حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر تشكِّل مِحورا مغاربيا صحراويا وتستبعِد منه المغرب وتونس
نشر في المصريون يوم 12 - 04 - 2010

تتكثّف الاجتماعات الأمنية والعسكرية بين ثلاث دُول مغاربية وأربع من جيرانها الصحراويين لتشكيل قوة تدخّل مشتركة، في تطوّر يُؤشِّر إلى تشكيل مِحور إقليمي لمكافحة "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".
وبرزت الجزائر من خلال زعامتها لهذا المِحور وتعزيز تعاوُنها العسكري في الوقت نفسه، مع كلٍّ من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، بوصفها الشرطي الإقليمي لمنطقة الساحل والصحراء، متجاوِزة ليبيا التي كانت وراء إنشاء "تجمّع دول الساحل والصحراء" في 1998.
ولوحظ أن مراحِل تشكيل هذا الحِلف تتقدّم بخُطىً حثيثة. فبعد اجتماع وزراء خارجية كلٍّ من الجزائر وليبيا وموريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو في الجزائر أواسط شهر مارس الماضي، جاء الدّور على وزراء الداخلية مطلع شهر أبريل 2010، فيما يجتمِع قادة الأركان في البُلدان السّبعة في الأيام المقبلة في الجزائر أيضا.
وأتى تبلوُر هذا التّحالف الجديد ردّا على تصعيد عملِيات خطْف الرهائن الغربيين وترحيلهم إلى مِنطقة الساحل والصحراء، التي تبدو ملاذا آمنا للجماعات المسلحة، ما حمل البلدان المعنِية على تكتيل جهودها من أجل محاولة القضاء عليها عسكريا. وتزامن ذلك مع تراجُعٍ واضحٍ في عمليات الفرع الجزائري ل "القاعدة" في المحافظات الجزائرية، بسبب تضييق الخِناق على عناصره في الفترة الأخيرة.
الصحفي الجزائري أحمد ناصر المختصّ في شؤون الجماعات المسلّحة ترابط "عضوي" بين صنفين من الجماعات
ولم تقتصر عمليات الخطْف على المواطنين الغربيين، وإنما شمِلت حتى السعوديين الذين اعتادوا على التوغّل في المناطق الصحراوية، الجزائرية والتونسية، في فصل الخريف لصيْد الحبارى وأصناف من الغِزلان، وتصِل قوافلهم إلى شمال مالي والنيجر. وتعرّضت هذا العام قافلة مؤلفة من ثلاث سيارات رُباعية الدّفع، كان يستقلها صيادون سعوديون ومرافقوهم إلى هجوم في غرب النيجر، رجحت مصادر عليمة بأن هدفه كان خطفهم وبيْعهم ل "القاعدة"، لكنه انتهى بمجْزَرة لأن السعوديين كانوا مسلّحين.
واستبعد الصحفي الجزائري أحمد ناصر المختصّ في شؤون الجماعات المسلّحة، احتمال أن تكون عناصر "إمارة الصحراء" في تنظيم "قاعدة المغرب الإسلامي"، هي التي اغتالت السعوديين الأربعة وجرحت اثنين آخرين بسبب صعوبة تنقّل الجماعات الإرهابية في المنطقة الآهلة بالسكان، التي تقع غرب بلدة دجامبالا في المثلّث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
وأكّد ناصر ل swissinfo.ch أن كلّ المؤشِّرات الأولية، تدُلّ على أن المجموعة المسلّحة التي قتلت السعوديين، هي نفسها المسؤولة عن خطْف الدبلوماسي الكندي روبرت فاولر مع مساعده قبل عام. ورجّح أن هدف الاعتداء هو "خطْف السعوديين بنِية بيْعهم لجماعة الإرهابي حميد السوفي، المُتمركزة في وادي زوراك على الحدود بين النيجر ومالي، كما حدَث مع الدبلوماسي الكندي.
