنين للعزوف عن الشراء ولجوئهم إلى حيل أخرى للهرب من نار الأسعار. وطبقًا لآخر البيانات الرسمية الصادرة عن شعبة الملابس بالغرف التجارية بالقاهرة, فإن حجم تجارة الملابس الجاهزة 30 مليار جنيه, إلا أنه فى الفترة الأخيرة تزايدت نسبه الركود واتصفت حركة البيع والشراء بالهدوء غير المعهود فى هذه الفترة من كل عام. وما بين إعادة استخدام الملابس القديمة, والتفصيل يتهرب المواطنون من نار أسعار الملابس, وقالت زينب عبدالعال, موظفة, إن لديها 4 أولاد فى مراحل تعليمية مختلفة, واعتادت قدوم فصل الصيف شراء الملابس الجديدة لهم, إلا أنها أصيبت بصدمة عندما شهدت أسعار الملابس الجديدة ما دفعها للعودة إلى الملابس القديمة بعد إصلاح ما يمكن إصلاحه. شكاوى المواطنين من أسعار الملابس الجاهزة صاحبها شكاوى عديدة من ضغط الدروس الخصوصية على الميزانية والتهامها الجزء الأكبر منها, خاصة فى موسم الامتحانات الأمر الذى أصبح معه شراء ملابس الصيف «رفاهية» تعجز عنها الأسر خاصة فى ظل وجود أكثر من طفلين و3 أفراد, ما يدفع الأمهات لتجاهل شراء ملابس وأحذية جديدة على أبواب الصيف الذى يتزامن مع موسم الامتحانات. الأمر نفسه أكدته فاطمة عباس, ربة منزل, قالت إنها لجأت لشراء الأقمشة الخاصة لملابس الخروج والمنزل وتفصيلها لدى «ترزى» للهرب من أسعار المحلات, مشيرة إلى أنها لديها 4 ابناء اعتادت أن تشترى لهم الأطقم الجديدة, ولكن هذا العام عجزت عن التصرف. واستكملت «فاطمة» حديثها بأن لديها تخوفاً من شراء الملابس المستعملة «البالة» من وكالة البلح, وقالت إنها تتسبب فى نقل الأمراض المعدية. أحمد جلال, عامل, يسير بخطى غير منتظمة, قابضًا فى يديه طفلته, يراقب بعينه أسعار الملابس والعروض الصيفية, وقال إن جميع محلات وسط القاهرة يراوغون المواطنين بتخفيضات وهمية, فسعر البنطلون 140 جنيهًا يضعون عليه لافتة بوجود تخفيض من 170 إلى 140 جينهًا وغيرها من الملابس المنزلية. وتساءل «جلال»: أين الرقابة على المحلات لرصد العروض الوهمية التى يستغلون بها الجهلاء من المواطنين بأسعار الملابس, وطالب جهاز حماية المستهلك بتخصيص خط ساخن للمواطنين يكون فعالاً 24 ساعة لتلقى الشكاوى. عنايات عبدالعال, ربة منزل, قالت إنها زوجة لرجل أرزقى لا يملك سوى قوت يومه, ومع قدوم فصل الصيف يحتاجون لشراء ملابس مستعملة لأبنائهم الأربعة, إلا أنهم هذا العام عجزت عن الشراء بعدما وجدت الأسعار ارتفعت بنسبة 15%. وتابعت: «مش كفاية أن الملابس المستعملة بتجيب الأمراض وإننا مجبرين على شرائه.. ورغم ذلك فهى مرتفعة الأسعار ولا نعرف السبب ولا نعلم كيف سنشترى احتياجاتنا وتستكمل «عنايات» حديثها, وقالت إنها قامت بشراء طقم واحد لأصغر أبنائها, أما الباقى فعادوا مرة أخرى لملابسهم القديمة بعد تصليحها على يد «ترزى». «دى أول سنة نشوف فيها المهزلة دى».. بهذه الكلمات احتجت عفاف جمال, ربة منزل, على أسعار الملابس فى المحال, وقالت: 15 سنة باجى فيها هنا الوكالة وبشترى لولادى كل لوازمهم, بس دلوقتى خلاص كل شىء راح, حتى الملابس القديمة أصبحت أسعارها فوق الطاقة ولا ندرى ما السبب? فيما أشار عدد من المواطنين إلى أن مصاريف المدارس والدروس الخصوصية لعبت دوراً كبيراً فى عجز الأسر فى شراء الملابس الصيفية. أحمد مندور, موظف, قال لديه من الأبناء 3, جميعهم فى مراحل تعليمية مختلفة, ومن قبل بدء الفصل الدراسى بدأ الحجز لدى مراكز الدروس الخصوصية ودفع مبالغ مالية طائلة حتى الآن بلغ آلاف الجنيهات ما أثر على ميزانية الأسرة وعجزت عن شراء الملابس الصيفية هذا العام. «اللى مش بيحلق يحجز فى الدروس يعتبر مستقبل ابنه ضاع».. يكمل «مندور» حديثه إلى أن العملية التعليمية فى المدارس أصبحت سيئة