كُتبت فيها ساعة الصفر.. حكاية «كراسة حنان» التي احتوت على خطة حرب أكتوبر    من يشملهم حافز ال1000 جنيه للمعلمين؟ التعليم توضح الفئات المستفيدة والمستبعدة (موعد الصرف)    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السودان ببداية تعاملات الخميس 9 أكتوبر 2025    الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 بعد قرار التأمينات الاجتماعية (تفاصيل)    استجابة عاجلة من الجيزة لشكاوى الأهالى.. إزالة القمامة وخيم النباشين باللبينى    مصادر بالبترول تنفى زيادة أسعار البنزين والسولار صباح الخميس.. إنفوجراف    محافظ الإسماعيلية يفتتح أعمال إنشاء طريق الحمادات- السحارة- أبوآدم    رئيس الوزراء الإسرائيلي: سأجمع الحكومة للمصادقة على وقف إطلاق النار    إعلام إسرائيلي: وقف إطلاق النار بغزة على وشك التحقق اليوم    استشهاد فلسطيني برصاص مستوطن شرق رام الله واعتداءات على المزارعين بالضفة    شاهد.. شيخ الأزهر في عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء    مسؤول إسرائيلي ل«أكسيوس»: اقتربنا من اتفاق مع حماس.. والإعلان وشيك جدا    محادثات دبلوماسية بين أرمينيا وطاجيكستان بشأن تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    « احتفالًا بالتأهل للمونديال».. سعد سمير يطالب بفتح استاد القاهرة مجانًا في مباراة مصر أمام غينيا بيساو    نجوم الفن يحتفلون بتأهل مصر إلى كأس العالم.. يسرا ل اليوم السابع: بعد تأهل المنتخب وفوز العنانى الفرحة فرحتين.. نادية الجندي: يا رب كتر أفراحنا.. حمادة هلال: والله وعملوها الرجالة لسة عايشة ومتفائل للمنتخب    وزير الرياضة بعد تأهل مصر لكأس العالم: «سيكون هناك تكريم ل محمد صلاح ولاعبي الفراعنة»    أسماء الوفيات والمصابين في تصادم سيارة ملاكي وميكروباص بصحراوى الأقصر    الآن على موقع وزارة التعليم.. رابط التقييمات الأسبوعية 2025-2026 (PDF)    رسمياً.. مواصفات الورقة الامتحانية ل مادة العلوم المتكاملة شهر أكتوبر 2025 للثانوية العامة    تفاصيل مصرع 4 وإصابة 16 في تصادم سيارة بميكروباص على صحراوى غرب الأقصر.. فيديو    مقتل شاب على يد شقيقه الأصغر بسبب خلاف على الميراث بالشرقية    «قلت له التليفون نور».. شاهيناز تكشف لأول مرة تفاصيل تجربتها مع محمد رمضان    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    مصطفى قمر: مبروك لمصر رفعتوا راسنا يا رجالة مستنيين بقى تشرفونا فى كأس العالم    زواج وعلاقات.. كيف يتعامل برج الحمل مع نظيره؟    ختام مبهر لأسبوع الموضة فى باريس بمشاركة واسعة من عشاق الأناقة حول العالم    منها منتجات الألبان.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى جرثومة المعدة (تفاقم الألم)    أسهل طريقة لعمل البليلة في ساعة.. شرط النقع    السيسي يُعبّر عن خوفه من الثورة والتغيير .. وناشطون: فات الأوان يا عميل    رشوة_جنسية مقابل اراضي المصريين .. هل تحولت مصر لعزبة لجنرالات الجيش المتقاعس عن حماية أمنها القومي؟!    