ويُعتَقد أن المُعتدين كانوا يبحثون عن أحد المُنتسبين للأسرة الحاكمة السعودية لخطفه ثم طلب الفِدية. وذكر ناصر أن الهجوم الذي استهدف السعوديين، تمّ التخطيط له وِفقا لمعلومات حصَل عليها المُعتدون، ما يعني أن الساحل بات مكشوفا من الناحية الأمنية ويدُلّ على مدى تغَلغُل العِصابات الإجرامية المُتعاونة مع المسؤول العسكري ل "قاعدة المغرب" في الساحل حميد السوفي.
وتشكِّل هذه العملية مؤشِّرا على تطوّرٍ جديد، يتمثَّل في التعاون بين العِصابات الإجرامية والجماعات المسلحة، إذ تخضَع المِنطقة التي تمّ فيها قتل الرّعايا السعوديين وخطْف الدبلوماسي الكندي، لسيْطرة عِصابة مسلّحة من عرب النيجر، كان يقودها المدعو ''بكيرير''، الذي قُتِل قبل عدّة أشهر في ذات المنطقة، ويُعتقد بأن خليفته على رأس العِصابة هو المسؤول عن الاعتداء الأخير.
وأدّى هذا الترابط العُضوي بين نوعيْن من الجماعات، إلى تركيز الحكومات المعنِية على وضع هذا الموضوع في مقدّمة خُطط مكافحة الإرهاب، وهو ما عكسه جَدْول أعمال الدّورات الأخيرة لمجلس وزراء الداخلية العرب، الذي أبرز التّرابط بين الجريمة المُنظَّمة والمخدّرات والإرهاب. كما لوحِظ أن مراد مدلسي، وزير الخارجية الجزائري شدّد في الكلِمة التي افتَتح بها اجتماع وزراء خارجية البلدان المغاربية والصحراوية السّبع في الجزائر، على ضرورة مكافحة الخطَر الإرهابي وارتباطاته مع الجريمة العابِرة للحدود.
التّنسيق الأمني والاجتماعات السياسية المُشتركة لا يمثلان الوجه الوحيد للتعاون الإقليمي الجديد لمكافحة العصابات الإجرامية والجماعات المسلحة. فتحديث الجُيوش وتطوير تجهيزاتها يشكِّلان مِحورا مُهمّا في الحرب الجماعية التي فتحتها بُلدان المنطقة على تلك الجماعات.
ففي موريتانيا، أعلن محمد ولد أبيليل، وزير الداخلية أن بلاده تعمَل حاليا على تحديث القوات المسلحة وقوات الأمن الوطني "من أجل حماية مُمتلكات المواطنين والدِّفاع عن الوطن والتصدّي لكل أشكال الإرهاب". ولم يُفصِح ولد أبيليل عن أنواع التجهيزات التي ستقتنيها موريتانيا، إلا أن خُبراء أشاروا إلى حاجتها الماسّة إلى مِروحيات وأجهِزة رصْد ومراقبة.
وأتى هذا التطوّر في أعقاب تزايُد عمليات اختطاف مواطنين إسبانيين وإيطاليين على الحدود بين موريتانيا ومالي، وكذلك على الطريق الرّابطة بين نواكشوط ونواذيبو في الشمال. والظّاهر أن "القاعدة في المغرب الإسلامي" تستفيد من قلّة خِبرة القوات المسلّحة وقوات الشرطة الموريتانية في مكافحة الإرهاب، لتُكثِّف من عملياتها في البلد وتنسحب من الجزائر مؤقّتا.
وعلى رغم ظهور محمد ولد عبد العزيز، الرئيس الموريتاني لدى انقلابه على سلفه محمد ولد عبد الله في مظهَر العسكري المُصمّم على القضاء على "القاعدة"، تبدو موريتانيا حَلَقة ضعيفة في الجَبهة المعادية ل "القاعدة".
