تستعد قطر لاستضافة مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في دورته الثالثة عشرة خلال شهر أبريل المقبل، وهو الاجتماع الوزاري الذي ينعقد مرة كل أربع سنوات. وسيبحث المؤتمر في دورته المقبلة ضمن موضوعات اخرى عديدة التحديات التي تعيق التنمية المستدامة في أعقاب الازمة الاقتصادية العالمية، بالاضافة إلى أن المؤتمر ينعقد في مرحلة الهزات الارتدادية التي يشهدها الشرق الاوسط بعد ثورات الربيع العربي وفي مرحلة من الهشاشة الاقتصادية التي تهدد بعودة الركود الاقتصادي الى العديد من دول العالم. وبموازاة بحث المؤتمر في سبل تهيئة المناخات الاقتصادية للنمو المستدام والشامل للدول النامية، وبينها دول الربيع العربي، فإن رؤية قطر الوطنية 2030 تتطلع إلى تهيئة المناخات المؤاتية للتنمية بما يتناغم مع رؤية قيادتها الرشيدة وتطلعات شعبها. وتقوم رؤية قطر الوطنية 2030 على أربع ركائز لضمان التنمية الاقتصادية، حددتها بما يلي: - التنمية البشرية لتمكين سكان دولة قطر من المحافظة على مجتمع مزدهر. - التنمية الاجتماعية للحفاظ على مجتمع رعاية اجتماعية عادل مستند على معايير أخلاقية عالية وقادر على لعب دور هام في الشراكة العالمية من أجل التنمية - التنمية الاقتصادية لتحقيق اقتصاد تنافسي ومتنوع قادر على تلبية الاحتياجات وتأمين مستوى معيشي مرتفع لجميع سكان قطر في الحاضر والمستقبل. - التنمية البيئية لضمان المواءمة بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة وستنعكس هذه المحاور الأربعة في المناقشات التي ستحدد أولويات عمل الاونكتاد للسنوات الاربع المقبلة. وتدرك قطر أن عليها توسيع نطاق تعاونها مع الدول الاخرى في حال أرادت أن تضمن لنفسها مكانة مرموقة في زمن العولمة المتزايدة، حيث لم يعد تبادل السلع والخدمات والتبادل التجاري كافيا للدخول في نادي الكبار بل أصبحت المساهمة المعرفية واحدة من المعايير الرئيسية للعولمة. وانطلاقا من هذه الوقائع، حققت قطر شراكات عالمية في مجالات عدة، شملت الدبلوماسية والاقتصاد والسياسة والدفاع والرياضة والثقافة. وتعتبر استضافة مؤتمر الاونكتاد أحدث إضافة إلى سجل قطر الدولي في السعي نحو العالمية، فاستضافة 194 وفدا وزاريا لهذا المؤتمر يؤكد اسهام قطر في تطوير التجارة العالمية، الذي بدا جليا خلال دعمها المفاوضات التجارية رفيعة المستوى، خصوصاً جولة المائدة المستديرة في الدوحة لمنظمة التجارة العالمية، وسواها من الفعاليات التي ساهمت في تحرير التجارة العالمية وفي تحديد أفضل لاحتياجات الدول النامية. ويؤكد المؤتمر رغبة قطر الصادقة، والتي تمثلت بالعديد من المبادرات الرائدة، لدعم جهود الدول النامية نحو إيجاد توجهات جديدة ودينامية لتحقيق التنمية المستدامة، خصوصا دول المنطقة العربية في مرحلة التغييرات الكبرى التي تشهدها. فالمؤتمر سيشكل فرصة لتوضيح المبادىء الاساسية المطلوبة للنمو الاقتصادي الشامل. وتتشارك قطر والاونكتاد في العديد من الافكار والمبادىء، وبينها المساواة في حقوق الاجيال، عبر السعي إلى تحقيق تنمية مستدامة تلبي الاحتياجات الراهنة من دون الانتقاص من حقوق الاجيال المقبلة في الموارد الاقتصادية المتاحة. وإن قطر التي تدرك محدودية الموارد الهيدروكربونية وقابليتها للنفاد، فإنها تسعى، بكل الوسائل المتاحة،إلى تنويع قاعدة اقتصادها لضمان استدامة النمو الذي تشهده دون مساومة على مستوى العيش الرغيد الذي تستحقه الاجيال المقبلة أيضا. وسيتيح المؤتمر لقطر الفرصة لتقرن أقوالها بالافعال، وتؤكد إرادتها الصادقة في استخدام ثرواتها الراهنة للمساهمة الكاملة في وضع خطط النمو المستقبلي على الصعيدين الاقليمي والدولي. إن قطر، وعبر استضافتها لمؤتمر الاونكتاد في دورته الثالثة عشرة، تعتزم الارتقاء بالمؤتمر إلى مستويات أعلى عن طريق توليد إرث دائم لن يؤثر في مسيرتها التنموية وتطلعاتها وحدها فحسب، بل ينسحب على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فالشعوب العربية التي تتطلع إلى تطبيق إصلاحات جديدة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ستجد في استضافة قطر لمؤتمر الاونكتاد التزاما من الدولة المضيفة للقيام بدور رئيسي في تحويل هذه التطلعات إلى واقع ملموس، وإلى مسار طويل من التنمية المستدامة لا في تلك الدول فحسب بل في كل مكان آخر تحت الشمس.