السجن المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل عمه في جلسة صلح عرفية بالإسكندرية    وزير الرياضة بعد التأهل لكأس العالم: محمد صلاح منتج مصري نفخر به    انخفاض البتلو والضاني، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    السفير ماجد عبد الفتاح: ضغط دولي على واشنطن لدعم القضية الفلسطينية    نقيب المحامين: الرئيس أعاد المادة 105 لزيادة ضمانات حقوق المواطن    تصفيات كأس العالم، زامبيا تفوز على تنزانيا بهدف نظيف    مدير حملة العناني ل بوابة أخبار اليوم: دعم الرئيس ساهم في الإنجاز التاريخي لمصر    استشاري نفسي: نسبة الطلاق بين الأزواج في مراحل متقدمة من العمر    إعلان أسماء الفائزين بمسابقة بيت المعمار لشباب المعماريين لإعادة تأهيل مراكز الإبداع    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    لمدة 7 أيام، غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي باتجاه باب الخلق وتحويلات مرورية جديدة    مجلس التعاون الخليجي يدين اقتحام مسؤولين ومستوطنين إسرائيليين المسجد الأقصى    مروان عطية: فخورون بالتأهل لكأس العالم ونسعى لتحقيق الإنجاز في إفريقيا    مصرع شخص اثر انقلاب سيارة ملاكي على طريق الكفر الجديد - الجمالية في الدقهلية    رمز القلم.. مرشحو مستقبل وطن على المقاعد الفردية بكفر الشيخ يتقدمون أوراقهم لانتخابات النواب 2025    بعد إصابة منى فاروق.. تعرف على أسباب واعراض شلل المعدة    «تعليم المنيا» يكرم معلمي التربية الموسيقية الفائزين بمراكز متقدمة على مستوى الجمهورية    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    الجمعية المصرية للحساسية تحذر من خطورة الفيروسات التنفسية    ندوة تثقيفية لجامعة أسيوط الأهلية حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ودور الجامعات في تعزيزها"    رئيس جامعة المنوفية يعلن بدء أعمال المجسات لإنشاء توسعات معهد الأورام    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقة المفقودة بين بلدان التغيير
نشر في الوفد يوم 25 - 03 - 2012

في اشارة لا تخطئها العين للدلالة على عمق الأزمة التي تمر بها النظم الانتقالية في بلاد ما يسمى بالربيع العربي خصص وزراء خارجية كل من تونس وليبيا ومصر أول اجتماع مشترك لهم بعد اندلاع الاحتجاجات قبل أكثر من عام مضى للملف الأمني بهدف الاتفاق على اجراءات احترازية وأخرى لتسوية مشكلات عالقة أصبحت تهدد الأمن اليومي لحياة المواطنين في البلدان الثلاثة.
حدث ذلك منتصف مارس في العاصمة التونسية بدعوة من وزير خارجيتها لم يلبها وزير خارجية الجزائر الذي برر غيابه بأسباب خاصة وانتهى إلى الاتفاق على تعزيز التعاون الأمني في مجال مكافحة الارهاب على الحدود ووقف تهريب الأسلحة.
الاجتماع جاء مفاجئاً حيث لم تسبقه تطورات تتعلق بأن الأمن كان ضاغطاً بشدة على الجميع ويتطلب بحثا واتفاقا سريعا لوقف التدهور الذي حدث بعد هذه الاحتجاجات ليس فقط على الصعيد الداخلي في كل من الدول الثلاث وانما على صعيد العلاقات المتبادلة بينهم. ومع أن كل الشواهد على مدى عام تقريباً كانت تنذر بأن هذا الملف متفجر بالأحداث الساخنة وعوامل التهديد المتبادل وسط حالة من اللامبالاة من الأطراف الثلاثة، الا أن المسؤولين لم يحركوا ساكناً إلى أن اكتشفت تونس على سبيل المثال أخيراً تنظيماً وصفته بالارهابي تدرب في ليبيا أثناء ثورتها يسعى إلى اقامة امارة اسلامية في تونس، فقامت بتفكيكه والقبض على عناصره واضطرت إلى مطالبة السلطات في طرابلس بوقف مثل هذه الأعمال مهددة بأن استمرارها يضرب استقرار تونس وجيرانها. وفي القاهرة رصدت السلطات تصاعدا غير مسبوق في انتشار الأسلحة المهربة إلى الأراضي المصرية عبر الحدود الليبية وصل إلى حد تكوين جماعات اجرامية مسلحة قادرة على ضرب المنشآت العامة والاعتداء على الممتلكات الخاصة، فضلاً عن أن الحدود بين الجانبين أصبحت مصدراً لتهريب كل ما هو غير مشروع من السلع والمنتجات من