وقال محمد بن حمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية ل swissinfo.ch، إن شساعة مساحة البلد (1 مليون كيلومتر مربّع) وقلّة السكان (3 ملايين)، تجعلان مراقبة حدوده أمرا شِبه مستحيل، واستطرادا، فإن رصْد التحرّكات المشبوهة، يبقى تقريبيا، كما أن الحدود المشتركة مع الجزائر ومالي، حيث القواعد الخلفية ل "القاعدة"، سهلة الاختراق.
وفي هذا السياق، عزّز الموريتانيون تعاوُنهم العسكري مع باريس، إذ زار جان لوي جورجولان، رئيس أركان الجيوش الفرنسية نواكشوط في شهر أكتوبر 2009، موفدا من رئيسه ساركوزي. وما لبثت أن وصلت تجهيزات فرنسية حديثة من باريس في مطلع السنة الجارية، بالإضافة للتعهّد بتدريب عناصِر من الدّرك والجيش وتكثيف تبادُل المعلومات الأمنية مع الأجهزة الموريتانية.
وتسلّمت الجزائر أيضا في الفترة الأخيرة تجهيزات وأسلحة متطوّرة، لتكثيف حربها على الجماعات المرتبطة ب "القاعدة"، بما فيها قاذِفات ودبّابات وأنظِمة روسية مُضادّة للطائرات. وأعلنت وكالة الأنباء الروسية "إنترفاكس" أواخر شهر مارس الماضي، أن موسكو ستشْرَع في تسليم الجزائر 38 نظاماً مُضادّاً للطائرات من نوْع «بانتسير أس 1» خلال الفترة ما بين 2010 و2011، في إطار تكمِلة العِقد الذي تمّ التوصّل إليه بين الدولتين خلال زيارة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين للجزائر في عام 2006.
من الواضح أن الجزائر هي عراب هذا الحِلف المغاربي - الصحراوي الجديد، ويبدو أن الدول المشاركة سلمت لها بدورها القيادي في بناء هذا المِحور، الذي أقصى المغرب وتونس. وبالإضافة إلى المُنافسة التقليدية بين المغرب والجزائر على الزّعامة، لابد من إشارة إلى عُنصر إستراتيجي آخر يتعلّق بتزايُد أهمية الثّروات النفطية والغازية والمنجمية، التي يتمّ اكتشافها تِباعا في المنطقة المُمتدة من تشاد شرقا إلى شمال موريتانيا غربا.
غير أن عبد القادر مساهل، وزير الدولة الجزائري للشؤون المغاربية والإفريقية عزا في تصريح لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، استبعاد المغرب إلى أنه ليس بلدا مطِلا على الصحراء الكُبرى. ولم تسأله المجلة عن سبب استبعاد تونس من اجتماع وزراء الخارجية، لكن الأرجح أن الجواب سيكون هو نفسه، بالإضافة للبرود الذي يطبع العلاقات الثنائية في الفترة الأخيرة، لأسباب تجارية أساسا.
ولئن لم يُعلِّق التونسيون على استبعادِهم، فإن الرباط احتجّت بشكل غيْر مباشر على تجاهلها. وشدّد الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي في كلِمة ألقاها في الرباط في ندوة حوْل الأمن الأوروبي المتوسطي، بعد أيام قليلة من اجتماع الجزائر، على «ترابُط الأمن في شمال إفريقيا»، ووصف الأوضاع في المِنطقة المغاربية بأنها تشكِّل «أخطاراً مُتقاطعة»، مؤكِّدا أنه «لا يمكن التّضحية بالقضايا الأمنية تحت طائلة أفكارٍ سياسة مُسبقة أو حِسابات تكتيكية»، في إشارة إلى التّوازُن الهشّ في العلاقات بين الدول المغاربية وامتداداتها نحْو الساحل والصحراء.
وانتقد الفاسي ما وصفه ب «الفوْضى العارمة» التي تسُود المنطقة، موضِّحاً أن استقرار الفضاء الأوروبي «رهْن باستقرار مناطق أخرى مجاوِرة، مثل الساحل والصحراء والواجِهة الأطلسية ومنطقة الشرق الأوسط».