للغاية, ولكى يستطيع الطالب استذكار دروسه لا بد من اللجوء لمراكز الدروس الخصوصية, مع العلم حجز الدرس يكون قبل بدء العام الدراسى. وهو ما يبتلع الميزانية, ويؤثر على قدرتنا الشرائية ولا نستطيع أن نعيش فرحة العيد ولا شراء ملابس جديدة على أبواب الصيف. الأمر نفسه أكده يوسف عبدالعال, صاحب مقهى, حيث عانى كثيرًا من أزمة الدروس الخصوصية مثل غيره من ملايين المواطنين, ولهذا أثرت على الميزانية الاقتصادية للأسرة وجعلته عاجزًا عن شراء الملابس الصيفية لأولاده الاثنين. وأضاف «عبدالعال» أن الملابس الصيفية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا هذا العام ما جعلنا عاجزين عن شرائه, خاصة بعد ما تم صرفه على مراكز الدروس الخصوصية. وطالب «عبدالعال» وزير التربية والتعليم بتشديد الرقابة على مراكز الدروس الخصوصية وعلى المدرسين فى المدارس الحكومية حتى يستطيع الطلاب استذكار دروسهم بشكل جيد ولكى يحد من «جشع» مدرسى الدروس الخصوصية التى أصبحت شريكاً أساسياً فى ميزانية كل بيت وتأتى على حساب كسوة الشتاء والصيف وكل بنود الترفيه فى حياة الأسرة. ومن المواطنين إلى أصحاب المحلات, قال زيدان يوسف, صاحب محل ملابس جاهزة فى شارع طلعت حرب, إن عليهم التزامات عديدة منها إيجار المحل يصل لآلاف الجنيهات, وغيرها من فواتير الكهرباء والمياه, ولهذا لا بد من رفع سعر السلع لسد الاحتياجات المالية. وعن شكاوى المواطنين حول التخفيضات الوهمية, قال «يوسف» إن عدداً من المحال يتحايلون على المستهلكين بهذه الحيل يعرضون سلعاً عليها لافتات تخفيض فى حين يكون هو سعرها الحقيقى. وتابع: «هذه الحيل تفقد أصحاب المحلات المصداقية ولهذا يعزف عدد كبير من المواطنين عن الشراء», مشيراً إلى أن المواطن حينما يقوم بشراء إحدى السلع يتفاوض كثيرًا مع البائع ولا يرضى بسعر التخفيض اعتقادًا منه أنها وهمية. وعرض «يوسف» حلاً لهذه الإشكالية, وقال تقوم الحكومة بالنظر فى ضريبة القيمة المضافة وتخصيص أراضٍ فى العاصمة الإدارية لإقامة أسواق للجملة والتجزئة, حينها تحد من جشع التجار. إبراهيم دسوقى, بائع, قال إن المواطنين البسطاء كانوا مع كل موسم صيف يتوافدون على المحال لشراء الملابس المستعملة لأبنائهم, والذين تسعدهم أقل الأشياء, إلا أن هذه المنتجات باتت محرّمة على الفقراء بعد ارتفاع سعرها بنسبة لا تقل عن 15%. وتابع: الأسعار ليست واحدة لكن متفاوتة ولكنها أقل سعراً من المحلات على أى حال. وقال: «بعد ارتفاع أسعار الملابس الجديدة, والناس الغلابة كانوا بيشتروا الملابس القديمة حتى يفرحوا أولادهم وهناك من يشترى ملابس العيد من الآن تحسباً لرفع الأسعار كالعادة فى المواسم والأعياد». 10 آلاف هى قيمة خسائر نادر عبدالفتاح, بائع ملابس, بعدما ارتفعت أسعار الملابس بشكل ملحوظ الفترة الماضية, اننى مطالب بدفع 2000 جنيه للكهرباء والمياه وبالتالى لا بد من تعويض ذلك فى أسعار الملابس. «السوق ده كان للغلابة والفقراء, وفيه كل حاجة بأسعار رمزية».. بهذه الكلمات استهل سمير جابر الله, بائع, حديثه, مشيراً إلى أنه خلال الشهور الماضية تبدلت معالم السوق للنقيض, فبدلاً من حركة البيع والشراء والذى كان يميزه عن باقى الأسواق, نظراً لإقبال عشرات المواطنين البسطاء من كافة أنحاء المحروسة, إذ باتت المحال اليوم تعانى حالة الركود الشديد بسبب ارتفاع الأسعار. وسبب اتجاه الميزانية للدروس الخصوصية وخاصة أننا مقبلون على امتحانات. ويشير صاحب الثلاثين عاماً إلى أن ارتفاع الأسعار ليس فقط على السلع الجديدة والتى زادت بنسبة لا تقل عن الالملابس القديمة, والتى كانت طوق نجاة للفقراء هرباً من غليان المنتجات الجديدة.. مضيفاً: «ناس كتير من التجار بيفكروا يغيروا