اعلم أن البعض قد يقول هذه نظرة تشاؤمية على الحياة، لكن هى حقيقة واقعة يعيشها كثيرون، و كل واحد في هذه الحياة ينتظر الموت بطريقته , و قد يكون الانتظار طويلا و قد يكون قصيرا , و هذا يرجع لقابلية الشخص على أن يتكيف مع الحياة المتبقية له في الدنيا , فقد أصبحت الحياة صعبة على الجميع و الكثيرون يدعون على أنفسهم بالموت و قد قال الله تعالي {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً} (11) سورة الإسراء , فهذا دليل على أن الموت قد يكون شرا و هو في نظر صاحبه خيرا و هو بذلك في عجلة من أمره و هو لا يعلم أين الخير . ما لاحظته هو وجود أشخاص يدعون على أنفسهم بالموت و كأنهم ضامنين دخولهم الجنة , قال الله تعالى {قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (94) سورة البقرة و لكن الحقيقة هي إنهم يواجهون مشاكل في الدنيا فاعتقدوا أن في موتهم خلاص من هذه المشاكل , و هنا وقفة هل أنت مستعد للموت و مقابلة الواحد الأحد الفرد الصمد , أم انك تهرب من مشاكلك بطلب الموت ؟, انظر إلى هذه الكلمة و تمعن فيها جيدا ( و كان الإنسان عجولا ) صدق الله العظيم , الاستعجال في طلب الموت , و من ثم انتظاره و إذا طال الانتظار قد يؤدي إلى الأكتئاب و من ثم الاستعجال في طلب الموت قد يلحقه الانتحار , و هنا فطلب الموت فيه خطورة شديدة غير محسوبة العواقب . إذا هناك من يطلبون الموت بسبب مشاكلهم و لكن هناك من يطلبون الموت لأنفسهم بسبب عدم وجود جديد في حياتهم وإنها أصبحت خاوية من مضمونها , و قد يكون كبر السن أو العجز أحد أسباب طلب الموت , فهناك من تمنى لقاء أبويه المتوفيين و لقاء أصحابه و من سبقوه , و في اعتقادي أن هناك أيضا من يحيط نفسه بظلام دامس و يجعله شرنقة له في الدنيا يستعد لأن يولد من جديد في مكان آخر , هو أفضل له من هذا العالم الذي لا يناسب إمكانياته الحالية , فكبار السن و المرضى , أي شيء آخر أفضل ممن هم فيه الآن , فعندنا نقول مثل ( الكبر عبر ) و أيضا المرض ما هو إلا صبر و امتحان و ابتلاء من الله , هل هناك مريض قادر على أن يصبر و يتحمل مرضه , ممكن !!!! و هناك من اشتاق إلى رؤية الله سبحانه وتعالى و رؤية سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و أصحابه رضوان الله عليهم جميعا و آل بيته الكرام , فقليل هم من زهدوا الدنيا طلبا في لقاء الله دون معصيته , و لكن لحلاوة القرب منه و السعادة في رضوانه و جنته , و إذا أحب العبد لقاء ربه أحب الله لقاءه , كما ورد في الحديث الشريف , عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال الله : إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه ، وإذا كره لقائي كرهت لقاءه) . و هناك من قاموا بأداء فروض الله و قاموا بكل شيء طلبه الله منهم في الدنيا , و بقيت لهم فريضة واحدة إذا قاموا بتأديتها و في قدر استطاعتهم فأنهم يكونوا قد أتموا ما عليهم من فروض وواجبات في حياتهم على ما يحب الله ورسوله و هي فريضة ( الحج ) , و كل حاج يتمنى أن تكون حجته هي خاتم أعماله في الدنيا و ليس مطلب سوى لقاء الله و رسوله , و يا لها من نهاية في موكب النور , حيث تزفه ملائكة الأرض والسماء , و يكون لقاءه بالمولي عز و جل في بيته الحرام هو خير نهاية لعمل الإنسان, و إذا كنا كلنا نحب لقاء الله , إذا من الذي يكره لقاء الله ؟ الذي يكره لقاء الله هو من خفت موازينه , أي آتى الدنيا فعرف أن هناك اله و هناك حساب و هناك واجبات و متطلبات فأستخف بها و لم يؤديها حقها , فإذا آتاه الموت بغتة أو كان على قرب منه , تذكر ما قدمت يداه فقال في نفسه إني هالك هالك , فتمنى أن يعيش و لا يموت و إذا اكبر في السن و تمكنت منه الأمراض , تمنى أن يعيش بمرضه و أللامه و شيخوخته على أن يقابل الله بذنوبه , فهؤلاء كرهوا لقاء الله فكره الله لقاؤهم. الكارثة هي بالفعل عندما يطلب الشباب الموت , فهذا يدل على عجز الشباب على أن يكونوا معمرين للأرض بمن يعبدوا الله و يعرفونه و يعملوا على نشر كلمته بالحق , و اخطر شيء يكسر ظهر الأمم طلب شبابها الموت في الصغر , و كما نعرف فأن الحياة قد تساعد بعض الشباب على الاستمرار فيها و لكن الغالبية العظمى منهم , قد دعوا على أنفسهم بالموت في فترة من فترات حياتهم , و إذا غيروا من أنفسهم فسوف يغير الله حياتهم إلى الأفضل , و هنا سوف يطلبوا طول العمر , و هذه هي الحياة و لكن من يصبر ؟ و من قادر على تغير حياته إلى الأفضل مع التقرب إلى الله في كل خطوة , فإن الله يعطي الصابرين جزاء صبرهم فهل انتظرتم ؟ قد يكون الموت راحة من الدنيا و لكنه قد يكون بداية عذاب ابدي في الآخرة إعلم أن هناك من يلازمه الموت كل يوم , و لكنه قد يعيش أكثر منك خيرا لك أن تقابل الله صابرا محتسبا على أن تقابله يائسا منتحرا طلب الموت يسبقه حُسن العمل