وطِبقا لمعلومات مصادِر مطَّلِعة، باركت باريس وواشنطن تبلوُر الحِلف الجديد، انطِلاقا من قلقهِما المُتزايد من تكاثُر عمليات اختطاف الرّهائن في المنطقة، لكنهما تتساءلان عن تُخومه والمكانة التي سيمنحها للتّعاون العسكري مع الدول الغربية، فيما تُراقب مدريد وروما تطوّره لفَهْم ما يجري.
وكان مدلسي، وزير الخارجية الجزائري ناقش توسيع مجالات التعاون الأمني مع نظيرته الأمريكية خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، وصرّح بعد الاجتماع أن "الولايات المتحدة مُرتاحة جدّا بالنسبة للجزائر، نظرا للمجهودات المسجّلة في أرض الميْدان على المستوييْن، الاقتصادي والاجتماعي، وأيضا الإجراءات التي اتّخذت حتى نؤمّن محيطنا ومحاربة الآفات والإرهاب بكل أصنافه. فالجزائر في اعتبارِهم رائِدة في المجاليْن معا، وهو ما يجعلنا شركاء مثاليين، ليس فقط للعمل معهم في المشاريع الثنائية، بل أيضا في المشاريع الإقليمية". وفِعلا، يبدو أن واشنطن والعواصِم الغربية عموما تُولي أهمية مُتساوية لمكافحة الإرهاب ومحاربة عصابات الاتجار في المخدرات.
وفي هذا السياق، حذّر سليمان بوباي مايغا، المحلِّل المالي من أبعاد تحالُف الفرع الصحراوي ل "القاعدة في بلاد المغرب" مع تجّار المخدرات في بلدان الساحل، التي لا تملك حكوماتها وسائل السيْطرة على الأوضاع. وقال مايغا، الذي كان وزيرا للدِّفاع في بلده في تصريحات لوكالة "رويترز" أخيرا إن "(القاعدة) تستمِد قوتها من إدراكها لفقْر الحكومات في دول الساحل والصحراء، الذي يجعلها لا تفكِّر بمنطقٍ إستراتيجي، وإنما بدافع الحاجة الماسّة لسدّ الرّمَق".
وبحسب مايغا، فإن الجماعات المسلَّحة باتت تتعاطى بشكلٍ مكثّف تِجارة السلاح والسجائر، وخاصة الكوكايين، الذي يدر عليها أموالا طائلة. وأضاف "إذا كانت فِدية الرهينة الواحدة ثلاثة ملايين يورو، تخيّلوا كَم سيكسب الخاطِفون من أُسَرِ سِتّ رهائن؟". ومن شأن عمليات المُقايضة هذه التي تقوم بها "القاعدة"، أن تُخفِّف من الضّغط المالي الذي يتعرّض له رأس التنظيم في الجزائر بفعل الضّربات العسكرية المتوالية.
أما ألان أنتيل، الخبير لدى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (Ifri)، المتخصِّص في شؤون الساحل والصحراء فقال ل swissinfo.ch، إن الذِّراع الصحراوية ل "القاعدة"، تشكِّل قِطعة من لُعبة "Puzzle" مُعقّد، يجمع شبكات التّهريب القوية في المِنطقة وجماعات قبلية متمرِّدة تقليديا على الحكومات المركزية، مثل الطوارق.
وأشار إلى أن عناصِر مكافحة المخدِّرات الأمريكيين، اعتقلوا في غانا في وقت سابق ثلاثة ماليين على ارتباط ب "القاعدة". واستنتج إمكان تطوّر الوضع في الساحل والصحراء إلى حالة كولومبية، حيث تتداخل عناصر "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (Farc) مع شبكات المخدرات، وما يُؤكِّد هذا الاحتمال، النزول الاضطراري لطائرة نقْل من طِراز بووينغ 727 مُحمَّلة بعشرة أطنان من القنّب وقادمة من كولومبيا عبْر فنزويلا، في مطار صغير في الصحراء الواقعة شمال مالي.
