كمواطن مصري لا أجد بداخلي اهتمام كبير بتلك المعركة التي بدأت ترتسم ملامحها بين جماعة الإخوان والمجلس العسكري، رغم أهميتها على المشهد السياسي.. فكلاهما خذل الثورة.. وكلاهما خيب آمال الشعب. بدأت ملامح تلك المعركة التي "ربما تكون مفتعلة أيضاً" تتجسد في شكل صراع على السلطة.. الأولى تريد الاستحواذ على كل شئ وكأن مصر أصبحت مال أيتام.. والثاني لايريد لنفسه دولة داخل الدولة فحسب بل يريدها إمبراطورية، وكله بالدستور. كمواطن لا أجد ما يدفعني لمساندة الجماعة أو التعاطف معها بعدما أدارت ظهرها لمطالب الثورة واتبعت سيل لعابها إلى الكراسي.. لا أجد تعاطفاً مع تلك الجماعة حتى وإن طالبت بإقالة أفشل وأضعف حكومة عرفتها مصر.. والغريب أن أعضائها اليوم يتحدثون باسم الثورة في مواجهة المجلس، بل ويقولون إن الشعب سيتحرك معهم.. وبالطبع سيفاجأ هؤلاء بأن الشعب نفسه سيرد عليهم بسيل فتاوى تحريم المظاهرات والخروج على الحاكم.. بل ومشروع قانونهم لتجريم المظاهرات.. هذا إن لم يخرج ليقول "الجيش والشعب إيد واحدة" نكاية فيهم.. فمشكلة الجماعة الحقيقية أنها لا تريد أن تعترف بأن شعبيتها لم تكن إلا نكاية في النظام الفاسد.. وأن أغلبيتها البرلمانية ليست إلا تعبيرا عن فشل الثوار في إقامة كيان موحد يتحدث باسم الشعب.. لا أجد تعاطفاً مع تلك الجماعة وإن كانت ترفض الحكم العسكري مثلنا تماما. أما المجلس العسكري فلا أجد تعاطفاً معه أيضاً بعد عام من الدماء والفشل السياسي.. بعد برطعة جرذان الفساد و البلطجية في ربوع مصر واستحلالهم دماء أبنائها دون أن تمتد لهم يد.. لا أجد تعاطفا مع كل ما يفتعل في بلادي من أزمات لإرهاق وتكفير شعبها بالثورة.. لا أجد تعاطفاً مع من أحنَّ على اللصوص والقتلة واشتدت يداه على أصحاب الرأي.. لا أجد تعاطفا مع حرمان الشعب من الوقود وإلقائه في الصحراء.. لا أجد تعاطفا مع سياسات حافة الهوية والعبث بأمن مصر.. لا أجد تعاطفا مع مخططات تهريب الفاسدين والقتلة من العقاب وعلى رأسهم الفاسد الأكبر.. لا أجد تعاطفاً مع تضييع أموال مصر والاستدانة من الخارج.. لا أجد تعاطفاً مع محاولات إعادة سدنة الفساد للحكم في مصر.. لا أجد تعاطفاً مع المجلس العسكري وإن كان قلقاً مثلنا من سيطرة المتأسلمين وتجار الدين على مصر. وحقيقة لا يذكرني هذا الوضع الذي وضعنا فيه المجلس العسكري والإخوان، إلا بأيام سوداء كان المصريون يفاضلون فيها بين الاحتلال البريطاني و الاحتلال الألماني.. لكن المصريون اليوم يرفضون الاحتلالين و الاحتلال بكل أشكاله وألوانه..! وهذا الوضع السئ يدفعنا دفعاً لضرورة توحيد كافة القوى السياسية والاجتماعية في مصر تحت لواء واحد يعبر عن الثورة.. بالطبع لا أقصد كيانا هشاً كالمسميات التي سمعنا بها من قبل.. كيان لا ينضم له إلا الشرفاء والمخلصون للعمل لصالح مصر.. كيان يستطيع تشكيل حكومة لإعادة بناء مصر وليس الإتيان على ما تبقى منها.. كيان يستطيع أن يرحم المصريين من مطرقة العسكر وسندان الإخوان.!