الطرفين كل في اتجاه الآخر، وقالت السلطات في القاهرة ان الحمى القلاعية التي ضربت الثروة الحيوانية في مصر خلال الأسابيع الأخيرة نتجت عن تهريب شحنات من الأغنام الليبية المصابة بهذا المرض الخطير، ومن جهة أخرى فإن شحنات ضخمة من مواد الوقود جرى تهريبها إلى داخل ليبيا مما ساهم في اشتعال أزمة الوقود في البلاد. وليبيا ذاتها لم تكن أقل شكوى من غيرها فيما يتعلق بالمشاكل التي تواجهها نتيجة وجود قضايا أمنية عالقة بينها وبين كل من مصر وتونس، فقد طالبت السلطات الليبية القاهرة بضرورة تسليم شخصيات ليبية محسوبة على النظام القديم تقيم على أراضيها عددهم ليس بالقليل ولكنها رفضت تحت دعوى أن الاتفاقات الأربع الموقعة بين النظامين القديمين تمنع ذلك، وتقدمت السلطات الليبية أيضاً إلى تونس بمطالب مشابهة تتعلق على سبيل المثال بضرورة تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق الهارب ولكنها رفضت أيضاً بدعوى عدم يقينها من وجود قضاء عادل في ليبيا، فضلاً عن الشكوى التونسية المتكررة من انتهاك جماعات ليبية مسلحة للحدود مع تونس ودخول أراضيها من وقت إلى آخر وقيامها بالاشتباك مع القوات التونسية.
الشواهد على خطورة المشكلات الأمنية بين الدول الثلاث كانت تضغط كل يوم في اتجاه ضرورة جلوس الأطراف الثلاثة للاتفاق على بعض الحلول، ولكن ما عطل الاجتماع في وقت مبكر أمران أحدهما يتعلق بضعف المعلومات لدى كل طرف في ملف معقد كهذا هو الملف الأمني تحديداً بعد اندلاع الاحتجاجات حيث انهارت الأجهزة المختصة بهذا الملف فلم تعد هناك صورة أقرب إلى الحقيقة لدى كل طرف حتى يمكن تحديد نقاط الاتفاق والاختلاف وآليات الحل، وثانيها مرتبط بمواقف دول جوار أخرى ليست بعيدة عن هذا الملف خصوصاً أن دولا مثل الجزائر وموريتانيا لم تكن على وفاق مع الأنظمة الانتقالية في كل من تونس وليبيا ومصر مع أن رأيها وتعاونها مهمان للغاية ليس فقط لأن لهما حدوداً مشتركة مع هذا أو ذاك وانما أيضاً لأنهما أطراف مباشرة في مشكلات أمنية عالقة كأن تحتضن الجزائر ابنة القذافي وترفض تسليمها لطرابلس وكأن تمتد حركة الجماعات المسلحة إلى موريتانيا والجزائر أيضاً وهذه الجماعات على صلة بما يجري في ليبيا وتونس من تهديدات أمنية. واللافت مثلاً أن موريتانيا أوقفت في مطارها أخيراً رئيس المخابرات الليبية في عهد القذافي وكان بالاتفاق، لو أن العلاقات طيبة مع الحكومة الانتقالية في ليبيا، أن تسلم على الفور هذه الشخصية الخطيرة المطلوبة للعدالة في طرابلس، ولكن الجمود الراهن في العلاقات حال دون ذلك. ويلاحظ أن دولاً مثل الجزائر والمغرب وموريتانيا لم تحضر اجتماع تونس مما أثار علامات استفهام قوية على هشاشة العلاقات بين كل هذه الدول برغم الاحتياج الشديد لدى كل منهم للآخر. ومع اشتداد الضغوط الأمنية على الدول الثلاث نتيجة للفراغ القائم في علاقاتهم على صعيد التعاون السياسي، قرروا أن يسدوا هذا الفراغ ولو بشكل محدود ومؤقت بعقد مثل هذا الاجتماع حتى لو لم تكن لديهم معلومات كاملة عن حقيقة التهديدات الأمنية ولا أجهزة تتابع هذا الوضع، وحتى لو لم تحضر بقية دول الجوار وبغض النظر عن استيائها من التجاهل. والنتيجة الواضحة الوحيدة التي خرجت من هذا الاجتماع هو اتفاق المجتمعين على ألا يتسبب أحد في الاضرار بأمن الآخر وذلك بايجاد آليات تبادل المعلومات ودرء صور التهديد الأمني قبل وقوعها، وكلاهما حل مؤقت للمشكلات المباشرة المرتبطة بأمن الحدود بينهم تحديداً، دون أن يخلص الاجتماع إلى ما هو أكبر من ذلك.