واتّضح أن رحلة الطائرة، التي تملكها واحدة من الشبكات الدولية لتجارة المخدِّرات، واحدة من الرحلات الكثيرة بين أمريكا الجنوبية وأوروبا عبْر غرب إفريقيا لنقل المخدّرات. ويعتقد أنطونيو ماريا كوستا، مدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدّرات والجريمة، أن الجماعات المسلحة تستفيد من تجارة المخدّرات لتسليح عناصِرها ودفْع رواتبهم وتمويل العمليات التي يُكلَّفون بتنفيذها.
حساسيات
مع تزايُد شبح التّحالف بين الجماعات المسلحة وشبكات المخدّرات والتهريب، تتّجه الجزائر إلى توثيق التعاون العسكري والأمني مع بلدان الساحل والصحراء، مع مُراعاة حساسية البلدان المعنِية التي قد تتضايَق من زعامة الجزائر للمِحور الجديد.
فمع مالي، ليست العلاقات على ما يُرام منذ إقدام سُلطاتها على إطلاق أربعة عناصر موريتانية من "القاعدة" كانوا معتقلين لديها، نزولا عند ضغوط فرنسية لقاء إطلاق الرهينة بيير كامات. وأتى ردّ الفعل الموريتاني والجزائري قويَّيْن باستِدعاء سفيريْهما من باماكو، إلا أن العلاقات عادت إلى مجاريها في الآونة الأخيرة، مثلما أكّد ذلك مختار وان، وزير الخارجية المالي خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الجزائرية.
أما مع ليبيا، فالأمور أيْسر وأعقَد في الآن نفسه، إذ يُعتبر العقيد القذافي أول العرب الذين استهواهم إغواء الزعامة في منطقة الساحل والصحراء، بإقدامه على تأسيس تجمّع "سين صاد" في 1998 وتعيين مدني الأزهري، أحد المقرّبين منه، أمينا عاما له، إلا أن ثلاثة متغيِّرات نقلت الاهتمام الليبي بعيدا عن المِنطقة، وهي استضافة القمة العربية الأخيرة مع احتمال استضافة قمة ثانية (طارئة)، ما جعل القضايا العربية تتصدّر الأجندة الليبية للفترة المُقبلة. وثانيها، طي صفحة الصِّراع داخل ليبيا مع "الجماعة الليبية المقاتلة"، التي كان بعضُ عناصِرها أعلَنوا ولاءهم ل "القاعدة". وثالثها، إخفاق القذافي في الفوْز بولاية ثانية على رأس الإتحاد الإفريقي في قمّة أديس أبابا الأخيرة، ما جعله يشعُر بخيْبة أمل من الأفارقة.
من هذا الفراغ النِّسبي، دخل الجزائريون بقوّة إلى مسرح الساحل والصحراء، مع مُراعاة حساسية اللِّيبيين، بوصفهم القوّة المالية والعسكرية الوحيدة القادِرة على مُنافستهم أو التّشويش عليهم. ومن هنا، حرِصوا على دعْوة موسى كوسة، وزير الخارجية اللِّيبي إلى اجتماع وزراء خارجية الدول السبع في الجزائر، ولوحظ أن كوسة كان وزير الخارجية الوحيد الذي استقبله الرئيس بوتفليقة، فيما اكتفى الباقون بحضور مأدُبة عشاء أقامها على شرفهم رئيس الوزراء أحمد أويحيى.
وبعد معالجة الحساسيات مع الجيران الثلاثة، المغرب وتونس وليبيا، يُتَوقّع أن ينطلِق الجزائريون إلى تشكيل قوّة تدخّل إقليمية تُتيح لهم ملاحقة الجماعات المسلحة في بلدان الساحل والصحراء، بالتعاون مع قوات محلية، بعد تأمين العناصر الثلاثة التي تنقصُها، وهي التدريب والتسليح والمعلومات الإستخباراتية. والأرجَح، أن العواصم الغربية ستجِد نفسها مضطرّة لدعْم المبادرة، على رغم شكْواها الدائمة من أن الجزائري شريك صعْب المراس.
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.