نشاطهم علشان حالة الركود, وده غير رفض المستهلكين شراء الملابس القديمة والتى كانت الأكثر مبيعاً بالسوق وده علشان ارتفاع السعر». بائعو الأحذية: «البراند» مرتفع السعر والشعبى فى متناول الجميع ألوان وأشكال ونوعيات مختلفة من الأحذية تعرضها المحلات للمواطنين, يختار الفرد منهم حذاؤه على حسب طبيعة عمله أكان فى مكتب أو فى الشارع وغيرها, وشهدت أسعار الأحذية هذا العام ارتفاعاً ملحوظاً خاصة للجلد الطبيعى. مصطفى عبدالعال, بائع أحذية بمنطقة العتبة, قال إن المستهلك يختار حذاءه بما يناسب سنه وعمله وطبيعة ملابسه, مشيراً إلى أن أحذية «السيفتى» ليس لها موسم خاص للبيع, فيرتديه الشباب فى كثير من المواسم السنوية, ويتراوح سعرها من 500 إلى 575 على حسب المكان المعروض فيه, والماركات «البراند» من 1000 إلى 1400 جنيه. وتابع: زبون «البراند» معروف ولا يهمه السعر, لكن الحذاء الشعبى فى متناول الزبائن.. لكن بشكل عام هناك هدوء فى حركة البيع والشراء. وأوضح ناصر محمد صاحب محل أحذية «رجالى» أن «الكوتشى» يشتريه الكثير من الشباب, لاستخدامه المريح, ويتراوح سعره من 285 إلى 480 جنيهاً, والحذاء «الكاجوال» الذى أصبح موضة لاستخدام كثير من كبار السن, فيشترونها الكثير من رجال هذه الفئة العمرية, ويتراوح سعرها من 300 إلى 570 جنيهاً. وتابع: «الرجال كبار السن يبحثون عن الوقار فيفضلون الأحذية الكلاسيكية والتى يتراوح سعرها من 250 إلى 595 جنيهاً, وهى أيضاً مفضلة لدى الشباب فى المناسبات, ولكن الغالبية العظمى الآن تقبل على شراء الكوتشى خاصة طلبة الجامعات لأنه أكثر راحة», مشيراً إلى أن نوع «السيفتى» زبائنه من كل الشرائح العمرية لمن يبحثون عن التميز دون النظر إلى السعر أو مدى شعورهم بالراحة. شعبة الملابس: نسعى لاتفاق مع التجار لتخفيض الأسعار وإنعاش السوق ياسر الشيخ, عضو شعبة الملابس بغرفة تجارة القاهرة, قال إن المحال تعانى من حالة ركود تصل ل70% فى حين تصل نسبة حجم تجارة الملابس الجاهزة إلى 30 مليار جنيه. وأضاف عضو شعبة الملابس بغرفة تجارة القاهرة, أن قرارات الحد من الاستيراد وارتفاع تكلفة الجمارك نجمت عنها انخفاض نسبة الاستيراد, مشيراً إلى أن تراجع نسبة الملابس المهربة والتى اجتاحت الأسواق لفترات طويلة من 80 إلى 40% بسبب أحكام الرقابة على المنافذ الجمركية. وعن مساعى الشعبة لحل الأزمة قال إنها تسعى بالاتفاق مع التجار على عمل تخفيضات كبيرة لإنعاش حركة السوق والخروج من حالة الركود, كما يتم دراسة عمل معارض مخفضة بالتعاون مع الهيئات الحكومية والوزارات والنقابات بأسعار مخفضة لدعم أسر محدودى الدخل, ونستعد حالياً لإقامة معرض خاص لملابس المدارس فى بداية الموسم الجديد. 10 % حجم تداول الملابس «البالة» فى الأسواق حسبما أكد «الشيخ», وعن المحافظات التى تعمل بها قال أشهرها بورسعيد حيث إنها توجه إلى شريحة معينة من المستهلكين, وخاصة خارج القاهرة فى بحرى وقبلى. ونوه عضو شعبة الملابس بغرفة تجارة القاهرة بأن الشعبة تسعى لزيادة نمو أعمال قطاع تجارة الملابس من خلال التعاون مع وزارتى الصناعة والتجارة. وطالب عضو شعبة الملابس الحكومة بدراسة بعض القرارات, منها تخفيف العبء على التجار فيما يختص بزيادة ضريبة القيمة المضافة من 13 إلى 14 % من أول العام ونتمنى عودتها لكما كان فى السابق, مشيراً إلى أن التجار يعانون من تراجع معدلات البيع, والنظر فى تأجيل تطبيق «الباركود» على الملابس نظراً لعدم وجود وعى كاف عند المستهلك المصرى, كما طالب الحكومة بتطبيق الببيع بالسعر الموحد, وقال إن الشعبة تسعى حالياً لدراسة إمكانية تقديم طلبات خاصة بالحصول على أماكن محددة بالعاصمة الإدارية الجديدة لإقامة أسواق جملة وتجزئة كبيرة .