محدودية النتائج والاجتماع المتأخر بفعل ازدياد الضغوط وسط غياب شبه كامل للتعاون السياسي بين البلدان الثلاثة، تحمل خمس رسائل للرأي العام في هذه البلدان وفي المنطقة العربية ككل. الرسالة الأولى تشير بكل تأكيد إلى أن الشكوك بين الأنظمة الثلاثة هي من القوة بحيث أنها تغلب على الثقة المتبادلة، فقد انكفأت البلدان الثلاثة على نفسها مثل كل حال بلدان ما سمي بالربيع العربي وتعاملت مع بعضها البعض على أن كلا منها مصدر للعدوى والأمراض الأمنية الفتاكة يهدد أمن الآخر، وكانت فترات المد الثوري في كل منها قد شهدت مؤشرات قوية عززت هذه الشكوك حيث انهارت الأنظمة القديمة فأصبحت كل منها مجالا خصباً للقوى التي تريد ملء الفراغ بالقوة المسلحة خصوصاً مع تدفق السلاح من الخارج لدعم حركات الاحتجاج هنا وهناك. وبينما نظرت كل من مصر وتونس إلى ليبيا على أنها مركز للتهديدات المسلحة لكل منهما بحكم وجود جماعات مسلحة وانفلات في تجارة السلاح ولم تستقر الأوضاع الأمنية فيها بعد، وأنها مصدر لتصدير توجهات اسلامية متشددة جديدة إلى كل منهما تهدف إلى اقامة امارة اسلامية هنا وهناك، فإن ليبيا الجديدة بدورها لم تسترح لا للأنظمة القديمة ولا الجديدة نتيجة عدم تعاون كل منهما معها في صراعها مع نظام القذافي وسيطر عليها الشعور بالهواجس من كلا البلدين.
والرسالة الثانية تؤكد عجز الأنظمة الانتقالية في البلدان الثلاثة على درء المخاطر الأمنية التي ترتبت على حالة الفراغ السياسي والأمني اللاحقة لاندلاع الاحتجاجات، فلم تتشكل لديها بعد أجهزة أمنية يمكن الاعتماد عليها ولم تعد للاتفاقات القانونية القائمة بينها جدوى مع سقوط الأنظمة القديمة خصوصاً مع عدم احلال هذه الاتفاقات بأخرى حديثة. والرسالة الثالثة تشير إلى افتقاد الدول الثلاث إلى الرؤية السياسية لاقامة علاقات بناءة تؤكد الثقة في قدراتهم على استعادة الدولة هنا وهناك . فقد اجتمعت البلدان الثلاثة بهدف التنسيق الأمني بينها لمكافحة الارهاب وتهريب الأسلحة على الحدود، وفي ذلك قدر من التخبط في تشخيص حقيقة المشكلات القائمة عبر الحدود وفي آلية التعامل معها، فضلا عن مكافحة الارهاب وتهريب الأسلحة لا يمكن النظر لهما على أنهما قضيتان أمنيتان فقط بل على أنهما سياستان بنفس القدر من الأهمية، وذلك لأن نشاط الجماعات المسلحة الذي تدور حوله الشبهات هو لجماعات ترفع لواء الثورة أو الاحتجاج حيث يصعب وصف نشاطها في هذه الحالة بأنه ارهاب. فعندما كانت هذه الجماعات تعمل بقوة خلال فترة احتدام الثورات لم يصفها أحد بأنها ارهابية، وما تقوم به الآن بعد نجاح الثورات بهدف سياسي يتعلق بجني ثمار المشاركة في الثورة بالوصول إلى السلطة، ومن ثم لا تقبل هي ولا من يتعاطفون معها أن توصف بالارهاب. وأما تهديد السلاح فانه يدخل في اطار التجارة غير المشروعة في كل شيء القائمة الآن في بلدان ما يسمى بالربيع العربي، ولذلك فإن النظر اليها يتعين أن يتم على أنهما من المظاهر الصارخة سياسياً على غياب الدولة أو التأخر الشديد في اقامة أنظمة سياسية بديلة للنظم القديمة. وكان الأحرى بوزراء الخارجية الذين اجتمعوا في تونس أن يركزوا على اقامة تعاون سياسي وثيق بين الأنظمة الجديدة من شأنه القضاء على هذه التهديدات الأمنية التي هي نتيجة للأزمات السياسية التي صاحبت انهيار النظم القديمة وليست سبباً في تأجج الخلافات السياسية فيما بينها، ولكنهم ارتدوا ملابس وزراء الداخلية وانشغلوا بالعمل على ايجاد حلول أمنية هم في الحقيقة غير مختصين فيها ولا يقدرون على تفعيلها بكل تأكيد. وتصريحات وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو تدل على ذلك عندما قال ان أمن الحدود يتطلب جهداً اضافيا من دولنا ومن باقي دول الجوار أيضاً، في اشارة إلى أن الأزمة سياسية في المقام الأول وتحتاج إلى حلول خارج الحدود الوطنية أي حلول اقليمية من المؤكد أنه يصعب ايجادها في الأوقات الراهنة. فلا جدوى من أي ترتيبات ثنائية أو ثلاثية دون مشاركة من الدول المجاورة الأخرى.
وهذا ينقلنا إلى الرسالة الرابعة وتتصل بالافتقاد إلى التعاون الأمني والسياسي بين دول شمال افريقيا (العربية) وبينها وبين محيطها الافريقي المباشر والأزمة القائمة مثلا بين النيجر وليبيا شاهد على ذلك بالاضافة إلى التوتر القائم في العلاقات بين الجزائر وكل من مصر والمغرب، وبين تشاد والسودان، ومن الصعب اقامة تنسيق أمني وسياسي بين أعضاء هذا المحيط الافريقي. وأما الرسالة الخامسة فانها تقول بكل وضوح ان التهديد الحقيقي الذي أصاب بلدان ما يسمى بالربيع العربي وجعل مستقبل التغيير فيها في مهب الريح يرجع إلى أن اسقاط النظام الأمني ارتبط في ذهن من قاموا بالثورات بهدم الدولة ذاتها، ففي كل البلدان الأخرى التي شهدت تغييرات من هذا النوع في شرق أوروبا تم التعامل مع تغيير النظام الأمني بحذر شديد بحيث لم يؤد تغييره إلى اسقاط الدولة، بينما ما حدث في بلدان الربيع العربي هو العكس حيث أسقطت الدولة أو أضعفت في أحسن الأحوال مما أضاع وجود القانون وفتح المجال لفوضى عارمة انعكست في انفلات أمني غير مسبوق وفي انهيار لمؤسسات الدولة الحيوية الأخرى خصوصاً الاقتصادية منها. وعندما أرادت هذه الدول أن تفيق من الانهيار الاقتصادي بالعمل على احياء التعاون الاقتصادي فيما بينها اكتشفت أنه لا جدوى من هذا العمل قبل استعادة الأمن مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.